المدرسة المولوية.. هُنا يُصنع مُلوك المغرب بصرامة
في الدستور المغربي، الملك هو رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها.
ويقول الفصل الأربعون من أسمى قانون في البلاد، "يسهر الملك على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة".
في الوثيقة ذاتها، وقبلها قلوب المغاربة ووجدانهم، الملك، هو أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
مهام جليلة، ومكانة عظيمة، قبل توليها، يمر الملك في مسار خاص، منذ السنوات الأولى من عمره، وهو ولي للعهد، إلى أن يعتلي عرش أسلافه المُنعمين.
في هذ المسار، يتلقى أولياء عهد المغرب وأمراؤه تعليماً خاصاً، يُشرف عليه الملك بشكل شخصي، ويتكلف به ثُلة من أجود الأساتذة والأكاديميين.
مع الشعب..
لا يتلقى الأمير، أو ولي العهد تعليمه الخاص بالمدرسة المولوية وحيداً، معزولاً عن أبناء شعبه. بل يُقسامه مقاعدها، عدد من أقرانه من عامة الشعب، يتم اختيارهم بعناية، ويتميزون بذكاء وتفوق دراسي كبير.
وللولوج إلى المدرسة المولوية، يتم اختيار عشرة من أبناء الشعب يتوفر فيهم عدة شروط، وهي نفس تاريخ ميلاد ولي العهد، والتفوق الدراسي، بالإضافة إلى تمتع أسرهم بسمعة جيدة.
الأمير مولاي الحسن، ولي عهد المغرب، على غرار والده العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وجده الحسن الثاني رحمه الله. تلقى تعليمه في هذه المدرسة، في نظام صارم، وبرنامج مُركز.
عام 1942، قرر السلطان الراحل، الملك محمد الخامس، إنشاء المدرسة المولوية، لإعداد الراحل الملك الحسن الثاني، الذي كان آنذاك ولياً للعهد.
فكرة الملك محمد الخامس، جاءت لمنح الملك القادم للبلاد تعليما جيداً، لكن بصبغته المغربية، خاصة وأن البلاد كانت حينها تحت الاستعمار الفرنسي.
ويخضع الأمراء وزملاؤهم في الدراسة داخل المدرسة المولوية إلى تعلم اللغة العربية و حفظ القرآن الكريم و دراسة الفقه، بالإضافة إلى مواد أخرى.
ويعتبر الملك الراحل الحسن الثاني أول ثلاميذ هذه المدرسة، دخلها و عمره 13 سنة. إذ اختار السلطان محمد الخامس آنذاك مجموعة من الأساتذة، لإعداد المنهج التعليمي والدروس التي ترتكز على الهوية المغربية، كما أنها تضم بعض ما جاء به النظام التعليمي الفرنسي في تلك المرحلة.
جدية وصرامة
يتربى ولي العهد المغربي منذ سنواته الأولى تربية جدية و صارمة، إذ يتم الحرص على تعليمه حتى التفاصيل الصغيرة في جميع مناحي الحياة حتى المتعلقة منها بالمأكل والملبس والمشي واستقبال الضيوف.
ويتكلف بهذه الأمور فريق متخصص، بحسب البروتوكول الملكي الصارم والذي يتربى عليه أمراء الأسرة ويتميز بقدمه بالمغرب.
ويمر ولي العهد خلال مراحل دراسته بمسار خاص، إذ يتركز تعليمه الأولي على حفظ قصار السور من القرآن الكريم، وتلقي أساسيات النحو والتفسير، تحت نظام صارم وخاص.
وخلال فترة دراسة الملك محمد السادس بالمدرسة المولوية آنذاك ، قرر الملك الحسن الثاني أن يجعل أيام دراستهم متصلة باستثناء يوم واحد للعطلة و الراحة.
ويبدأ اليوم الدراسي للأمير وزملائه باكرا في المدرسة المولوية، إذ تنطلق الدروس في الساعة السادسة صباحا، بحصة حفظ واستظهار للقرآن الكريم على الطريقة التقليدية المغربية، ثم تتوالى بعده باقي المواد، وذلك على مدار 45 ساعة طيلة أيام الأسبوع الدراسية.
أما يوم السبت، فيكون تلاميذ المدرسة المولوية على موعد خاص مع حصة للسينما، و التي يعرض فيها إما فيلم وثائقي أو فيلم من سينما المؤلف، و يتم اختياره بعناية فائقة.
بالموازاة مع الدروس النظامية داخل المدرسة المولوية، يحرص فريق خاص من الدرك الملكي و الجيش على إعداد و تنفيذ برنامج رياضي وعسكري يتناسب مع ولي العهد وزملائه.
مرحلة جديدة
وبعد أربع سنوات من الدراسة في المدرسة المولوية، تنتهي المرحلة الإعدادية لدى ولي العهد، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة.
ويحضر ولي العهد خلال هذه المرحلة إلى جانب والده خلال ملتقيات وتظاهرات محلية وأخرى دولية، و قد يقوم بتدشين مشاريع أو أنشطة خاصة بالأطفال والشباب.
وحينما يصبح ولي العهد في هذه المرحلة تصير المدرسة و تلاميذها وطاقمها مرافقا له أينما حل وارتحل، داخل المغرب أو خارجه، حرصا على عدم انقطاع هذه الدروس أيا كانت الأسباب والدواعي .
وتخضع المدرسة المولوية ومقرراتها لتحديثات دائمة حتى تساير التطور الحاصل في العالم، وتواكب تغيراته في مختلف المجالات والتخصصات.
ومن بين التحديثات التي وقعت خلال دراسة الأمير الحسن ولي العهد الحالي، إحداث قاعة خاصة بالمعلوميات، والتي يدرس فيها الأمير كل ما له علاقة بتكنولوجيا التواصل والإعلام الاجتماعي.
كما انتقل ولي العهد إلى الدراسة في كلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة بنجرير.
ومن أبرز خريجي المدرسة المولوية إلى جانب ملك البلاد، فؤاد عالي الهمة، الذي شغل منصب وزير داخلية، ويشغل الآن منصب مستشار بالديوان الملكي، كما يعتبر من أكثر الأشخاص قرباً من الملك.
ومن بين زملائه، المؤرخ حسن أوريد، الذي شغل منصب الناطق باسم القصر في مرحلة معينة، وأيضاً كان والياً على منطقة مكناس. بالإضافة إلى منير الماجدي، السكريتير الشخصي للملك، وياسين المنصوري مسؤول المخابرات الخارجية للبلاد.
aXA6IDE4LjE4OC45Ni4xNyA= جزيرة ام اند امز