بعلبك تحيي الذكرى 150 لرحيل الموسيقي الإيطالي جواكينو روسيني
حفل مبهر احتفاء بالموسيقار الإيطالي في ذكرى مرور 150 عاما على وفاته بمشاركة 50 عازفا من أوركسترا الحجرة التابعة للإذاعة الرومانية
أحيت مهرجانات بعلبك الدولية في شرق لبنان ذكرى المؤلف الموسيقي الإيطالي جواكينو روسيني (1792- 1868) ليل السبت في حفل مبهر عُزفت فيها واحدة من أهم مقطوعاته ”ستابات ماتر“ التي شكلت ثورة في القرن الثامن عشر.
وقدمت مهرجانات بعلبك تحية لافتة إلى المؤلف الإيطالي في ذكرى مرور 150 عاما على وفاته بمشاركة خمسين عازفا من أوركسترا الحجرة التابعة للإذاعة الرومانية في بوخارست وستين مغنيا في جوقة الكورس (الجامعة الأنطونية وجامعة سيدة اللويزة اللبنانيتين).
وامتزجت الموسيقي الكلاسيكية بقيادة قائد الأوركسترا اللبناني الأب توفيق معتوق مع الأصوات الأوبرالية التي شارك فيها أربعة من مغني الأوبرا البارزين في العالم، هم اللبنانية الكندية جويس الخوري والإيطالية دانييلا بارسيلونا والإيطالي باولو فانالي والبولوني كرزيستوف باتشيك.
وتحول معبد باخوس الأثري المحاط بهياكل وجدران عملاقة عمرها آلاف السنين والمضاء بشكل شاعري إلى لوحة فنية خالصة تخرج منها نغمات روسيني الذي يعتبر من أهم الموسيقيين الذين ألفوا مقطوعات خالدة للأوبرا.
الأب توفيق معتوق الذي درس الأوبرا في إيطاليا، وله باع طويل في غنائها وتأدية أعمال روسيني تحديدا اختار أن يعزف مع الأوركسترا ”ستابات ماتر“ وعَنون الحفل باسمها لأنها ”المقطوعة التي فتحت المجال لإدخال الأوبرا للمرة الأولى تاريخيا الى الموسيقى الكنسية“ كما قال لرويترز. وأضاف ”هذه المقطوعة هي الأكثر تأدية في العام 2017-2018 في العالم احتفاء بروسيني“.
وكانت كُتبت هذه المقطوعة في الأصل كنص أو صلاة كنسية مقدسة تنقل معاناة السيدة مريم العذراء وعذاباتها خلال أسبوع الآلام، من قبل ناسك في القرن الثالث عشر. وكان ممنوع على أحد أن يُغيّر في هذه الموسيقى المقدسة.
لكن روسيني أراد أن يتحدى الأعراف وحرّرها من الطابع الديني وأعطاها بعدا مسرحياً ودراميا من خلال الغناء الأوبرالي المشبّع بالفرح والحياة والتفاؤل. وهذا الفرح هو ما عكسه حفل بعلبك الذي فاجأ الحضور بالكورس الضخم الذي يتمتع المغنون الستون به بأصوات رخيمة وبمهنية عالية تضاهي فرق الكورس العالمية. فهم كانوا يرافقون العازفين الماهرين والمغنين السوليست الأساسيين، بانسجام تام وقوة تهدر من أصواتهم كأنهم يحلّقون كالطيور في سماء بعلبك.
أما القسم الثاني من الحفل فخُصّص لمقطوعة ”قدّاس الموتى“ للمؤلف الموسيقي الإيطالي جيوزيبي فيردي (1813- 1901) والتي ألّفها تكريما لروسيني الذي سار على خطاه موسيقيا، في ذكرى وفاته وأدخل عليها الأوبرا. السوبرانو الذائعة الصيت الكندية من أصل لبناني جويس خوري التي تألقت في العام الماضي في دار الأوبرا الملكية في لندن بدور لاترافياتا أعطت للحفل نكهة مميزة بصوتها البديع الهادر. وقالت لرويترز ”غنّيت على أهم المسارح في العالم لكن لخشبة مهرجانات بعلبك والمكان التاريخي رهبة، فأنا زرت بعلبك عندما كان عمري 11 سنة وكنت أتذكر القلعة كخيوط حلم ضايع“.
وأضافت ”لكن اليوم هو استثنائي بالنسبة لي وتاريخي لأني التقيت جمهوراً جديداً ومنحني المكان طاقة إيجابية دعمت صوتي وأطلقت له العنان“. وتابعت ”أنا فخورة وسعيدة اليوم، خصوصاً أننا نوجه تحية لروسيني أب الأوبرا“. وكان جمهور الموسيقى الكلاسيكية اللبناني وغالبيته من الفئات العمرية التي تخطت الأربعين عاما حاضرا بقوة في بعلبك تارة يتمايل وتارة يقول الآه لأصوات ضخمة ومرنة تغلغلت في هياكل بعلبك.