قصة 5 أشهر كتبت نهاية إخوان النمسا.. تفاصيل تنشر لأول مرة
لم تكن قصة المنشق عن الإخوان المغدور في فيينا سوى بداية لخيط من الأحداث تبرز بمجرد الكشف عن الواقعة.
هذه الأحداث تكشف ملابسات ونقاط تحول في تحقيقات الإخوان في النمسا، قبل أشهر من تنفيذ الشرطة مداهمات ضد 60 هدفا للجماعة بـ4 ولايات صبيحة 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
ويتعلق التحقيق في ملف الإخوان بالنمسا، والذي يشمل 70 مشتبها بهم، بالعضوية في منظمة إرهابية وتمويل الإرهاب وغسل الأموال.
واقعة الضرب
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "فولكس بلات" النمساوية، تعرض عالم الدين الإسلامي "أحمد. م" (جرى تغيير اسمه لحمايته)، لضرب مبرح استدعى نقله إلى المستشفى قبل أسبوعين في فيينا.
ولفتت الصحيفة إلى أن الجناة في هذه الواقعة هما اثنان من أقارب رئيس جمعية ثقافية تابعة لتنظيم الإخوان في النمسا.
وتوصلت "العين الإخبارية" إلى هوية المجني عليه في هذه الواقعة، وهو مولود في مصر وكان عنصرا سابقا في الإخوان قبل أن يتخذ منحنى مغايرا في السنوات الأخيرة، لكنها تفضل عدم ذكر اسمه الحقيقي.
ومنذ سنوات، يعتبر المنتمون للأوساط الإسلاموية في النمسا، أحمد.م، "خائنا"، لأنه اتجه للدعوة إلى ما يعرف بـ"الإسلام المعتدل"، أو "الإسلام الأوروبي"، وهي حملة مضادة لتيارات الإسلام السياسي في القارة العجوز.
وقبل ٣ أسابيع، زاد غضب التيارات الإسلاموية المتطرفة ضد الرجل، مع خروج معلومات تفيد بأن إفادته التي قدمها للشرطة بعد مداهمات العام الماضي، تعد ضمن الأسس التي يقوم عليها التحقيق في أنشطة الجماعة في الأراضي النمساوية.
تفاصيل مثيرة
ورغم ما حدث لـ"أحمد.م"، فإنه مثل عشرات آخرين، متهم بالانتماء إلى جماعة الإخوان، ويعد أحد المشتبه بهم الـ٧٠ في القضية الجارية بالنمسا.
لكن الرجل يختلف عن بقية المشتبه بهم في نقطة واحدة؛ أنه قدم للمحققين معلومات عن المشهد المحلي للإخوان في النمسا.
ووفق تقرير لصحيفة "دير ستاندرد" النمساوية، كانت المعلومات التي قدمها "أحمد.م" للسلطات أساسية في بناء هيكل قضية الإخوان الخاضعة للتحقيق في مكتب الادعاء العام في مدينة جراتس.
وتسرد الصحيفة نقلا عن مصادر لم تسمها، ولأول مرة، ما حدث، إذ قالت "بدأ كل شيء في منتصف يونيو (حزيران) 2020، عندما رأى المحققون في القضية أنهم في طريقهم لتحقيق إنجاز كبير"، وفق ما طالعته "العين الإخبارية".
وتابعت "في مساء هذا اليوم، استمع المحققون إلى مكالمة هاتفية هامة أجراها الرجل الذي أصبح فيما بعد مصدرًا مهمًا "أحمد. م"، ضمن مكالمات مسجلة خضعت للفحص في أثناء التحقيقات الأولية.
وأضافت الصحيفة "بعد خمسة أيام فقط من المكالمة، خضع "أحمد.م" للاستجواب، وتفريغ حقيبته.. وتحدث بشكل مفصل عن الهياكل وممثلي الإخوان المسلمين في النمسا، وقبل كل شيء، حدد من ينتمون إلى دائرة القيادة الداخلية" في الجماعة.
ومضت قائلة "لكن المعلومات التي قدمها الرجل عن الإخوان وأنشطتهم، جديرة بالثقة على ما يبدو للسلطات"، مضيفة "انتهى الأمر بتصريحاته كلمة بكلمة، في مذكرة مهدت للحصول على أمر قضائي بإجراء المداهمات ضد أهداف الجماعة".
وفي ٩ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠٢٠، داهم نحو ألف ضابط شرطة عشرات الشقق والمنازل وكذلك الجمعيات والمباني التجارية في ٤ ولايات بينها فيينا، في إطار التحقيقات في ملف الجماعة.
ومنذ ذلك الحين، تجري التحقيقات ضد حوالي 70 شخصًا وجمعية، وتخضع 200 من البيانات المؤمنة للفحص.
فيما قدم العديد من المشتبه بهم بالفعل طلبًا للمحاكم لوقف الإجراءات ضدهم في محاولة لعرقلة التحقيق، إلا أن للمدعي العام في جراتس يقول إنه لا يمكن تحديد موعد انتهاء التحقيقات حاليًا.
الاعتداء قيد التحقيق
وبعيدا عن ذلك، لا تزال التحقيقات جارية مع المتهمين بالاعتداء على أحمد.م، فيما يخضع الأخير لمزيد من التحقيق في سياق التحقيقات الجارية حول أنشطة الإخوان بالنمسا باعتبار أنه كان جزءا من الجماعة في وقت سابق.
لكن أحمد.م، لم يحرك دعاوى قضائية لوقف التحقيقات مثلما فعل المتهمون الآخرون، لأنه يعتبر هذا التحقيق "تجربة ديمقراطية"، على حد قوله.
ووفق صحيفة "فولكس بلات" النمساوية، فإن الرجل مقتنع بأنه يستطيع دحض الشبهة بأنه "عضو قيادي في جماعة الإخوان بالنمسا" في نهاية التحقيقات.
وعن سبب ورود اسمه في قضية الإخوان من البداية، قال "كان عبر عملي كإمام في مسجد جراتس التابع لجماعة الإخوان المسلمين في الفترة من 2010 إلى 2012".
وتابع "مع ذلك، كانت لدي تجارب غير سارة مع الأشخاص في هذا المسجد، لدرجة أنني تخليت عن مهنة الإمام".
وأثبتت التحريات الأساسية في التحقيقات الشرطية في قضية الإخوان، قرب أحمد.م من الجماعة لعدة سنوات، ببعض الحقائق، منها ارتداء قميص عليه شعار رابعة المحظور حاليا بالنمسا، وتأديته التحية المرتبطة بهذا الشعار في فعاليات قبل سنوات، لكنه منفصل عن الجماعة منذ 2015.