ثقافة
مومياء في متحف إيطالي تكتب تاريخا جديدا للتحنيط الفرعوني
كان المتعارف عليه تاريخيا أن أول جسد محنط سجّل بدايات معرفة المصريين القدماء بالتحنيط يعود إلى 3500 قبل الميلاد.
لكن دراسة على مومياء في متحف تورينو بإيطاليا نُشِرت في أغسطس/آب من عام 2018، عادت بتاريخ التحنيط المصري إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث قدّرت أن بدايات التحنيط تعود إلى عصر ما قبل الأسرات.
وبينما تتجه أنظار العالم إلى مصر، السبت، لمشاهدة موكب المومياوات الملكية أثناء نقلها من المتحف المصري في التحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط، فإن من المهم معرفة بدايات تاريخ التحنيط، والذي بسببه ظهرت كلمة " مومياء"، والتي تطلق على كل جسد محنط.
وحتى تاريخ نشر الدراسة عن مومياء تورينو في أغسطس من عام 2018 بدورية "جورنال أوف أركيولوجيكال ساينس"، كان المسجل تاريخيا، أن أول جسد محنط يعود إلى 3500 قبل الميلاد، عُثر عليه في الكوم الأحمر بإدفو جنوب مصر، وتم تحنيطه باستخدام مواد ملح النطرون والراتنج وتم لف الجسد بلفائف الكتان، ولكن الدراسة أعادت كتابة تاريخ التحنيط في مصر القديمة.
ووفقا للعقيدة المصرية القديمة، فإن التحنيط كان يهدف إلى الحفاظ على جسد مثالي حتى يتمكن من الدخول إلى الحياة الأخرى ككيان كامل، لذلك كانوا يحرصون مثلا على وضع ساق خشبية محل الطبيعية، إذا تعرض المصري القديم لحادث أفقده ساقه.
ولم يهتم العلماء كثيراً بالأجسام التي عثر عليها من فترات ما قبل عصر الأسرات، لاعتقادهم أنها لا تحمل أي قيمة علمية حول تاريخ التحنيط، وأنه تم الحفاظ عليها محنطة، بسبب عوامل الجفاف وحرارة الجو، هذا فضلا عن أنها لا تحمل أي قيمة لها علاقة بالعصر الفرعوني الذي بدأ من الأسرة الأولى وحتى الأسرة 31.
وكان الاهتمام بتلك الفترة السابقة على عصر الأسرات منحصرا في القطع الأثرية مثل الحلى والأدوات والتماثيل، ولكن الدراسة على مومياء تورينو أخبرت الباحثين عن بعض المعلومات الجديدة، ومنها أن المصريين القدماء الذين عاشوا في حقبة ما قبل التاريخ كانت لديهم بالفعل معرفة بعمليات التحنيط اللازمة للحفاظ على الجسد.
وكان الفريق البحثي من جامعة ماكويرى بأستراليا، قد أجرى العديد من الأبحاث عن فترة ما قبل التاريخ بداية من عام 2014، ولكن المشكلة أنه لم يكن لديهم أجسام كاملة للدراسة، وكان لديهم فقط شظايا صغيرة من الكتان في المتاحف البريطانية، وعثروا فيها على راتنجات تشير إلى أن الجسم الذي استخدم معه الكتان قد تم تحنيطه.
وخلال الدراسة الجديدة، اكتشف العلماء من خلال الفحص الميكروسكوبي في جسد مومياء تورينو مواد أخرى، لزيوت نباتية ربما تكون زيت سمسم وعطرًا نباتيًّا وصمغًا نباتيًّا عبارة عن سكر طبيعي مستخرج من شجرة الأكاسيا، بالإضافة إلى راتنج من شجرة صنوبر، وهو ما يعني أن هذه المومياء قد تم تحنيطها، وأن المصريين القدماء عرفوا التحنيط قبل عصر الفراعنة.