رهان لتعزيز قوتها البرية.. تركيا تبدأ إنتاج «ألتاي»

في خطوة وُصفت بالتاريخية، أعلنت تركيا بدء إنتاج دبابة "ألتاي"، المشتقة من الدبابة الكورية الجنوبية المتطورة كيه2، بعد سنوات من التأجيل.
ويجري التصنيع عبر شركة الصناعات التركية "بي إم سي" للسيارات، في منشأة متخصصة. وتمثل هذه الخطوة المرة الأولى التي تنجح فيها تركيا في إنتاج دبابة محلية بالكامل.
وعلى الرغم من أن بولندا سبقت تركيا في الحصول على ترخيص إنتاج هذه الدبابة، إلا أن خبرتها الطويلة في مجال تصنيع الدبابات منذ الحرب الباردة، وانخفاض مستوى التعديلات المطلوبة هناك، جعلا تجربتها أكثر سلاسة.
بدأ اهتمام أنقرة بالدبابة كيه2 في مطلع الألفية، حين كانت تواجه جارتها سوريا التي امتلكت في ذلك الوقت أحد أكبر أساطيل الدبابات في المنطقة، التي اعتمدت على دبابات "تي-72" الحديثة.
ومع اندلاع الصراع في سوريا والعراق منتصف العقد الثاني من الألفية، دفع الجيش التركي بدباباته الألمانية "ليوبارد 2" إلى ساحات القتال ضد تنظيم "داعش" وفصائل كردية مسلحة، إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، حيث مُنيت هذه الدبابات بخسائر فادحة.
وأشارت وسائل إعلام غربية إلى أن سمعة "ليوبارد 2" تضررت بشدة، إذ وصفت صحيفة أمريكية أداءها بأنه "أضعف بكثير مما كان متوقعا"، فيما رأت مجلة أخرى أنها "أظهرت هشاشة محرجة في ساحة المعركة"، رغم أن خصومها لم يمتلكوا أسلحة متطورة.
ووصف بعض القادة العسكريين الأتراك تلك التجربة بأنها كانت "صدمة" لقواتهم، الأمر الذي زاد من القلق بشأن قدرة "ليوبارد 2"، فضلًا عن دبابة "إم60" الأقل كفاءة التي تُشكل العمود الفقري للأسطول التركي، على مواجهة أي جيش حديث.
وتختلف النسخة التركية "ألتاي" بوضوح عن نظيرتها الكورية. فهي أكبر حجمًا، وتتميز بهيكل أطول مزود بسبع عجلات بدلا من ست، كما زُوّدت بدروع إضافية تزيد من وزنها بشكل ملحوظ على حساب خفة الحركة.
لكن من أبرز أوجه القصور غياب نظام التلقيم الآلي، ما يفرض زيادة عدد أفراد الطاقم من ثلاثة إلى أربعة، ويقلل معدل إطلاق النار من 12 قذيفة في الدقيقة إلى ست فقط.
وعلى الرغم من النظر إلى "كيه 2" الكورية الجنوبية باعتبارها أقوى دبابة متوافقة مع معايير حلف شمال الأطلسي، ومع غياب الدبابات الروسية الحديثة مثل "تي-90 إم" أو الكورية الشمالية مثل "تشونما-2" عن أسواق المنطقة، يُتوقع أن تكون "ألتاي" المنافس الأول على لقب أقوى دبابة في الشرق الأوسط.
وبالنظر إلى تقادم الأسطول التركي الحالي، فإن إدخال هذه الدبابة إلى الخدمة بكميات كبيرة يُعد تحولا استراتيجيا من شأنه أن يعيد رسم موازين القوى البرية في المنطقة.
غير أن التطورات السياسية الأخيرة قد تُعيد الحسابات. فسقوط الحكومة السورية في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وما تلاه من انهيار فعلي للجيش السوري، قد يدفع أنقرة إلى تقليص خططها الإنتاجية، بعدما تلاشى الهدف الأساسي من وراء هذا السباق نحو التفوق البري.