هجوم موسكو.. فرصة ذهبية لـ«طالبان» و3 سيناريوهات روسية للرد
رغم إقراره بأن الهجوم «الدامي» على موسكو والذي خلف 143 قتيلا نفذه «إرهابيون»، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتهم أوكرانيا -أيضاً- بلعب دور ما، وهو ادعاء ينفيه المسؤولون في كييف بشدة.
وبعيدًا عن الاتهامات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا حول المسؤولية المباشرة أو غير المباشرة عن الهجوم، فإن الحادث الإرهابي الذي وقع الأسبوع الماضي، يعد الهجوم الأكثر حصدا للأرواح الذي يتبناه تنظيم «داعش خراسان» على الأراضي الأوروبية، مما طرح تساؤلات، كيف سيكون الرد الروسي؟ وماذا يعني هذا الهجوم بالنسبة للعلاقات الأفغانية الروسية؟
تساؤلات أجابت عن صحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، قائلة إن موسكو ستكون أكثر استعدادًا للعمل مع حركة طالبان كشريك في مكافحة «داعش-خراسان»، مشيرة إلى أن روسيا ستعتبر هذا الهجوم الأخير بمثابة إنذار بضرورة العمل مع الحركة التي اعتلت الحكم في أفغانستان.
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن الدكتور مارك كاتز، الأستاذ في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ماسون، قوله، إن «طالبان، مثل إيران، شريك مرغوب فيه لموسكو لأنها مناهضة للغرب»، متوقعًا استمرار التعاون الروسي مع جمهوريات آسيا الوسطى.
بدوره، قال مدير السياسات والأبحاث في مجموعة صوفان كولن بي. كلارك، إن هجوم 22 مارس/آذار الجاري، يمكن أن يجعل موسكو أقرب إلى طالبان، الأمر الذي سيجعل الكرملين هدفًا أكثر جاذبية لـ«داعش-خراسان».
وحذر كلارك، من أن «شبكات التطرف والإرهاب في القوقاز وآسيا الوسطى، قد تندمج معا بطرق ليست واضحة للعديد من أجهزة الاستخبارات، مما ينذر بالخطر».
الأمر نفسه أشار إليه الكاتب والخبير في الشؤون الروسية نيكولا ميكوفيتش، مؤكدًا أنه «بما أن تنظيم داعش خراسان يمثل تهديداً خطيراً لكل من طالبان وطاجيكستان - الحليف المخلص نسبياً والمهم جداً لموسكو في آسيا الوسطى - فمن المرجح أن يسعى الكرملين إلى تعزيز علاقاته مع كابول ودوشنبه».
ورجح استمرار روسيا في استضافة وفود طالبان في موسكو، وإجراء محادثات مع ممثليها، بهدف زيادة نفوذها في أفغانستان.
ووفقاً للدبلوماسي الأفغاني السابق أحمد ساير دودزاي، فإن مسار سياسة موسكو الخارجية تجاه طالبان سيعتمد على مدى تعاون حكومة الأمر الواقع في أفغانستان مع الكرملين.
وأوضح أن السلطات الروسية لم تقرر بعد ما إذا كان بإمكان «طالبان» العمل كشريك في مكافحة الإرهاب بدلاً من العمل كمسهل للإرهاب في جميع أنحاء آسيا الوسطى.
مكاسب لطالبان
بحسب «ذا ناشيونال إنترست»، فإن تواصل حركة طالبان مع أي قوة كبرى، مثل روسيا، يمثل فرصة للهروب من العزلة الدولية، مشيرة إلى أنه قد يكون لدى السلطات في كابول سبب لتوقع أن روسيا ستكون على استعداد لأن تكون أول دولة تعترف رسميًا بها كحكومة شرعية في أفغانستان.
وأشارت إلى أنه سيكون من الأهمية بمكان ملاحظة كيف ستؤثر القرارات الكبرى التي تتخذها روسيا فيما يتعلق بطالبان في علاقتها بالأعضاء الآخرين في منظمة شنغهاي للتعاون، وعلى رأسها الصين وإيران.
