"شاهدان من الداخل".. كيف تسير تحقيقات الإخوان بالنمسا؟
منذ ١٨ شهرا، يعكف الادعاء العام في مدينة جراتس النمساوية، على التحقيق في ملف الإخوان في النمسا، وينظر في آلاف الوثائق وناقلات البيانات.
ووفق تقرير لصحيفة دير ستاندرد النمساوية، فإن الادعاء العام، يعمل في الوقت الحالي، على استكمال التحقيقات في الملف، ودراسة كافة الوثائق التي يقدر عددها بالآلاف، فضلا عن ناقلات البيانات والحسابات البنكية.
وتستند التحقيقات في الوقت الحالي، إلى شاهدي إثبات نشطا في شبكة الإخوان بالنمسا لسنوات طويلة، وأدليا بشهادات متطابقة عن قيادات الجماعة وأنماط تحركها وهياكلها في البلد الأوروبي.
الشاهد الأول هو الباحث في الدراسات الإسلامية، أمير زيدان، الذي نشط لسنوات طويلة في شبكة الإخوان، وكان أحد قياداتها البارزة بالنمسا، قبل أن يتعاون مع السلطات النمساوية في ملف التحقيق الجاري حاليا.
وأدلى زيدان بشهادة عن قيادات الجماعة، ومن أدى البيعة لها، والمنظمات التابعة لها في النمسا.
لكن الأمر لا يتوقف عند هذه الشهادة، إذا تعاون أحد المشتبه بهم في القضية مع الشرطة، وهو الإمام والداعية "أ.م"، وتكتفي "العين الإخبارية" بذكر حروف من اسمه فقط، لأنه يخضع لحماية شرطية في الوقت الحالي.
وقدم "أ.م" أيضا، معلومات تفصيلية عن هيكل شبكة الإخوان، وأنشطتها، وقياداتها، والروابط بين المنظمات العاملة تحت مظلتها.
ورغم أن الشاهدين لم يكن يعرفان أن هناك شاهدا آخر في القضية، فإنهما قدما بيانات وتفاصيل متطابقة عن هياكل شبكة الإخوان وقياداتها وأنشطتها في النمسا.
لذلك، وفق صحيفة دير ستاندرد، يعتبر الادعاء العام أن المعلومات التي قدمها الشاهدان ذات مصداقية، وتؤكد الاتهامات الموجهة للمتهمين، بتمويل الإرهاب، وغسل الأموال، والانضمام لجماعة إرهابية.
كما أن واقعة أخرى ضيقت الخناق على الجماعة في النمسا، إذ تعرض الشاهد "أ.م" لاعتداء بدني من عناصر تابعة لجماعة الإخوان في أحد شوارع فيينا، بعد أن كشفت الشرطة عن هويته في أوراق القضية المتاحة لمحاميي المتهمين.
وتعتقد الشرطة أن "أ.م" تعرض لاعتداء بسبب شهادته على الإخوان، وباتت الواقعة ركن من أركان القضية، وفق تقارير نمساوية.
وتعود القضية إلى 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما داهمت قوات خاصة من الشرطة النمساوية، فجرا، مقار إقامة ومنظمات مرتبطة بشبكة الإخوان الإرهابية في 4 ولايات نمساوية.
واستجوبت على الفور 70 شخصا بتهم تتعلق بـ"عضوية منظمة إرهابية"، و"تمويل الإرهاب".
ومع مرور الوقت، وتكثيف التحقيقات، توسع عدد المشتبه بهم الرئيسيين في القضية إلى 100 شخص، وحاولت جماعة الإخوان يائسة عرقلة التحقيقات التي يتولاها مكتب الادعاء العام في مدينة جراتس النمساوية.
لكن الادعاء العام الذي أكد لـ"العين الإخبارية" مؤخرا، استمرار التحقيقات في الملف دون توقف رغم مناورات الجماعة الإرهابية، وضع يده على أدلة جديدة ربما هي الأقوى في ملف تمويل ممثلي الإخوان للإرهاب، ولأذرعها في مناطق أخرى حول العالم.
وبعد فحص آلاف الصفحات وعدد من هواتف المشتبه بهم، وصلت تحقيقات الادعاء العام لخيط مهم يتمثل في منظمة جمع تبرعات تابعة للإخوان وتنشط في الأراضي النمساوية، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "دي ستاندرد" النمساوية التي لم تذكر اسم المنظمة.
غير أن المحققين عثروا في ملفات منظمة جمع التبرعات، على بعض القواسم المشتركة في التحويلات التي تجمعها من النمسا، حيث حولت المنظمة مبالغ كبيرة إلى ما يسمى جمعية الإصلاح الاجتماعي، ومقرها الكويت والأردن وعلى صلة بجماعة الإخوان.
ووفق الصحيفة، يستعين المحققون بإعلان دول مثل كازاخستان، جمعية الإصلاح الاجتماعي، كمنظمة متهمة "بتمويل الأنشطة الإرهابية والانخراط في الجهاد المسلح"، للتدليل على خطورتها.
لكن السعودية تحظر أيضا التعامل مع المنظمة نفسها، إذ أكد مصدر لصحيفة "عكاظ" في ٢٠١٨، صحة تعميم صادر من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في المملكة، يحذر الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية ولجان التنمية الاجتماعية الأهلية من التعامل مع "جمعية الإصلاح الاجتماعي"، "لارتباطها تنظيمياً بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية".