متحف في برلين يحضر للمساهمة في إعادة إعمار حلب
فريق من الباحثين الألمان والسوريين يحللون في إطار مشروع "سيريان هريتدج أركايف بروجيكت" بعناية فائقة صورا لأبنية متضررة في حلب.
أصيبت حلب القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية، بدمار هائل جراء الحرب المتواصلة منذ 8 سنوات في سوريا، لكن مشروعا دولياً يشرف عليه متحف في برلين يُعد لإعمار المدينة منذ 5 أعوام.
وحلل فريق الباحثين الألمان والسوريين في إطار مشروع "سيريان هريتدج أركايف بروجيكت" بعناية فائقة صوراً لأبنية متضررة في حلب، مقارناً إياها بصور أرشيف ملتقطة قبل اندلاع النزاع في العام 2011.
وسمح هذا العمل الدؤوب الذي تموله الدبلوماسية الألمانية جزئياً، بتصنيف رقمي للمباني الأثرية الكثيرة المدمرة، وتلك التي صمدت رغم أهوال الحرب والقصف.
وشهدت مدينة حلب منذ صيف العام 2012 وحتى نهاية العام 2016 معارك عنيفة، وتعرضت أحياؤها الشرقية للقصف والحصار الخانق.
وتشكل الصور والخرائط العائدة إلى ما قبل الحرب سنداً ثمينا في إطار مشروع إعمار معالم حلب القديمة على ما كانت عليه من قبل، وقد أدرجت حلب القديمة في قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو في عام 1986.
وتعرض هذه المحفوظات إلى جانب صور حديثة تظهر الدمار اللاحق بالمدينة، أمام الجمهور من 28 فبراير/ شباط إلى 26 مايو/ آيار، في متحف الفن الإسلامي في برلين التابع لمتحف برجامون الشهير.
ويمكن الاطلاع على معرض "المشهد الثقافي السوري- الحفظ والأرشفة في زمن الحرب" عبر الإنترنت أيضاً.
لاجئون يجمعون شهادات
وُظف لاجئون سوريون كمرشدين ولجمع شهادات مواطنين لهم لجأوا بمئات الآلاف إلى ألمانيا منذ عام 2015.
ويقول مدير المتحف شتيفان فيبر: "منذ أكثر من 100 عام نقيم علاقة خاصة مع سوريا"، وتشكل "غرفة حلب" وهي مائدة طعام كان يملكها تاجر ثري تعود لمطلع القرن الـ16، قطعة رئيسية في المعرض الدائم للمتحف.
ويؤكد فيبر، الحائز شهادة بالأدب العربي الحديث من جامعة دمشق، أن المشروع يهدف إلى المحافظة على الماضي مع رؤية إلى المستقبل من خلال جمع الأرشيف لتكون عملية إعادة البناء سريعة.
ويدرك شتيفان فيبر أن عودة حلب إلى سابق عهدها تحتاج إلى وقت طويل، موضحا أنه على "السوريين أنفسهم أن يقرروا مصير تراثهم الثقافي مع ما نضعه بتصرفهم".
هذا المتحف في برلين ليس المساهم الوحيد في المشروع، فثمة هيئات أخرى تشارك في قاعدة البيانات مثل جامعة كوتبوس التي وضعت خارطة دقيقة بحلب القديمة وشركة ناشئة فرنسية أنجزت مجسمات بالأبعاد الثلاثة لمواقع أثرية سورية مهمة.
وورشة إعادة البناء ضخمة، فقد خلفت الحرب أكثر من 360 ألف قتيل وقدرت الأمم المتحدة كلفة الدمار بـ400 مليار دولار، ويفيد خبراء بأن الاقتصاد السوري تراجع 3 عقود إلى الوراء.
جامع حلب الكبير
تقتصر جهود إعادة الإعمار في حلب على مبادرات شخصية خجولة، بينما تعمل السلطات السورية على تأهيل البنى التحتية وإعادة الخدمات تباعاً.
وبعض مباني المدينة مهدد بالانهيار، وهذا ما حصل في الثاني من فبراير/شباط 2019، مع انهيار مبنى متضرر جراء القصف والمعارك ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً من بينهم 4 أطفال.
وأتت جهود متحف برلين بنتائج أولى على صعيد الجامع الأموي في حلب أو جامع حلب الكبير.
وتوضح المؤرخة كارن بوت، المشاركة في المشروع: "أرسل المتحف ملفا العام الماضي إلى اليونسكو الذي نقل العناصر الواردة فيه إلى السلطات السورية"، مضيفة أنها لا تجري اتصالات مباشرة "مع الحكم القائم بل فقط مع علماء".
واستخدمت هذه الوثائق لترميم هذا الجامع، وهو من الأقدم في العالم، وبوشرت في أغسطس/ آب الماضي وبهبة من دولة الشيشان أعمال إعادة بناء المئذنة التي تعتبر من تحف الفن الإسلامي وقد دمرت في نيسان/أبريل 2013.
aXA6IDE4LjIxOS4xNzYuMjE1IA== جزيرة ام اند امز