المغرب.. الوجهة المفضلة لصناع أفلام هوليود
وديان وصحراء ومدن المغرب، تحوّلت مؤخرا بفضل سحر صناعة السينما، إلى مدن عراقية أو إيرانية أو شواطئ مقديشيو المقفرة
تحوّلت وديان وصحراء ومدن المغرب، مؤخرا بفضل سحر صناعة السينما، إلى مدن عراقية أو إيرانية أو شواطئ مقديشيو المقفرة؛ ففي ظل حالة انعدام الاستقرار التي تشهدها غالبية دول العالمين العربي والإسلامي في الوقت الحالي.
وبات المغرب مقصدا لتصوير الأفلام الأجنبية التي تحتاج إلى مواقع تصوير شرقية.
وقال صارم الفاسي الفهري، مدير المركز السينمائي المغربي الذي يعد الجهة المسؤولة عن تسليم تصاريح التصوير للأجانب، إن المغرب هو "البلد الوحيد الذي هرب من الاختلال الذي اجتاح العالم العربي؛ فاستقرارنا والإمكانات التقنية التي نوفرها جعلتنا بمثابة الفرصة الأخيرة لتصوير أعمال في مواقع "شرقية"، وفق صحيفة "هيسبريس" المغربية.
فصوّر المخرج ريدلي سكوت فيلمه "Black Hawk Down" أو "سقوط الصقر الأسود" في المغرب، بالرغم من أن أحداث الفيلم تدور في العاصمة الصومالية مقديشيو حول عملية عسكرية أمريكية حقيقية.
وكانت مدينة الفلوجة العراقية في فيلم "American Sniper" للمخرج كلينت إيستوود وبطولة برادلي كوبر في الحقيقة مدينة سلا بضواحي الرباط؛ حتى أن ممثلي "الكومبارس" كانوا من المغرب، وسيارات الجيب العسكرية والأسلحة كلها كانت مغربية.
وفي الآونة الأخيرة، استضافت مدينة مراكش تصوير أحدث أفلام الممثل الأمريكي الشهير نيكولاس كيدج "Army of One" أو "جيش من فرد واحد" الكوميدي الساخر المستلهم من قصة حقيقية لعامل بناء كان يسعى إلى القبض على زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.
ولا يقتصر الأمر على السينما فقط، بل أيضا الأعمال التليفزيونية. وكمثال على هذا يبرز انتقال مواقع تصوير مسلسل "Homeland" أو "أرض الوطن" من الأردن وإسرائيل إلى المغرب في الموسم الثالث الذي صورت فيها مشاهد طهران بين الرباط والدار البيضاء؛ وهو الأمر الذي لقي نجاحا، والدليل هو تصوير الجزء السادس من المسلسل حاليا في الشوارع المغربية.
وفي مسلسل "Game of Thrones" أو "صراع العروش" ظهرت الصويرة كمدينة "أستابور"، بينما كانت المدينة المحصنة هي في الحقيقة مدينة آيت بن حدو بإقليم ورززات المغربي.
وساعد في انجذاب صناع السينما والتلفزيون العالميين إلى المغرب تاريخ البلد الطويل مع الفن السابع، حيث شهد تصوير أول فيلم في 1919؛ وهو ما جعله يحظى بالتكنولوجيا اللازمة لصناعة السينما، سواء من تقنيات الإضاءة والصوت إلى ديكور مرورا بالمكياج. كما أن المغرب يتمتع بالطبيعة والعمارة التقليدية.
ومن عوامل الجذب الأخرى، يبرز إعفاء المواد والخدمات المستعملة من لدن الشركات الأجنبية التي تصور أفلامها بالمغرب من الضريبة على القيمة المضافة وعدم التأمين الاجتماعي على العاملين في قطاع السينما، حيث إن أغلبهم يعملون بشكل حر، وفقا للفاسي الفهري، الذي أشار إلى أن الجيش المغربي يقدم لصناع السينما جميع أنواع السيارات والأسلحة وحتى المنشآت العسكرية بأمر من العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني.
ويضاف إلى هذا اهتمام غالبية مؤسسات الدولة بهذه الصناعة القادمة من الخارج؛ فعلى سبيل المثال، أغلقت هيئة الطرق بالمغرب أجزاء من طريق لعدة أيام للسماح للنجم الأمريكي توم كروز بتصوير لقطات من الجزء الخامس من فيلم "Mission Impossible" أو "مهمة مستحيلة".
كما أن مجلس الدار البيضاء حوّل ساحة مركزية إلى ميدان "تيانانمين" الصيني في بكين؛ وذلك حتى يتمكن المخرج الشهير مارتين سكورسيزي من تصوير فيلم "كوندون" عام 1997.
وبطبيعة الحال، يعد هذا مصدر دخل مهما للمغرب؛ فمدير المركز السينمائي المغربي يشير إلى أن تصوير عمل أجنبي في المغرب يوفر العمل لـ200 شخص مغربي على الأقل من العاملين في صناعة السينما، بالإضافة إلى أعمال كهرباء ونجارة ودهان تحتاج لعمال قد يصل عددهم إلى ألف شخص.
في بعض الحالات، كما حدث أثناء تصوير "مهمة مستحيلة" أيضا دفعت شركات إنتاج أجنبية مبالغ إلى سكان أحد أحياء مقابل عدم فتح النوافذ أثناء تصوير مشاهد مطاردة بالسيارات. وحينها، حصل كل منزل على نحو 200 دولار مقابل "عدم النظر".
وفي مناطق مغربية، يعد تصوير الأعمال الأجنبية مصدر الدخل شبه الرئيسي؛ ففي إقليم ورززات، ينشط سوق العمل فقط عندما يأتي أجانب لتصوير مشاهد سجن يمني، كما كان الحال مع مسلسل "Prison Break" أو "الهروب من السجن"، أو مشاهد في فيلم "Galdiator" أو "المصارع" أو أي فيلم عن أنبياء أو فراعنة.
ومع ذلك، أرباح هذه الاستثمارات ليست بالضخمة؛ ففي سنة 2015، جرى استثمار 420 مليون درهم (نحو 43 مليون دولار) في البلد خلال تصوير أعمال أجنبية. هذا الرقم من الممكن أن يتضاعف إذا وافقت الحكومة على فكرة "cash rebate" أو تخفيض النفقات.
وحسب الفاسي الفهري، تطبق الكثير من الدول هذا الأمر؛ وهو ما يسمح للمنتج السينمائي باستعادة نسبة من استثماراته يمكن أن تتراوح ما بين 20 و35 في المائة.
وأعرب الفاسي الفهري عن أسفه؛ لأن الحكومة السابقة، بزعامة حزب العدالة والتنمية، رفضت تخفيض 20 في المائة من نفقات الأفلام الأجنبية التي تصور بالمغرب، الأمر الذي يعتبر أنه قد يضاعف الاستثمارات السينمائية الأجنبية بالبلد العربي.