مرض التصلب المتعدد.. منظومة متكاملة لدعم المرضى داخل الإمارات وخارجها
انطلقت مؤخراً الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد رسمياً في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال فعالية أقيمت في مركز أبوظبي الإبداعي.
وذلك بحضور عدد من المسؤولين من الجهات الحكومية، ومزودي خدمات الرعاية الصحية ومجموعة من الأشخاص المتعايشين مع مرض التصلب المتعدد، إلى جانب الشركاء المحليين والدوليين.
وتعمل الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد كمنظمة غير ربحية تحت مظلة وزارة تنمية المجتمع، بهدف الوصول إلى مجتمع خالٍ من التصلب المتعدد من خلال إطلاقها لعدد من البرامج الداعمة لخدمات الرعاية الصحية، وبناء منظومة متكاملة للأشخاص المصابين بمرض التصلب المتعدد في الدولة، والمساهمة في تطوير الجهود البحثية المحلية والعالمية لإيجاد علاج لمرض التصلب المتعدد وبحث أفضل الطرق للتعامل معه.
وقال الشيخ ذياب بن محمد بن زايد: "امتداداً لرؤية الوالد المؤسس – المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- الذي آمن بأهمية تأمين البيئة الصحية للمجتمع وحمايته من الأمراض، ورآها ترجمة أمينة وواقعية للسياسات البنَّاءة، والتخطيط السليم، والوعي الدائم باحتياجات المجتمع، لينعم أبناءه بحياتهم ويعيشون أصحاء بدنياً ونفسياً واجتماعياً، وليتسنى لكل فرد تحقيق كامل إمكاناتهم، والمشاركة الفعَّالة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
وأضاف: "اليوم نحتفي بإطلاق الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد في دولة الإمارات التي تسعى إلى إحداث فرق حقيقي في حياة المصابين بمرض التصلب المتعدد، والوقوف معهم يداً بيد وبث فيهم روح الأمل بسرعة الشفاء والتعافي، وندعم الهدف الرئيسي للجمعية وهو تمكين المصابين لممارسة حياتهم بشكلٍ أفضل، وتعزيز الوعي المجتمعي حول المرض لإيجاد عالم خالٍ من مرض التصلب المتعدد".
وقال منصور إبراهيم المنصوري، رئيس دائرة الصحة– أبوظبي: "نؤمن في دائرة الصحة – أبوظبي بأن العمل جنباً إلى جنب مع الجمعيات الهادفة كالجمعية الوطنية للتصلب المتعدد سيمكننا من إحداث أثر مباشر وإيجابي على المرضى، وكذلك تعزيز ممارسات الرعاية الصحية ورفاه الأفراد. ونظراً إلى تأثير مرض التصلب المتعدد على المجتمع، حرصت منظومة الرعاية الصحية في أبوظبي على الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة والبحث الطبي لتعزيز إدارة المرض وإنشاء عيادات ومراكز تأهيل متخصصة بالتصلب المتعدد، في الوقت الذي جاء فيه إطلاق أول سجل وطني للتصلب المتعدد في خطوة محورية تمكّن الباحثين والأطباء في الإمارة من تقديم خطط علاجية متقدمة وشخصية للمرضى".
وأعلنت الدكتورة فاطمة الكعبي، عضو مجلس إدارة الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد والمدير التنفيذي لبرنامج زراعة نخاع العظم في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية من خلال كلمتها في الحدث، عن مجموعة من البرامج والمبادرات الجديدة التي تقودها الجمعية ومنها المشروع التجريبي للسجل الوطني للتصلب المتعدد الذي تم تطويره بالتعاون مع دائرة الصحة- أبوظبي ومركز أبوظبي للصحة العامة وشركة G42.
ويعتبر السجل منصة متكاملة يضم جميع بيانات المرضى ومزودي الرعاية الصحية، ويهدف إلى رصد النتائج السريرية والإبلاغ عنها، والذي بدوره سيعمل على تطوير الأبحاث المستقبلية للمرض، وتطوير نموذج الرعاية الصحية ومسارات الرعاية السريرية ورحلة المريض، كما أتاحت الشراكة دمج معلومات التصلب المتعدد الجديدة في منصة "ملفّي" لدعم المصابين بالمرض وتوعية المجتمع به.
كما أعلنت الدكتورة فاطمة الكعبي عن تخصيص 2 مليون درهم لدعم المنح البحثية، سيتم تشاركها مع باحثين محليين ودوليين لتقديم العلاجات المبتكرة، بالإضافة إلى تحقيق فهم أفضل لمرض التصلب المتعدد في دولة الإمارات، وأبرز خصائصه وأعراضه التي تؤثر على المصابين بالتصلب المتعدد.
بالإضافة إلى تنظيم الجمعية عدد من المبادرات البارزة ومن ضمنها جلسات نقاشية تعرف بـ MS Circles ، وهي جلسات حوارية تفاعلية مع أشخاص متعايشين مع مرض التصلب المتعدد، يتم فيها مناقشة مواضيع رئيسية متعلقة بالمرض تهدف لبناء مجتمع أوسع للتصلب المتعدد، وتشكل فرصة لتعزيز الوعي ببعض التفاصيل والتحديات والقضايا التي يواجهها مريض التصلب المتعدد، لتلبية احتياجات مجتمع التصلب المتعدد وتمكينهم من ممارسة حياتهم بشكل أفضل.
