"لم الشمل" في الجزائر.. ترقب لمشروع "غامض" يثير الجدل بشأن الإخوان
من وكالة الأنباء الرسمية، بدأت إرهاصات مشروع سياسي جديد بالجزائر بـ"غطاء رئاسي" تحت عنوان "لم الشمل"، والذي لا يزال غامضا في ظل عدم الكشف عن تفاصيله حتى اللحظة.
وهو المشروع السياسي الذي اعتبره خبراء في تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية" بأنه "مهم جدا لتحصين الجبهة الداخلية لكنه يحتاج إلى ضوابط قانونية" وفق تصريحاتهم، مشيرين في السياق نفسه إلى أنه قد يشمل "رموز النظام السابق لاستعادة الأموال المنهوبة وبعض المعارضين بالخارج".
فيما استبعد الحقوقي الجزائري لحسن تواتي في تصريح لـ"العين الإخبارية" "أي إمكانية لأن يشمل المشروع السياسي جماعة رشاد الإخوانية"، وكشف "أن ذلك مرفوض حتى للرئيس الجزائري وكل الأجهزة الأمنية" باعتبارها مصنفة تنظيماً إرهابياً، ومرجعاً ذلك إلى الجرائم التي ارتكبتها وإلى ما كشفته الأجهزة الأمنية الجزائرية مؤخرا عن "ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي".
وفي حال العرض الرسمي للمشروع السياسي، سيكون الرابع من نوعه في تاريخ الجزائر خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بعد "قانون الرحمة" في عهد الرئيس الأسبق اليامين زروال، ثم "قانون الوئام المدني" وميثاق السلم والمصالحة الوطنية" بعهد الرئيس السابق والراحل عبد العزيز بوتفليقة..
- خطوة جزائرية مفاجئة لاسترجاع الأموال المنهوبة
- الجزائر.. استئناف محاكمة شقيق بوتفليقة ورجل الأعمال "المدلل"
وانقسم الرأي العام في الجزائر بواجهته الحزبية، بين مرحب ومترقب وحذر مما يراه غموضاً حول المشروع، فيما طالب نشطاء سياسيون بأن يكون مرتكزا على "خطوات تهدئة وأرضية للتغيير الجذري المأمول".
ومنذ توليه الحكم نهاية 2019، اتخذ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدة خطوات تهدئة، أطلق خلالها على مدار الـ30 شهرا الماضية عدة نشطاء من الحراك الشعبي والتي عدتها شخصيات سياسية "عربون تهدئة" من السلطات الجزائرية.
"برقية إعلامية"
ونشرت وكالة الأنباء الرسمية مقالا اطلعت "العين الإخبارية" على محتواه بعنوان "عبدالمجيد تبون، رئيس جامع للشمل"، ذكرت فيه بأن الرئيس "الذي انتخبه الجزائريون المتطلعون لحلول جزائر جديدة، يعتبر رئيساً جامعاً للشمل".
ووضع المقال "خطوطاً حمراء" لفكرة "لم الشمل"، وأكد أن "يد الرئيس عبدالمجيد تبون وهو رئيس لطالما اهتم بالنقاش السائد في المجتمع ممدودة للجميع، بشكل دائم، ما عدا للذين تجاوزوا الخطوط الحمراء وأولئك الذين أداروا ظهرهم لوطنهم، فهو ليس من دعاة التفرقة بل بالعكس تماماً".
وتابعت وكالة الأنباء الرسمية مقالها: "ويجب أن يعرف أولئك الذين لم ينخرطوا في المسعى أو الذين يشعرون بالتهميش، أن الجزائر الجديدة تفتح لهم ذراعيها من أجل صفحة جديدة، فكلمة إقصاء لا وجود لها في قاموس رئيس الجمهورية الذي يسخر كل حكمته للم شمل الأشخاص والأطراف التي لم تكن تتفق في الماضي".
مشاورات سياسية
وخلال الأسبوع الحالي، بدأ الرئيس الجزائري مشاورات سياسية مع مختلف الفواعل السياسية.
واستقبل بعض قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان، بينهم جيلالي سفيان رئيس حزب "جيل جديد".
وصرّح جيلالي لوسائل الإعلام المحلية بأنه ناقش مع تبون عدة ملفات تخص البلاد، أبرزها وضعية الإعلام، والتحديات والاستحقاقات القادمة التي تنتظر الجزائر.
فيما اعتبر مراقبون بأن المشاورات الرئاسية تسبق تعديلا حكومياً مرتقباً، وأيضا لتحضير الطبقة السياسية لتشكيل لجنة خاصة لإعادة النظر في نظام الدعم الاجتماعي الذي تقرر أن يتم إشراك الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني لإثرائه والحسم فيه.
