سياسة
16 مايو.. تاريخ لا ينساه المغرب عنوانه "مواجهة الإرهاب"
يحيي المغرب، الإثنين، الذكرى 19 لتفجيرات 16 مايو/ آيار 2003 في الدار البيضاء، والتي راح ضحيتها 45 شخصا وعرفت إصابة نحو 100 آخرين.
وقد عمل المغرب على تبني مقاربات عديدة سواء في المجل الفكري والديني، أو العمل الأمني والعسكري، وكذا المقاربة الأمنية الاستباقية، مما جعله يحظى بتقدير دولي، وكان آخره انعقاد مؤتمر مكافحة تنظيم "داعش" بمراكش.
فاعل ملتزم
مكنت المقاربة الأمنية الاستباقية المغربية من تفكيك عدة خلايا إرهابية وإجهاض عدة عمليات تخريبية، خصوصا بعد ظهور تنظيم داعش، على ساحة الأحداث بالمنطقة السورية العراقية، وتفريخه لخلايا بمناطق أخرى من العالم.
في هذا الإطار، قال محمد بودن المحلل السياسي، إن المغرب كرس اسمه كفاعل ملتزم بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف وكأحد الشركاء الاساسيين في المبادرات الدولية للتصدي للإرهاب.
وأضاف بودن في تصريحه لموقع "العين الإخبارية" أن المملكة المغربية ترتكز على استراتجية متكاملة تقوم على عدة محاور أساسية.
وأوضح المتحدث ذاته، أن من هذه الاسترانيجية، التدابير الامنية التي ترتكز على المقاربة الاستباقية و الجاهزية واليقظة والمقاربة القضائية بدل المقاربة التصفوية.
ومنها كذلك سياسات وطنية على المستويين الديني و الاحتماعي، "ويمكن أن نستحضر في هذا الإطار برنامج إصلاح الحقل الديني والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج مصالحة وغيرها".
وأضاف بودن، أن هناك التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب وتهديداته بحيث تقوم المؤسسات المختصة بعمل استخباراتي وأمني وتنظيمي يومي من أجل حماية السيادة والأمن والاستقرار والإنسان والممتلكات من التهديدات الإرهابية.
كما أنها، يُضيف بودن، تضع تجربتها في إطار التعاون الدولي لدعم جهود شركاء المغرب، "ونستحضر مساهمة المغرب في تفكيك وإحباط خلايا إرهابية خارج البلاد بتعاون مع مؤسسات أمنية بالبلدان الشريكة أو مع الأنتربول والأوروبول وكذلك في إطار التزامات المغرب المؤطرة بموجب اتفاقيةَ بودابست.
وأبرز المحلل السياسي أن المغرب يعمل على التصدي للمحتويات المتطرفة في الفضاء السيبراني والمجتمع الافتراضي ودعم مبادرات الاستقرار في العالم.
وأكد بودن أن المملكة المغربية كفاعل وشريك أساسي في مكافحة الإرهاب لا يعتمد على التدابير الأمنية فقط بل يقوم بتطوير منظومة يقظة تعمل على توقع المخاطر والتهديدات.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن كرونولوجيا تؤكد تفكيك المشاريع الإرهابية واقعا محاطا بسلسلة تحديات ليست ظرفية، مشيرا إلى أن الاستراتيجية المغربية لمكافحة الإرهاب حققت الكثير من النتائج التي جنبت البلاد أضرارا كبيرة.
وبفضل المقاربة الأمنية الاستباقية التي اعتمدتها المملكة منذ تفجيرات 16 مايو/آذار 2003، تم تحقيق نتائج إيجابية في ميدان محاربة الجريمة الإرهابية.
وتم منذ عام2002 تفكيك أكثر من 210 خلايا إرهابية على خلفية إيقاف ما يزيد عن 4304 أشخاص منها، ومنذ مطلع 2013 تم تفكيك مجموع 88 خلية، على ارتباط وطيد بالمجموعات الإرهابية بالساحة السورية العراقية، لا سيما داعش، كما تم إحباط ما يزيد عن 500 مشروع تخريبي.
رجة كبيرة
في هذا السياق، يقول محمد الطيار الخبير الاستراتيجي العسكري، إن أحداث الدار البيضاء شكلت رجة أمنية كبيرة، بدأت معها مرحلة جديدة في المغرب.
