المغرب.. اتفاقية بين 3 هيئات قضائية لمحاصرة الفساد
تمضي المملكة المغربية نحو تشديد أكبر على ناهبي المال العام والمُفسدين، وتضييق الخناق على تحركاتهم.
جاء ذلك في اتفاقية ثُلاثية وقعتها كل من مؤسسة النيابة العامة، والمجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز الجهود المبذولة في مجال تخليق الحياة العامة ومكافحة كافة أشكال الفساد.
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها "العين الإخبارية"، فإن الاتفاقية ترمي إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين المؤسسات الثلاث لمحاصرة كل أشكال الفساد التي تؤثر سلبا على التدبير العمومي وتخليق الحياة العامة.
كما تهدف أيضاً إلى تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة.
وبموجب الاتفاق الثلاثي الموقع بالرباط، ستتعاون المؤسسات الثلاث بشأن تكوين ودعم قدرات قضاة المحاكم المالية وقضاة المحاكم الزجرية، والتنسيق بشأن معالجة الشكايات والوشايات والتقارير ذات الصلة بالجرائم المالية وتبادل الوثائق المتعلقة بها والاجتهادات القضائية المتميزة.
اتفاق تاريخي
وفي تعليق له بالمُناسبة، قال محمد عبد النباوي الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن المذكرة التي تم توقيعها اليوم "يستحق أن يُسجله التاريخ".
ولفت إلى أن التعاون بين المؤسسات الثلاث، من شأنه تحقيق النجاعة في مجال مكافحة الفساد.
وتكتسي محاربة الفساد، بحسب المتحدث، أهمية بالغة بالنسبة لمصير كل بلد بالنظر للآثار السلبية للفساد على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومساسه بمبادئ الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص.
بالإضافة إلى تكريسه لثقافة الغش والتواكل، وتأثيره على الأمن الاجتماعي، فضلا عما يلحقه من أضرار بالمال العام، وتبديد لموجودات المواطنين، ولا سيما أموال دافعي الضرائب، يورد عبد النباوي.
ضرورة التعاون
وأضاف أن ضرورة التعاون بين السلطة القضائية المغربية والمجلس الأعلى للحسابات، يمليها أيضا العمل الذي تقوم به مختلف المؤسسات المعنية في مجال تنفيذ الأهداف الاستراتيجية لاتفاقية “ميرندا” لمكافحة الفساد، التي تعد من أهم اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بتوفير شروط النزاهة في المجتمعات، والتي صادق عليها المغرب.
ووجه المتحدث دعوة إلى مختلف سلطات ومؤسسات البلاد، إلى تفعيل الآليات القانونية وتطوير أساليبها التقليدية وتطوير وسائل التعاون، لتكون في المستوى المطلوب لمحاربة الفساد ودعم النزاهة وتخليق الحياة العامة وترسيخ المبادئ الدستورية السامية المتعلقة بالحكامة الجيدة، التي خصص لها الدستور 18 فصلا من مواده.
وأشار إلى أن مذكرة التعاون بين السلطة القضائية والمجلس الأعلى للحسابات، ستشكّل إطارا حقيقيا للتعاون يسهّل اضطلاع كل جهة بمهامها للتصدي للفساد في مجال التدبير العمومي، وتخليق الحياة العامة، وحماية مبادئ الحكامة الجيدة، والشفافية والمحاسبة بالنسبة للأجهزة العمومية.
قنوات جديدة
وكشف أن التعاون بين المؤسسات الثلاث سيتم عن طريق إرساء قنوات حداثية لتبادل المعلومات والخبرات والتجارب، وتعزيز قدرات العنصر البشري وإذكاء مهاراته في الجوانب التقنية والقانونية وفتح جميع آفاق التعاون.
أما قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للعاهل المغربي، لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، فقد شدد على أن تحقيق الغايات المرجوّة من السياسات الوطنية في مجال مكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة، يقتضي مقاربة الموضوع من جميع الزوايا عبر اعتماد تدابير للوقاية وأخرى للزجر دون إغفال الجوانب ذات الصلة بالحكامة والتربية والتكوين والتوعية والتحسيس.
ولفت إلى أن مكافحة الفساد تقتضي أيضا تكامل الأدوار وتنسيق الجهود من أجل ربط المسؤولية بالمحاسبة، وكشف كافة أشكال الاختلالات والممارسات والسلوكيات التي تمس بنزاهة وشفافية المرفق العمومي وجودة الخدمات العمومية ومساواة المواطنين في الاستفادة منها.
وأضاف أن الجرائم المالية، كما أثبتت التجربة، تبقى من الجرائم التي تجمع بين ما هو قانوني وما هو تقني محاسباتي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التمكن من فهم تفاصيلها ومكافحة كافة صورها دون تضافر جهود أجهزة الرقابة والتدقيق وسلطات إنفاذ القانون والسلطات القضائية.
ولفت إلى ضرورة تطوير التعاون بين المحاكم، ليوازيه حوار مباشر لتنسيق الجهود وتبادل الآراء والمشورة والتعاون في مجال التكوين.
وذلك بغرض الرفع من قدرات القضاة في مجال الجرائم المالية، وما يرتبط بها من إشكالات في مجال المحاسبة العمومية والصفقات العمومية والرقابة العامة على المالية العمومية، فضلا عن تبادل الاجتهادات القضائية المتميزة.
aXA6IDE4LjIyNy40OC4xMzEg جزيرة ام اند امز