وتشترك موسكو وبكين وطهران في المصالح في منع الجماعات الإرهابية مثل داعش-خراسان من اكتساب نفوذ أكبر في أفغانستان، بينما تعمل أيضًا على مواجهة النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطى.
واختتمت الصحيفة الأمريكية، تقريرها قائلة، إن تعميق روسيا المحتمل لعلاقاتها مع طالبان، على الأقل في إطار محاربة تنظيم داعش- خراسان، يمكن أن يفتح الباب أمام الصين وإيران وغيرها من القوى غير الغربية لاتخاذ خطوات كبيرة لزيادة علاقات العمل مع طالبان بحكم الأمر الواقع.
لكن ماذا لو فشلت طالبان في إثبات أنها شريك موثوق؟
وبحسب الدبلوماسي الأفغاني السابق أحمد ساير دودزاي، إذا لم تثبت طالبان أنها شريك مفيد لروسيا في مكافحة الإرهاب، فإن هناك ثلاثة مسارات عمل يمكن أن تتخذها روسيا للتعامل مع داعش-خراسان.
الأول: تجاهل السبب الجذري لتهديد داعش-خراسان، بإلقاء اللوم في هجوم 22 مارس/آذار على عناصر في أوكرانيا، آملة أن يكون ذلك الحادث هو الأخير، حتى تتمكن موسكو من تجنب التورط في حرب، ضد داعش-خراسان على الجبهة الجنوبية لها.
الثاني: شن روسيا غارات جوية ضد أهداف داعش-خراسان في أفغانستان، ما سيسمح لها بمضاهاة أنشطة الولايات المتحدة في المنطقة التي تستهدف أيضاً الظواهري داخل كابول.
وفي الآونة الأخيرة، شنت باكستان أيضًا ضربات داخل أفغانستان على أهداف زعمت أنها أعضاء في حركة طالبان باكستان، مما قد يؤدي إلى بدء اتجاه تقوم فيه دول المنطقة بضرب أعدائها داخل أفغانستان دون عقاب، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن ذلك السيناريو سيساعد بوتين على حفظ ماء الوجه بعد ما وصفته بـ«الفشل الأمني الكبير» في موسكو.
الخيار الثالث: تقديم موسكو الدعم لبعض الجهات الفاعلة غير الحكومية في المنطقة، والتي يمكن أن تقاتل «داعش-خراسان»؛ قد يشمل ذلك توفير المزيد من الأسلحة والأموال والدعم اللوجستي والدعم الاستخباراتي لجبهة المقاومة الوطنية التي تشن تمردا ضد طالبان من قاعدتها في طاجيكستان.
لكن ماذا سيكون رد فعل داعش خراسان؟
يقول الدكتور مارك كاتز، الأستاذ في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ماسون، إن تنظيم داعش-خراسان مستعد لمهاجمة أي دولة أو مجموعة يعتبرها عدوًا، مشيرًا إلى أنه ليس من المستغرب مهاجمته روسيا.
وكان تنظيم «داعش خراسان» هاجم في سبتمبر/أيلول 2022، السفارة الروسية في كابول، مما أدى إلى مقتل ستة أشخاص، في هجوم سلط الضوء على تهديد الجماعة الإرهابية لمصالح موسكو في أفغانستان.
ولطالما اعتبر تنظيم داعش ولاية خراسان والجماعات الإرهابية الأخرى روسيا عدوًا لها؛ ففي عام 2015، أنتجت دعاية «داعش» المزيد من المواد المناهضة لروسيا.
وبعد أن استعادت حركة طالبان السيطرة على أفغانستان في أغسطس/آب 2021، نفذ تنظيم داعش- خراسان هجمات في مجموعة من الدول الأجنبية، مثل إيران وباكستان وتركيا، قبل هذا العمل الإرهابي الأخير في موسكو.
كما هددت المجموعة الغرب والصين، مما سلط الضوء على مدى التزام فرع تنظيم داعش خراسان بأجندة عالمية تمتد إلى ما هو أبعد من حدود أفغانستان.
aXA6IDMuMTcuNzkuMTg4IA== جزيرة ام اند امز