وصرّحت كذلك عن التواجد الرقمي للجمعية، بما في ذلك قنوات التواصل الاجتماعي والموقع الإلكتروني الذي سيشكل المنصة الرئيسية التي تتيح كافة المعلومات حول التصلب المتعدد، مؤكدة بأن هناك برامج إضافية سيجري الإعلان عنها لاحقًا، ومنها مبادرة المتطوعين التي ستتيح الفرص لأفراد المجتمع الإماراتي لدعم مجتمع التصلب المتعدد.
كما أكّدت على الحاجة إلى العلاجات المبتكرة للتصلب المتعددة، وأشادت بالإنجازات النوعية التي حققها الشركاء المحليون في هذا الصدد ومنهم مركز أبوظبي للخلايا الجذعية الذي أحرز تقدمًا ملحوظاً في الزراعة الذاتية للخلايا الجذعية المكونة للدم AHSCT وزراعة نخاع العظم لعلاج المصابين بالتصلب المتعدد – وهي العملية الأولى من نوعها على مستوى المنطقة.
وأكدت الدكتورة فاطمة الكعبي على أهمية الدور الذي ستلعبه الجمعية في تمكين الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد لممارسة حياتهم بشكلٍ أفضل لترسيخ مكانة الجمعية كنموذجاً وشريكاً علمياً وبحثياً رائداً على مستوى المنطقة والعالم، وبناء منظومة متكاملة لدعمهم في دولة الإمارات من خلال الاستماع إلى احتياجاتهم والتحديات التي تواجههم.
وأضافت: "ستكون الجمعية شريكًا علميًا وبحثيًا للمنظمات الدولية العاملة في مجال التصلب المتعدد، من خلال الاستفادة من هذه الشراكات وتبادل الخبرات التي تصب في دعم العلاجات المبتكرة وإيجاد وسائل علاجية أفضل سعيًا إلى تحقيق الهدف المتمثل بالوصول إلى عالم خالٍ من التصلب المتعدد في المستقبل".
وأوضحت: "هناك أكثر من 2.8 مليون مصاب بالتصلب المتعدد حول العالم، وتم تشخيص 2,000 شخص بالمرض في دولة الإمارات، إلا أننا نعتقد بان العدد الفعلي للمصابين هو ضعف هذا الرقم، ولهذا تركّز الجمعية على تعزيز الوعي في أنحاء الدولة، انطلاقاً من أهمية التشخيص والعلاج المبكر للتصلب المتعدد في المساهمة في تطوير الرعاية الصحية وتحسين نوعية الحياة على المدى الطويل وفي تقليل الانتكاسات التي يعاني منها المصابون".
وتضمنّت فعالية الإطلاق عرضًا تفاعليًا يظهر التنوع الواسع في أنواع وشدّة الأعراض التي قد يواجهها المصابون بالتصلب العصبي، والتي تتفاوت بشكل كبير من شخص إلى آخر.
كما عُقدت جلسة نقاشية مع أشخاص متعايشين مع مرض التصلب المتعدد سلّطت الضوء على تجارب واحتياجات المصابين بالمرض، شارك فيها كل من الدكتور أحمد شاتيلا، استشاري أمراض المخ والأعصاب في مدينة الشيخ شخبوط الطبية- أبوظبي، ومنى الحربي سفيرة مرض التصلب المتعدد وخالد العور و رنا قمر الدين.
وناقش المشاركون أهمية إطلاق الجمعية للمصابين بالتصلب المتعدد، والأدوات والموارد التي ستوفرها لهم وجهودها التي ستساهم بشكلٍ بارز في تطوير الرعاية الصحية للمصابين في الدولة.
وأشارت منى الحربي سفيرة مرض التصلب المتعدد، وشخص متعايش مع مرض التصلب المتعدد، إلى أهمية الدور الذي ستلعبه الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد في دولة الإمارات في دعم الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد في الدولة، إضافة إلى الذين تم تشخصيهم مؤخراً، ورفدهم بالرعاية الصحية للازمة والدعم اللازم لعيش حياة صحية ومستقلة.
وقالت: "نثق بدور الجمعية ومكانتها بأن تكون الوجهة الأولى الداعمة للمرض والمزودة للمعلومات اللازمة التي يحتاجها المريض، وفي دفع الجهود المحلية والعالمية الهادفة لإيجاد علاج للمرض".
يذكر أن التصلب المتعدد هو مرض يصيب الجهاز العصبي المركزي ويعطل تدفق المعلومات داخل الدماغ، ويصيب عادة البالغين في سن مبكرة مسبباً مجموعة واسعة من الأعراض المتفاوتة التي تظهر في أي وقت وتؤثر على المصابين به بدرجات متفاوتة وبشكل مختلف والتي قد تكون مؤقتة أو تدوم طويلًا، ومنها الخدران والشعور بالوخز وتقلب المزاج ومشاكل الذاكرة والألم والإعياء والعمى والشلل وغيرها.
ووفقاً للتوجهات والأبحاث الدولية، فإن السيدات في دولة الإمارات معرّضات للإصابة بالمرض باحتمالية تفوق الرجال بثلاثة أضعاف، كما أن التشخيص يأتي عادةً في مرحلة مبكرة من الشباب بين عمر 20 -40 عامًا. ورغم أن التصلب المتعدد يعدّ مرضًا نادرًا نسبيًا، إلا أن طبيعته وأعراضه التي لا يمكن التنبؤ بها كثيرًا ما تسبب إعاقات لجوانب حياة المصابين لتؤدي إلى تحديات جسدية وعاطفية وعقلية.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDcuMTgxIA== جزيرة ام اند امز