ما قبل الغارة على قطر.. كيف تجاوز نتنياهو «فيتو الموساد»؟

عارض الموساد الإسرائيلي خطة وضعت لتصفية قادة حماس في قطر ما دفع الحكومة إلى خيار بديل تمثل في شن غارة جوية.
هذا ما كشفته مصادر إسرائيلية مطلعة لصحيفة "واشنطن بوست"، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل، الثلاثاء الماضي، عن استهدافها قيادات بارزة في الحركة بالدوحة، غاب اسم جهاز الاستخبارات الخارجية عن البيانات الرسمية.
وكان السبب، وفق مصادر تحدّثت للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويتها، هو رفض مدير الموساد، دافيد برنياع، تنفيذ العملية، خشية من تداعيات ذلك، خصوصا أن الدوحة تلعب دور الوسيط في محادثات وقف إطلاق النار مع حماس.
ورغم الإجماع داخل الدوائر الأمنية الإسرائيلية على ضرورة ملاحقة قادة الحركة أينما وجدوا، إلا أن معارضة الموساد عكست حالة أوسع من التحفظ داخل المؤسسة الأمنية على توقيت الضربة.
ومما يدعم ذلك الموقف هو أن الضربة جاءت بينما كان قادة حماس يناقشون مقترحا أمريكيا طرحه الرئيس دونالد ترامب يقضي بإطلاق سراح رهائن إسرائيليين مقابل وقف لإطلاق النار.
وبعد رفض العملية الميدانية، لجأت إسرائيل إلى الخيار العسكري، حيث أطلقت 15 طائرة مقاتلة عشرة صواريخ من بعيد.
إلا أن الهجوم، وفق رواية حماس، لم يصب القادة المستهدفين، وبينهم القائم بأعمال زعيم الحركة خليل الحية، بل أدى إلى مقتل عدد من أقارب أعضاء وفد الحركة وضابط قطري.
وأقرت مصادر إسرائيلية بدورها أن "إسرائيل لم تنجح في تحقيق الهدف المطلوب".
الجيش أيضا
بحسب الصحيفة، فإن الانقسام حول جدوى العملية لم يقتصر على الموساد، فإلى جانب برنياع، عارض رئيس أركان الجيش، الفريق إيال زمير، الضربة خشية أن تجهض مسار التفاوض، فيما أيّدها وزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
أمّا الضابط المكلّف بملف الرهائن، نيتسان ألون، فلم يتلق دعوة لحضور الاجتماع الذي ناقش العملية خوفا من اعتراضه.
ويرى محللون أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يقترب من إعلان اجتياح بري لغزة، فقد صبره تجاه المفاوضات، واعتبر أن مقترحات واشنطن لم تلق تجاوبًا من حماس.
ويقول ديفيد ماكوفسكي، الباحث في معهد واشنطن، إن "برنياع كان يعتقد أن الوساطة القطرية ذات قيمة استراتيجية، لكن نتنياهو ربما رأى أن مسار التفاوض أصبح عائقًا أمام تحركه العسكري".
والضربة على الدوحة فجّرت أزمة دبلوماسية مع قطر التي وصفتها بأنها "إرهاب دولة" وخيانة لمسار الوساطة، فيما أكد رئيس وزرائها أمام مجلس الأمن أن بلاده ستواصل جهودها الدبلوماسية "دون كلل" لوقف نزيف الدماء.
أما نتنياهو، فاتهم قطر بتوفير ملاذ آمن لحماس، وهدد: "إما أن تطردوا الإرهابيين أو تحاكموهم، وإذا لم تفعلوا، فسوف نفعل نحن".
أكثر تعقيدا
لكن خلف التصعيد، تختبئ قصة أكثر تعقيدا، فالدولة الخليجية استضافت قادة حماس على مدى سنوات بناءً على تفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
كما توسطت في جولات تفاوض سابقة منذ عام 2014. بل إن نتنياهو نفسه سمح في 2018 بتدفق أموال قطرية إلى غزة لضمان استقرار اقتصادي نسبي.
وعقب هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أشاد مسؤولون في مكتب نتنياهو بدور قطر "الرئيسي" في الوساطة، وأوفدوا برنياع إلى الدوحة للتفاوض غير المباشر حول الرهائن، حيث زار العاصمة القطرية آخر مرة منتصف أغسطس/ آب الماضي.
ويرى بعض المراقبين أن قرار نتنياهو قد يكون مرتبطا بحسابات سياسية داخلية أكثر منه اعتبارات أمنية.
ويعتبر نمرود نوفيك، المسؤول الإسرائيلي السابق والمحلل في "منتدى السياسة الإسرائيلية"، أن نتنياهو أراد إفشال مقترح إدارة ترامب أو إرسال رسالة تحذير لدول تدعم خيار الدولة الفلسطينية.