من الاستيراد إلى التصدير.. قطاع الطاقة المغربي يمضي بخطى ثابتة
تمضي المملكة المغربية بخطى ثابتة ليس لتحقيق الاستقلال فقط في قطاع الطاقة، بل للاكتفاء الذاتي من الطاقات المتجددة، وتصديرها إلى الخارج.
وتضع المملكة المغربية، وفقاً للرؤية الملكية في هذا الصدد، أهدافاً طموحة في مجال الطاقات المتجددة، وتضع لتحقيقها استراتيجية عملية، واضحة المعالم والمراحل.
على خطى الاستقلال
أميمة خليل الفن، الباحثة المتخصصة في الهندسة البيئية والتنمية المستدامة. تشدد على أن المغرب من بين الدول الأولى التي توجهت نحو الطاقات المتجددة.
وعلى الرغم من تسجيل البلاد عجزا بتوفير الطاقة اللازمة محليا بنحو 80 بالمائة عام 2020، تقول أميمة خليل الفن لـ"العين الإخبارية": هناك سير نحو تحقيق الاستقلالية بقطاع الطاقة من خلال تبني مشروع طاقة والمتجلي في البرنامج الوطني الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2009، والذي تهدف رؤيته إلى تحقيق نسبة 30 بالمائة من الاكتفاء بقطاع الطاقة بحلول عام 2023.
- المغرب على طريق الريادة بقطاع الطاقة.. إرادة سياسية ومقومات طبيعية
- مؤتمر الطاقة بالمغرب.. رؤية مستقبلية للقطاع
"ولكن تطورت وتسارعت هذه الرؤية لتصل إلى تحقيق هدف 50 بالمائة من الاكتفاء بقطاع الطاقة في حدود 2030، ثم تم تبني العديد من الاستراتيجيات المواكبة، مثل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، والتي كان في صلبها التوجه الطاقي"، تقول أميمة خليل.
رؤية مستقبلية
ووفق رؤية مستقبلية استراتيجية، تسهر المملكة على تسريع انتقالها الطاقي، خاصة بعد إحداث وزارة "الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة".
هذه الخطوة، بحسب أميمة خليل الفن، تؤكد على وجود رؤية مستقبلية استراتيجية بجانب وجود إرادة ملكية كبيرة، والتي أصبحت اليوم رهانا دوليا وليس وطنيا فقط، بحكم أن المغرب من الدول التي تعاني من التغير المناخي بالرغم من أنها من الدول التي تنتج نسبة قليلة من الانبعاث الغازي إلا أنها من الأكثر تضررا من هذه الأزمة.
"كما أن هناك إرادة سياسية كبيرة والتي تجسدت في آخر قمة للمناخ، إذ تعهد المغرب بإنقاص الانبعاثات الغازية من 13 إلى 40 بالمائة في حدود 2030". بحسب المتحدثة.
وقالت الخبيرة البيئية، إن هناك العديد من الخطوات التي يتخذها المغرب في هذا المجال والتي ستجعل منه قوة طاقية في المستقبل، كما كان للمغرب الصدارة في تقييم مؤشر المناخي، حيث تجاوز الدول الأوروبية وهو يدل على سيره نحو تحقيق الاكتفاء مستقبلا، وهذا الشيء مرغوب دوليا وليس وطنيا فقط.
مُصدر
وبينما تعمل المملكة المغربية اليوم على تحقيق اكتفائها الذاتي من الطاقات النظيفة، تتوقع أميمة خليل الفن، أن تصبح المملكة مُصدراً للطاقات النظيفة، بينما كانت قبل سنوات تعتمد على الطاقات المستوردة.
وفي هذا الصدد، تقول الفن "بالنظر إلى أن الرؤية الملكية لها بعد مستقبلي كبير، فهدف بلوغ 50 بالمائة عوض 30 بالمائة عام 2023، من إنتاج الطاقة الكهربائية، سيكون له تبعات إيجابية من بينها أن يكون المغرب من الدول العربية الرائدة في مجال الطاقات المتجددة، وبالنظر إلى أن الدول المجاورة للمغرب يعتبر هذا الأخير رائدا".
كما أن التوجه العالمي نحو النجاعة الطاقية فهذا سيجعل من المغرب دولة رائدة ومصدرة للطاقات المتجددة في المستقبل القريب، وبالتالي فإن السبق الذي حققته المملكة في هذا الصدد، لن يجعل منها مُجرد منتج لحاجياته الداخلية من الطاقات المتجددة، بل مُصدرا لها.
تبادل خبرات
وتربط المملكة المغربية علاقات وثيقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تعتبر من البلدان الرائدة في مجال الطاقات النظيفة، من خلال استعمال تقنيات جد حديثة وجد مبتكرة.
وتؤكد أميمة خليل الفن، أن المغرب بحكم شراكاته واتفاقياته الدولية سيتمكن من الاستفادة من الخبرات الدولية الكبيرة، لافتة أن هذا الأمر يبرز من خلال الآليات المتطورة التي تم استعمالها في عدد من مشاريع البلاد.
وأكدت أن "الرهان الطاقي كبير جدا اليوم لكل دول العالم، وهو ما يعكس رغبت المغرب الذي توفر على مجموعة كبيرة من الموارد من الطاقة الشمسية والريحية، وهو ما يجعل الأنظار تنصب نحوه، وبالتالي سيستفيد أيضا من الاستثمارات العربية وأيضا الخارجية الأخرى، وهو ما يؤهله ليكون دولة منتجة لطاقة المتجددة ولما لا تصدي الطاقة نحو الدول الخارجية".
وفي هذا الصدد، تستعرض المملكة المغربية الخبرات الطاقية في مؤتمر الطاقة الخامس عشر بمدينة الرباط، غدا الإثنين.
ويلتقي في هذا الحدث الهام، نخبة من الخبراء الدوليين والمغاربة في قطاع الطاقة، خاصة النظيفة منها، وذلك لبحث الحصيلة المرحلية للانتقال الطاقي، وآفاق القطاع في العام 2035.
المؤتمر الذي تحتضنه العاصمة الرباط تنظمه فيدرالية الطاقة، بشراكة مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب. تحل فيه دولة الإمارات العربية المتحدة كضيف شرف.
تُشارك الإمارات بوفد رفيع، يرأسه الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي.
ومن المنتظر أن يلقي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، كلمة باسم دولة الإمارات خلال فعاليات دورة هذا العام لمؤتمر الطاقة بالمملكة المغربية.
وعلى غرار دوراته السابقة، تطرح الدورة الخامسة عشرة للمؤتمر جملة من إشكاليات قطاع الطاقة التي تواجه العالم اليوم، كما سيبحث المشاركون فيه سبل تعزيز بدائل الطاقة النظيفة والمستدامة.
ونُظمت آخر دورة للمؤتمر عام 2018، إذ اختير لها شعار: "الانتقال الطاقي: أي استراتيجية إقليمية في أفق 2050؟".
aXA6IDE4LjExOS4xMDcuMTU5IA== جزيرة ام اند امز