مفيد فوزي.. اعتذارات "المحاور" (بروفايل)
بصوت مميز ولغة عربية سليمة، تجده محاصرا ضيفه بالأسئلة لا يقبل أي إجابة باهتة، ولا أي معلومة ناقصة، يجبر من أمامه على الإجابة، وإلاّ الاعتذار بشكل صريح، هكذا كان الإعلامي الكبير مفيد فوزي، الذي اشتهر بلقب "المحاور".
أكثر من 50 عاما قضاها مفيد فوزي في مجال الإعلام، بين الصحف والمجالات والإذاعات والفضائيات، يقتحم حياة الفنانين الخاصة ويكشف عن أسرارهم، ويحاور الزعماء والمشاهير يقترب من بعضهم وينفر آخرين، نال شهرة واسعة ومُدح في كثير من المواقف، وأخذت عليه أخرى.
وبين النقد والمديح يظل مفيد فوزي علامة في تاريخ الحياة الإعلامية والسياسية المصرية على مدى عشرات السنين، فهو المحاور الأنيق، الذي يخرج من السياسيين والمشاهير صورة عن المجتمع الذي يمثلونه ويفضح أسرارهم، لكن كيف كانت نظرة مفيد فوزي للتحولات التي يشهدها المجتمع المصري؟.
في كتابه "كلام مفيد" الذي نشرته دار سما للنشر والتوزيع في 2019، تحدث مفيد فوزي عن "الزمن الحالي"، معتذرا عن كثير من الكوارث الاجتماعية التي قال إنه ليس سببا فيها، يقول إن "هذا الزمن ليس زمن المواقف الثابتة، فلكل زمن مواقفه على مقاس مصالحه، وأنا كتمت مواقفي الحقيقية بين ضلوعي وكلما غافلتني وتسللت إلى شفتي أو سن قلمي، أخمدت أنفاسها واسترحت، هذا زمن الموجة، والأقنعة والوجوه التسعة وألوان الطيف والمائر المستعارة، فالشجاعة اسمها تهور، والأمانة اسمها غفلة، والوداعة اسمها جبن، والسماحة ضعف، والحوار فذلكة، والفهم غباء".
في مقاله قدم اعتذاره أيضا عن أمور عدة يراها تغيّرت وتحولت في شكل الحياة في مصر، بين الماضي والحاضر، يشكو هجران "التسامح" وهتك عذرية المحبة وإعلان وفاة الفروسية، على حد قوله.
ينتقد انتشار الشتائم والإيحاءات الجنسية في أحاديث الشباب فيقول: "أعتذر عن النهش فى الكلمات واستنباط معان أخرى لا علاقة لها بمضمون الحروف، ولا خطر ببال المجمع اللغوي حارس لغة الضاد أن الزمن أعطى لهده الكلمات مذاقا مختلفا تعافه النفس الأبية".
كما تحدث عن الغش وجشع التجار، قائلا: "أعتذر عن الغش: المياه الملوثة والخضار المسموم والفاكهة المحقونة هرمونات .. العدسات الملونة الصامتة.. وترقيع الوجوه والجرائد الفضاحة والقنوات المنفوخة والعيون المشبوهة".
كما تناول أزمة التعليم في مصر، وكتب: "أعتذر للأطفال إذا دفع الأهل مبالغ باهظة لتعليمهم ولم يحصدوا تعليما، فالمدارس مساحات هائلة وملاعب وتماثيل رخام على الترعة بلا خطة.. وإذا خططت عادت مكسورة لخطة الوزارة والوزارة في المغارة"، مضيفا: "أعتذر لشباب الجامعات عن التسطيح، فالأساتذة مشغولون بالانتدابات، والمدرسون مشغولون بالترقيات، والمعيدون مشغولون بإعداد، الرسائل الجامعية، والعمداء عيونهم على الوزارة".