وأوضح الطيار في حديثه مع "العين الإخبارية" أن هذه المرحلة تميزة بمراجعة سياسيتها الأمنية بشكل دقيق، والتي منها إصلاحات على المستوى التشريعي ومنها قانون 00.03 المتعلق بالإرهاب.
وأضاف المتحدث ذاته، أن تم كذلك تجهز قوانين أخرى متعلقة بمحاربة الإرهاب وأشكال منها الجانب المالي أو جانب الاتجار بالبشر.
وفيما يخص الجانب الثاني، يُضيف الطيار، فقد تم التركيز على فتح مشاريع تنموية باعتبار أن الهشاشة الاجتماعية تشكل مصدرا من مصادر استقطاب الشباب للخلايا الإرهابية.
وأبرز المتحدث عينه أنه تم إجراء إصلاحات على كذلك المستوى الديني، وذلك بشكل يواكب تطورات المجتمع والعصر.
وفيما يخص المؤسسات الأمنية، يوضح الخبير الاستراتيجي، فقد تم إجراء إصلاح واسع على هيكلتها، "سواء في الجانب القانوني أو في الجانب التكنولوجي والعلمي في هذا المجال".
وأوضح الطيار، في التصريح نفسه، أن هذا ما أول المغرب إلى "إصدار الهوية الرقمية فيما يخص الأفراد".
وأشار المتحدث ذاته، أنه تم مواكبة الشرطة العلمية للحصول على آخر المعدات في مجال عملها، مشيرا إلى العمل من جهة أخرى على تحسين وضعية موظفي جهاز الأمن الوطني.
تنسيق دولي
وأكد الخبير نفسه، أن المغرب يعمل مع الشركاء الدوليين المختلفين من أجل التصدي للأخطار الأمنية والتهديدات الإرهابية المتنوعة ومحاربة الفكر المتطرف.
وأضاف أنه تم توطيد العلاقة مع بين الاستخبارات المغربية ونظيرتها في مختلف الدولة الصديقة للمغرب، لافتا لانتهاج المغرب "سياسة المقاربة الاستباقية".
وأبرز المتحدث عينه، أن هذه المقابة مكنت من تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية قبل القيام بأي عمل يهدد سلامة الأشخاص والممتلكات سواء في داخل المغرب أو خارجه.
وحقق المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج) منذ إنشائه نتائج إيجابية في مكافحة الجريمة الإرهابية، حيث تمكن من تفكيك 83 خلية إرهابية، منها 77 لها علاقة بـ"داعش".
وتم تفكيك 21 خلية إرهابية عام 2015، و19 خلية عام 2016، و9 خلايا عام 2017، و11 خلية في 2018، و14 خلية عام 2019، و8 خلايا عام 2020، وخلية واحدة في 2021 إلى حدود الآن، وثمانية من هذه الخلايا كانت مسلحة.
وتمكن "البسيج" من إيقاف 1347 شخصا في إطار قضايا الإرهاب، منهم 54 شخصا من ذوي السوابق القضائية في قضايا الإرهاب، و14 امرأة و34 قاصرا.
كما عالج المكتب ذاته، بخصوص العائدين من بؤر التوتر، 137 حالة، منهم 115 حالة من الساحة السورية العراقية، و14 من ليبيا و8 أشخاص تمت إعادتهم من سوريا إلى أرض الوطن.
وفيما يتعلق بتتبع المقاتلين المغاربة الملتحقين بالساحة السورية العراقية، تم اعتقال أزيد من 1659 مقاتلا مغربيا ببؤر التوتر، و225 منهم من ذوي السوابق في إطار قضايا الإرهاب.
وبلغ مجموع العائدين 270 شخصا من بينهم 137 تمت معالجة حالاتهم على مستوى المكتب المركزي، بينما لقي أكثر من 745 مقاتلا حتفهم بالساحة السورية العراقية، أغلبهم عن طريق تنفيذ عمليات انتحارية.
أما في ما يخص النساء الملتحقات بالمنطقة السورية العراقية فبلغ عددهن حوالي 288 امرأة، عادت من بينهن إلى المغرب 99 امرأة فقط، وبلغ عدد الأطفال 391 طفلا، عاد منهم 82 فقط.
كما ساهم المغرب في إحباط مخططات إرهابية بالخارج من خلال التنسيق والتعاون المشترك مع شركائه وتبادل المعلومات والخبرات.