استيعاب للخطر
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية" نبه جيلالي سفيان رئيس حزب "جيل جديد" بأن حزبه لا يملك معطيات دقيقة حول المشروع، لكنه أكد "أهميته وإيجابية".
وقال: "لا أملك معطيات دقيقة، لكن من المعلوم أن وكالة الأنباء الرسمية لا تتكلم من محض إرادتها، هناك ربما إرادة سياسية للذهاب نحو انسجام أكبر داخل الطبقة السياسية".
وأوضح أن "الملاحظ اليوم أن الأحزاب السياسية التي تملك أغلبية نسبية داخل المؤسسات المنتخبة ليس لها أي دور اليوم، والبعد السياسي أصبح غائباً تماماً، والسلطة في الجزائر لا يمكنها التواصل مع المجتمع إذا لم تتوفر حلقة التواصل بين الطبقة السياسية ككل والمجتمع".
وفي اعتقاده فإن "هناك وعياً لدى السلطة بهذا الخطر، خاصة في ظل الأزمة العالمية التي نعيشها، وعلينا كجزائريين أن نقوي الجبهة الداخلية، وهذا ما قلناه مرارا وتكرارا وللأسف لم نصل إليه بعد".
وأكد رئيس الحزب الجزائري أنه "من المهم جدا أن كل القوى الحية في البلاد أن تدخل في تعاون فيما بينها، وأن يكون هناك نقاش وحوار، لأن الرهانات كبيرة جدا.
"ما أوردته وكالة الأنباء شيء إيجابي جدا، يجب أن نذهب إلى حوار وطني حقيقي يدمج كل القوى السياسية حتى نصل إلى آفاق جديدة".
الملفات المطروحة
أما عامر رخيلة العضو السابق بالمجلس الدستوري والمحكمة العليا بالجزائر فقد أشار إلى أن الفرضيات الـ3 المتداولة هي "ملفات مطروحة في أوساط السلطة والإعلام وبمراكز القوى الموجودة في الجزائر".
وأوضح في حديث مع "العين الإخبارية" "مراكز القوى هي ما كان يسمى بالحراك الشعبي التي لم يتبن منشطوها ومحركوها والمتحدثين باسمها دون صفة معلومة أو الذين نصبوا أنفسهم متحدثين باسمه، ولم نسمع منهم يوماً موقفاً لتعزيز موقف السلطة فيما يخص المتابعات القضائية التي شملت العابثين بالمال العام والسياسيين الذين خانوا الأمانة".
وأضاف أن "كل الفرضيات المطروحة قد تكون هي المقصودة تحت عنوان لم الشمل الوطني، سواء ما تعلق بالمتهمين بنهب المال العام أو المعارضين المتواجدين خارج البلاد، ورئيس الجمهورية طبقاً للدستور يملك صلاحية إصدار ما يسمى العفو الخاص على الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية، وهو العفو الذي يشمل مهما كان الجُرم الذي صدر في حقهم، سواء جرم سياسي أو مالي بما فيها الخيانة العظمى، لكن العفو الخاص لا يشمل الدعوة القضائية المدنية".
وفيما يتعلق بالمعارضين في الخارج، أوضح الحقوقي أنه "في حال قبولهم العودة إلى المجتمع، فإن رئيس الجمهورية يقيدهم في نشاطهم السياسي"، وإن استبعد أن يتحقق ذلك خصوصاً فيما يتعلق بالهاربين المنتمين لتنظيم الإخوان الإرهابي.
لكنه يرى بأن ذلك يمكن أن يتحقق "مع الضباط والعسكريين أو الإعلاميين الذين غادروا الجزائر، والكثير منهم سيستجيب لهذه الدعوة، لأن المُشرع الدستوري لم يحدد طبيعة الجرم الذي يمكن أن يكون عليه العفو الخاص".
لا عفو عن الإخوان
أما المحامي والحقوقي لحسن تواتي فقد استبعد في حديث مع "العين الإخبارية" أن يكون مشروع لم الشمل "شاملا للقيادات الإخوانية التي تنتمي لحركة رشاد الإخوانية الإرهابية".
وشدد على أن ما تروج لها هذه القيادات الإخوانية الهاربة المصنفة على لوائح الإرهاب بالجزائر "مجرد أكاذيب"، وأوضح أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال العفو عن هؤلاء، وما يروجون له مجرد تمويه".
واستطرد قائلا: "لم الشمل يقصد به عصابة النظام السابق، والكتل المتناطحة، ولا الرئيس عبد المجيد تبون ولا الأجهزة الأمنية قابلة أن تدخل هذه الوجوه، ودخولهم حالياً غير ممكن، وفي حال دخولهم فإنهم سيتحملون المسؤولية القانونية الكاملة".
aXA6IDMuMTM4LjM2LjE2OCA= جزيرة ام اند امز