خطوة جزائرية مفاجئة لاسترجاع الأموال المنهوبة
من "منجل العدالة" إلى "التسوية الودية"، خطوة جزائرية رسمية مفاجئة لاستعادة الأموال المنهوبة من أركان النظام السابق.
لم يكن ذلك تكهنات أو شائعات، بل هو قرار رسمي تبلور في "مخطط عمل" الحكومة الجديدة التي يقودها أيمن بن عبد الرحمن، والمرتقب أن يعرضه، الإثنين المقبل، على غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) لمناقشته والمصادقة عليه، وفق أحكام الدستور.
- المصالحة مع رجال أعمال بوتفليقة.. مبادرة تثير جدلا بالجزائر
- تبون "يبشر" الجزائريين حول أموال نظام بوتفليقة بالخارج
تضمن مخطط عمل حكومة بن عبد الرحمن "تسوية ودية لاستعادة الأموال المنهوبة" في سابقة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أبريل/نيسان 2019، والزج بأركان نظامه في السجن بتهم فساد، بينهم رؤساء حكومات ووزراء سابقون، ورجال أعمال، وشخصيات سياسية وأمنية وعسكرية.
وقالت الحكومة الجزائرية إن اللجوء إلى التسوية الودية مع أركان النظام السابق يسهم في تعزيز القدرات المالية للدولة التي تعيش على وقع ضائقة مالية منذ 2014، وازدادت حدتها عقب تفشي جائحة كورونا السنة الماضية، فيما بلغت خسائر الجزائر من تبعات تذبذب أسعار النفط وجائحة "كوفيد 19" 10 مليارات دولار في 2020، وسط توقعات باستمرار تآكل احتياطات الصرف إلى نحو 40 مليار دولار.
جاءت رغبة السلطات الجزائرية في تسوية ملف الأموال المنهوبة ضمن إصلاحات جديدة تنوي القيام بها بحسب ما ورد في مخطط عمل الحكومة، والمرتبطة أساسا بإصلاح الوضعين الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
ولم تحدد الحكومة الجزائرية صيغة واضحة في برنامج عملها الجديد لطريقة "التسوية الودية" مع أركان النظام السابق المتورطين في قضايا ونهب المال العام، وإن كانت الخطوة مرتبطة أيضا بـ"صدور عفو شامل عنهم مقابل إرجاعهم الأموال المنهوبة".
صفقة أم خيار أخير؟
وتباينت مواقف المراقبين إزاء الخطوة المرتقبة لحكومة تبون الجديدة بـ"تسوية ودية" لاستعادة الأموال المنهوبة، والتي كانت أبرز تعهد للرئيس الجزائري الحالي في حملته الانتخابية.
واعتبر متابعون بأن هذه الخطوة "تمثل تراجعاً" من السلطات الجزائرية عن استعادة الأموال المنهوبة بسطوة القانون، التي سبق لها التعهد بـ"عدم التسامح مع كل المتورطين في قضايا فساد".
وفق قراءات مراقبين، فإن "التسوية الودية" مؤشر على "فشل المفاوضات بين الجزائر والدول التي تحوز على أغلب أموال وممتلكات أركان النظام السابق" رغم تأكيد الرئيس الجزائري بأنها "وصلت إلى مراحل متقدمة" وبشّر الجزائريين بـ"قرب استعادتها".
ولم تعلن السلطات الجزائرية عن حجم الأملاك والأموال المنهوبة والمهربة إلى بنوك أوروبية وآسيوية وحتى في أمريكا اللاتينية، لكنها أوساط إعلامية قدرتها بنحو "200 مليار دولار إلى 500 مليار دولار" تم تهريبها منذ 2015، بينما قدر حقوقيون قيمة الأموال المنهوبة الموجودة داخل الجزائر بنحو 60 مليار دولار، موزعة بين أموال منقولة وأملاك.
في حين اعتبر مراقبون أن اعتزام السلطات الجزائرية الدخول في مفاوضات مع أركان النظام السابق هو نتيجة "صفقة تراضٍ" بين الطرفين، تعاد من خلال الأموال المنهوبة مقابل تخفيف العقوبات أو صدور عفو رئاسي عن المتهمين.
وسبق لبعض رموز النظام السابق أن أبدوا موافقتهم على إرجاع كل الأموال والأملاك التي حصلوا عليها بطرق غير قانونية في عهد النظام السابق مقابل العفو عنهم، كان من بينهم رجل الأعمال محي الدين طحكوت.
ويعزو المراقبون أسباب تحليلهم إلى المبادرة التي أطلقها عبد العزيز بلعيد، رئيس حزب "جبهة المستقبل"، والقاضية بـ"إطلاق سراح رجال الأعمال ومسؤولي النظام السابق المتورطين في الفساد مقابل استرجاع الأموال المنهوبة"، وهي المبادرة التي أثارت جدلا واسعاً في الجزائر.
وجاءت مبادرة بلعيد تحت عنوان "مصالحة مع رجال الأعمال لاسترجاع الأموال المنهوبة" من قبل المدانين في قضايا فساد ونهب المال العام والذين برزوا خلال عهد نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومعظمهم من المقربين من عائلته خصوصاً شقيقه ومستشاره الخاص السعيد بوتفليقة.
فيما تضمنت المبادرة صفقة تمثلت في التفاوض مع رجال الأعمال المسجونين في قضايا الفساد بهدف استرجاع الأموال المنهوبة خارج البلاد مقابل صدور عفو عنهم وإطلاق سراحهم، في وقت صدرت أيضا بحقهم أحكام بمصادرة جميع أملاكهم داخل وخارج البلاد.
ونهاية مايو/أيار الماضي، أصدرت المحكمة العليا؛ الهيئة القضائية الأعلى في الجزائر، أحكامها النهائية بـ"رفضها" جميع الطعون المقدمة في قضايا فساد كبار رموز النظام السابق.
وأقرت الهيئة القضائية العليا في الجزائر بأن الأحكام الصادرة في حق المتهمين "أصبحت نهائية وقابلة للتنفيذ" بما في ذلك أحكام السجن ومصادرة جميع أملاكهم داخل وخارج البلاد.
aXA6IDE4LjIxNy4yMDcuMTEyIA== جزيرة ام اند امز