الدبلوماسية الحكيمة تنصر المغرب في ملف الصحراء
نجحت الدبلوماسية الحكيمة للعاهل المغربي الملك محمد السادس في تحقيق انتصار استراتيجي جديد على مستوى ملف الصحراء المغربية.
ولأول مرة في تاريخها، تُعبر إسبانيا، الجارة الشمالية للمملكة، عن دعمها الصريح والمباشر للمبادرة المغربية لحل النزاع المفتعل في الصحراء، والمتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية المغربية.
وأمس الجمعة، عبرت إسبانيا، عبر رسالة وجهها رئيس حكومتها بيدرو سانشيز، إلى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، عن اعترافها بأن المبادرة المغربية لحل نزاع الصحراء، الأكثر جدياً وواقعية ومصداقية.
الرسالة حملت اعترافا من طرف الجار الشمالي للمملكة، بكون "المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" المتعلق بالصحراء المغربية.
من جهتها، ثمنت وزارة الخارجية المغربية، في بيان وصل "العين الإخبارية" نسخة منه، المواقف الإيجابية والالتزامات البناءة لإسبانيا بخصوص قضية الصحراء المغربية.
انتصار استراتيجي
التحول الكبير والواضح للموقف الإسباني تُجاه ملف الصحراء المغربية، يُعتبر نصراً دبلوماسيا كبيراً، بحسب حسن بلوان، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية.
بلوان قال لـ"العين الإخبارية"، إن إصدار إسبانيا، التي قبلت في وقت قريب باستقبال زعيم البوليساريو على ترابها بهوية مزيفة، موقف مثل هذا، يعد اختراقا غير مسبوق للدبلوماسية المغربية.
وتابع "نجد أن الدبلوماسية الحكيمة والمتأنية، للعاهل المغربي الملك محمد السادس، المُتسمة برؤية استراتيجية تستشرف المستقبل بسمة واقعية، تمكنت من تحقيق مكسب يُضاف إلى مكاسب عديدة، على رأسها الاعتراف الأمريكي الصريح بمغربية الصحراء، وأيضاً الزخم الدبلوماسي على مستوى الصحراء المغربية".
ولا يجب الحديث عن الموقف الإسباني بمعزل عن نظيره الألماني، الذي أكد على نفس الأمر، ووقف على أهمية ونجاعة الطرح المغربي في إنهاء هذا النزاع المفتعل في المنطقة لأعوام عدة.
وفي هذا الإطار، قال بلوان، "يُلاحظ المتتبع للملف الصحراء المغربية، أن المملكة تحصد بشكل متزايد دعماً إيجابياً من طرف دُول كانت إلى وقت قريب تُظهر دعماً صريحاً ومباشراً للأطروحة الانفصالية".
كُل هذه المُستجدات، وإذا أضفنا إليها الدعم الكبير الذي حصده المغرب قبل عامين تقريباً على خلفية تأمينه للحركة التجارية والمدنية بمعبر الكركرات، بعد تطاول مليشيات البوليساريو على المعبر وتجميد الحركة به لأسابيع، تعكس وعياً دولياً غير مسبوق بنجاعة الطرح المغربي، وواقعيته في حل هذا النزاع.
دلالات قوية
وعن دلالات هذا المنعطف التاريخي في الموقف الإسباني، وانعكاساته على الملف، يتحدث بلوان عن نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بنسف فكرة "الجمهورية الوهمية"، وتعزيز مصداقية الطرح المغربي لدى المجتمع الدولي.
ويوضح المتحدث، أن جبهة البوليساريو، ومن يدور في فلكها، يوجدون اليوم أمام حقيقة جلية، تتمثل في أن طرح إقامة "الجمهورية الوهمية"، لم يعد موجوداً إلا في أحلامهم ومخيلاتهم.
وتابع "هذا الطرح الانفصالي لم يعد له جدوى، وبالتالي فإسبانيا اليوم دقت آخر مسمار في نعش هذا الطرح الذي أثبتت المواقف الدولية أن لا فاعلية له"، مضيفا "كيف يُعقل أن نفرق بين أبناء الوطن الواحد؟ دما وثقافة وتاريخاً وتشبثاً بالقيادة التاريخية، "هل نقوم بهذا فقط لأن عشرات الأشخاص بدعم من دول أجنبية تريد تقسيم البلاد؟".
أما الرسالة الثانية، وفق بلون، فهي أن "الطرح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية، أثبت نجاعته، والذي بدأ فعلا بشكل أو بآخر من خلال نظام الجهوية الموسعة المُطبق في سائر أنحاء البلاد، والذي يمنح المسؤولين المحليين، المُنتخبين بطريقة ديمقراطية، صلاحيات أوسع في تدبير الشأن المحلي".
ومضى قائلا "يكفي فقط النظر إلى مدينتي الداخلة والعيون، وإحصاء المشاريع التنموية التي حولت المنطقة بشكل جذري، ورفعت من رفاهية عيش المواطنين في وقت قياسي جداً".
وخلص الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن هذا الموقف الإسباني سيكون له ما بعده، إذ سيُشجع العديد من الدول الأخرى على إبداء دعم صريح للطرح المغربي، لنجاعته الكبيرة.