«الصقر الحديدي» و«الحصان المجنح».. عندما حاولت أمريكا صنع «دبابة طائرة»

في خضم حرب فيتنام الدامية، حيث سقطت أكثر من 5600 مروحية أمريكية من أصل 12 ألفاً، لتتحول الحاجة إلى مروحيات "تنجو من النيران" إلى هاجس عسكري ملحّ.
وكانت الخسائر الكبير في صفوف الطيارين التي بلغت اثنين من بين كل 5 طياريْن، يُسحقون بين حطام الألومنيوم والزجاج، دافعا لإيجاد وسائل لتحسين قدرتها على البقاء، بحسب موقع "هيستوري أونلاين".
ومنذ ذلك الحين، تم تبني تكتيكات جديدة، وسرعات أعلى، ومجموعة متنوعة من وسائل الدفاع، وحتى تقنيات التخفي، بدرجات متفاوتة وحسب التطبيقات المختلفة.
وفي عام 1967، في خضم اشتعال المعارك كانت شركة "سيكورسكي" تخوض معركة تكنولوجية في مختبراتها، إذ ابتكرت درعاً ثورياً، تتألف من صفائح فولاذية "ثنائية الصلابة"، تجمع بين المتانة وخفة الوزن، صُممت لتكون جزءاً من هيكل الطائرة نفسه، لا مجرد إضافة خارجية. لكن الحماية وحدها لا تكفي.
كان الحل الأكثر جرأة يتمثل في استبدال التصميم التقليدي الهش بـ"مفهوم الشفرة المتقدمة" (ABC)، الذي يعتمد على دوارين متعاكسين يلغيان الحاجة لدوار الذيل الضعيف – نقطة الضعف القاتلة – ويدفعان المروحية بسرعة تفوق 150 عقدة (278 كم/ساعة).
الأهم أنه تصميم "أكثر صلابة" وأقدر على تحمل الرصاص. وقد أسفر هذا التزواج بين الدروع والابتكار عن مشروعين طموحين:
مروحية الاستطلاع المدرعة (AARV): الصقر الحديدي
تصورها الجيش بديلاً لمروحيات الاستطلاع الخفيفة مثل أو إتش-6 التي كانت تُسقط كالذباب في فيتنام. بجسم مضلّع بزوايا حادة و"ذقن" بارزة (يشبه تصميمات التخفي لاحقاً)، ودرع فولاذي بسمك 1.3 سم يزن 1800 رطل (816 كغم)، كانت المروحية أشبه بقلعة طائرة.
اختُبر هيكلها بالحجم الكامل وصمد أمام رصاص عيار 7.62 ملم وقذائف 12.7 ملم. وحتى زجاج قمرة القيادة كان مضاداً للرصاص، وزُوّدت بمدفع رشاش متحرك وصواريخ، ومحرك قوي يدفعها كطائرة خفيفة.
ولكن رغم نجاح اختبارات الدوار في نفق رياح ناسا (1970)، رأى الجيش الأمريكي أن التقنية "أسرع من عصرها"، وأوقف المشروع لصالح تطبيقات السرعة العالية.
ناقلة الجنود المدرعة (AAPC): الحصان المجنح المدرع
كانت النسخة الأضخم مروحية نقل تستوعب 12 جندياً داخل "صندوق مدرع"، حيث استخدمت نفس تقنية الدرع الفولاذي، بدوار أكبر (40 قدماً)، ووصلت إلى مرحلة نموذج بالحجم الكامل بذيلين مختلفين شكل V مقلوب أو تقليدي.
لكن الجيش، الذي كان يبحث عن حلول فورية، لم يُبدِ حماساً. ويُذكر أن السوفيات سلكوا مساراً مختلفاً مع مروحيتهم مي-24 هيند، ضحّوا بالحماية لصالح السرعة والقوة النارية الهائلة.
إرث من الفشل المُلهِم: بذور تكنولوجيا المستقبل
رغم إلغاء مروحية الاستطلاع المدرعة وناقلة الجنود المدرعة، لم تمت الفكرة. وظل مفهوم مفهوم الشفرة المتقدمة كالجمر تحت الرماد.
وأعادت شركة "سيكورسكي" إحياءه بعد 4 عقود بمروحيتها التجريبية إكس2 (2008)، التي طورت إلى إس-97 رايدر (2015) ثم "رايدر إكس" المرشحة لبرنامج "طائرة الهجوم المستقبلية.