المصالحة مع رجال أعمال بوتفليقة.. مبادرة تثير جدلا بالجزائر
أثارت مبادرة أطلقها سياسي جزائري لـ"إطلاق سراح" رجال أعمال متورطين في الفساد مقابل استرجاع أموالهم جدلا كبيرا في البلاد.
وأعاد عبد العزيز بلعيد، رئيس حزب "جبهة المستقبل"، للواجهة مبادرة سبق وأن طرحها في برنامجه الانتخابي خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية 2019.
- تبون "يبشر" الجزائريين حول أموال نظام بوتفليقة بالخارج
- كشفها 5400 يورو.. معلومات لا تعرفها عن "طليقة" بوتفليقة
وجاءت مبادرة بلعيد تحت عنوان "مصالحة مع رجال الأعمال لاسترجاع الأموال المنهوبة" من قبل المدانين في قضايا فساد ونهب المال العام والذين برزوا خلال عهد نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومعظمهم من المقربين من عائلته خصوصاً شقيقه ومستشاره الخاص السعيد بوتفليقة.
ومن بين هؤلاء رجال الأعمال الذين صدرت ضدهم أحكام نهائية بالسجن تراوحت بين 3 سنوات و20 سنة سجناً.
فيما تضمنت المبادرة صفقة تمثلت في التفاوض مع رجال الأعمال المسجونين في قضايا الفساد بهدف استرجاع الأموال المنهوبة خارج البلاد مقابل صدور عفو عنهم وإطلاق سراحهم، في وقت صدرت أيضا بحقهم أحكام بمصادرة جميع أملاكهم داخل وخارج البلاد.
ولا يعرف أحد الرقم الحقيقي للأموال المهربة خارج البلاد والتي قدرتها في أوقات سابقة تقارير صحفية بين 200 مليار دولار إلى نحو 500 مليار دولار، وأشارت إلى أنه تم تهريبها منذ 2015.
وفي إحدى التجمعات الشعبية شرق البلاد، قال عبد العزيز بلعيد: "نحن نريد السلم في البلاد، ولهذا نادينا بالمصالحة الوطنية ونادينا أيضا بالتفاوض مع من هم في السجون، نعم نتفاوض معهم من أجل استرجاع الأموال الموجودة في الخارج في أسرع وقت ونحل المشاكل المالية التي تعيشها البلاد".
وأعطى السياسي الجزائري أمثلة عن دول أخرى قال إن "في عدالتها التفاوض"، مضيفاً: "ماذا يهمني أن يتواجد شخص لديه 3 أو 4 مليارات دولار في الخارج وهو في السجن، من الرابح هل أنا؟ أم الشعب؟ بالإضافة إلى ذلك يتم إطعامه وإيواؤه".
وتابع مدافعاً عن مبادرته: "أعطنا الأموال وأخرج من السجن، أعطنا أموالك التي هي في الحقيقة ليست أموالك بل أموال الشعب الجزائري من أجل حل المشاكل".
بلعيد اعتبر أن "المسؤولية لا تقع فقط على عاتق رجال الأعمال المتهمين بالفساد" وحمّل في المقابل المسؤولية لنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ودعا لـ"الذهاب إلى مصالحة مالية واقتصادية مع الإطارات المسجونة".
وأثارت مبادرة رئيس حزب "جبهة المستقبل" جدلا واسعاً في الجزائر، وانقسم الجزائريون بين منتقد لها كونها "مبادرة مرفوضة شكلاً ومضموناً وأن ملايين الجزائريين خرجوا لرحيل نظام بوتفليقة ومحاسبة أركان ورموز نظامه على سنوات الفساد ونهب المال العام"، وآخرون رأوا أنها "بالون اختبار من قبل السلطة لرصد ردة فعل الشارع قبل طرحها أو إلغاء الفكرة".
فيما اعتبرها جزائريون آخرون "فكرة ذكية تمكن من استرجاع الأموال الطائلة المنهوبة المتوزعة عبر عدد من بنوك العالم وبإمكانها إنقاذ الاقتصاد الجزائري من شبح الانهيار"، وأنها "حل ناجع لأزمة فشلت السلطة في إيجاد حل لها ويمكن تطبيقها على غرار ما فعلته روسيا مع رجال الأعمال الفاسدين".
تعهد رسمي
ولم تعلق الحكومة الجزائرية على المبادرة التي طرحها عبد العزيز بلعيد، إلا أن مراقبين "استبعدوا" أن توافق على مقترح رئيس حزب "جبهة المستقبل" خصوصاً بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس البلاد عبد المجيد تبون والتي تعهد فيها بـ"استرجاع الأموال المنهوبة بعد أن تلقت الجزائر ضمانات أوروبية لتسليمها".
ومطلع الشهر الحالي، كشف الرئيس الجزائري عن ضمانات أوروبية قدمت للجزائر لـ"مساعدتها على استعادة" تلك الأموال، ونوه بأن جزءا كبيرا منها تم استثماره في دول أوروبية.
وقال تبون في تصريح إعلامي: "لن أتخلى عن تعهداتي باستعادة الأموال المنهوبة وترقبوا أنباء سارة بداية من هذا الشهر"، فيما انتهى الشهر الحالي دون أن تعلن السلطات الجزائرية عن أي خطوات جديدة لاسترجاع الأموال المنهوبة من عهد النظام السابق.
غير أنه ربط استعادتها أيضا بصدور الأحكام النهائية في المحكمة العليا ببلاده ضد رموز النظام السابق والتي تقضي أيضا بمصادرة جميع ممتلكاتهم، مضيفاً "سيأتي يوم سيبوح هؤلاء بالمال الذي يخفونه لأن ذلك في صالحهم"، وأن "الأملاك والأموال المنهوبة المسترجعة داخل الجزائر لا تمثل شيئا مقارنة بما تم تهريبه وإخفاؤه".
وأكد تبون أن كل الدول الأوروبية أبدت رغبتها في التعاون مع الجزائر لاسترجاع الأموال المنهوبة، مشيرا إلى أن "جائحة كورونا ساهمت في تعطيل إجراءات استعادة تلك الأموال المهربة".