الإخوان تخترق أكبر المؤسسات الألمانية.. ابتزاز ومظلومية
من مصر إلى أوروبا، تتغير المجتمعات وأنماط الإدارة، لكن لا تتغير الإخوان؛ فالجماعة تلعب دور الضحية، وتستخدم الابتزاز لتحقيق أهدافها.
وفي الأشهر الأخيرة، استغل الإخوان وعدد من التنظيمات التركية المتحالفة معها، هجوم هاناو الإرهابي لاختراق المؤسسات الألمانية بأساليب لا تختلف كثيرا عما اعتادت الجماعة فعله في أي مكان تضع أقدامها فيه، لكنها كانت مؤثرة هذه المرة.
بداية القصة كانت في 19 فبراير شباط 2020، عندما أطلق رجل يميني متطرف يدعى توبياس ر. بدوافع عنصرية، النيران على 12 شخصا بينهم والدته، فقتل 9.
وكان بين الضحايا 9 من أصول مهاجرة، مسيحيين ومسلمين، بل إن خلفيات الضحايا كانت متنوعة: ألمانية وكردية وبلغارية وتركية ورومانية ويوغوسلافية وأفغانية، ولم يكن هناك ما يشير إلى أن الجاني استهدف قتل المسلمين فقط.
وكان توبياس يعتنق بعض الأفكار المتطرفة عن الجنس الألماني، وكراهية الأجانب بسبب السلوك السيئ لجماعات عرقية معينة، كما كتب في مذكراته.
ورغم أن الهجوم لم يكن يستهدف المسلمين فقط، وفق التحقيقات، فإن الإخوان وحلفاءها أعادوا إنتاج سرديته ليكون "معادا للمسلمين"، و"أحد مظاهر العداء للمسلمين".
وأمام آلة قلب الحقائق والابتزاز الإخوانية، أعلن وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، تأسيس مجموعة الخبراء ضد العداء للمسلمين" وأسست ولاية برلين بـ"لجنة مناهضة العنصرية ضد المسلمين" بهدف منع تكرار أحداث مثل إطلاق النار في هاناو، ولكن المجموعة واللجنة لم تكونا إلا موضوعا قدم للإخوان في وزارة الداخلية الألمانية ووزارة العدل في ولاية برلين.
وفي هذا الإطار، قال موقع "تشي إينبلك" الألماني "خاص": "أثبتت الإخوان والجماعات التي تدور في فلكها أنها اكتسبت منذ فترة طويلة سلطة على الخطاب والقرارات السياسية في ألمانيا".
وتابعت "العام الماضي، حذرت هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، من خطر هذه الجماعات الذي يفوق خطر داعش والقاعدة على المدى الطويل".
وأضافت "لكن الدولة هي من تمنح هذه الجماعات وممثليها شرعية، فقد جرى دعوتها إلى مراسم جنازة ضحايا هاناو، وسمح لممثليها بالوقوف على المنصب بجانب رئيس البلاد، فرانك فالتر شتاينماير".
وتابعت "كانت هذه بداية استغلال الإسلاميين المتطرفين لهجوم هاناو، إذ حاول أيمن مزيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين، والذي وقف بجانب شتاينماير على المنصة، تفسير الحادث على أنه عنصرية وعداء ضد المسلمين".
بل إن أحد المواقع الألمانية نشر تقريرا بعنوان "السياسة صامتة بشأن الإسلاموفوبيا" في أعقاب الهجوم، متضمنا تصريحات لمزيك الذي وضع المسلمين في مركز المتضررين منه، لكن التقرير جرى حذفه بمجرد بدء الحديث عنه كدعاية لجماعات إسلامية متطرفة.
ومزيك يعد رأس متاهة تنتهي وتبدأ بالإخوان، فهو رئيس المجلس المركزي للمسلمين الذي يصف نفسه بالمستقل، لكن منظمة المجتمع الإسلامي، أكبر منظمة للإخوان في ألمانيا، هي من لعبت الدور الأكبر في تأسيس المجلس، بل إن تقارير الاستخبارات الداخلية تشير بوضوح إلى أن المجلس المركزي خاضع لنفوذ المنظمة الإخوانية.
كما أن المجلس المركزي يضم في عضويته منظمة أتيب، ذراع تنظيم الذئاب الرمادية التركي في ألمانيا، بل إن المنظمة التركية تلعب أيضا دورا قياديا داخل المجلس.
ووفق موقع "تشي إينبلك"، فإن مزيك يرتبط بعلاقة قوية برجب طيب أردوغان أيضا، وظهر بجانبه في مناسبات سابقة.
ولم يكن مزيك الوحيد الذي حاول الدعاية لهجوم هاناو على أنه "عنصرية ضد المسلمين"، إذ أسست الإخوان والجماعات المرتبطة بها العديد من الشبكات التي تعمل تحت شعار "مناهضة العنصرية" في ألمانيا، لتحقيق أهدافها على المدى الطويل.
"التحالف ضد الإسلاموفوبيا"
تقول الكاتبة زارا رفيرر إن أحد هذه الشبكات هي منظمة تسمى "CLAIM" أو التحالف ضد الإسلاموفوبيا وعداء المسلمين، الذي تملك روابط واضحة بالإخوان.
فبعض أعضاء هذه المنظمة يشغلون أيضا عضوية جمعية الشباب المسلم في ألمانيا، وهي منظمة شبابية تابعة للإخوان. بل إن القيادية في "CLAIM"، نينا موهي، مرتبطة بجمعية "إنسان" المرتبطة أيضا بالجماعة.
الأخطر أن "CLAIM" استطاعت في السنوات الماضية الوصول إلى مستويات كبيرة من التأثير في السياسة الألمانية، ووصل الأمر إلى مشاركة نائب رئيس البرلمان الألماني، كلوديا روت في أحد فاعليات المنظمة.
وفي الفترة الأخيرة، أرسلت المنظمة ذاتها خطابا ممهور بتوقيع 38 خبيرا في العلوم السياسية في ألمانيا، إلى الحكومة، تحت غطاء "محاربة العنصرية ضد المسلمين، لكنه لم يكن أكثر من محاولة لدفع الحكومة لتغيير خطابها السياسي إلى اتجاه تريده الجماعات المتطرفة، وفي "تشي إينبلك".
ووفق الموقع، كانت نتيجة ضغوط هذه المنظمة وغيرها من المنظمات التابعة للإخوان، تأسيس "مجموعة الخبراء ضد العداء للمسلمين" داخل وزارة الداخلية، بمشاركة نينا موهي، وهي أحد أذرع الإخوان.
بل إن وزير الداخلية ظهر مصافحا مزيك نفسه في صورة الترويج للمجموعة الجديدة، وذكر بيان التأسيس أن هجوم هاناو سبب التأسيس، ما يعني أن الإخوان استطاعت التأثير على والتلاعب بوزارة الداخلية الألمانية، وفق الموقع ذاته.
ولا تخدع "CLAIM" وزارة الداخلية فقط، إذ تحصل أيضا على تمويل من وزارة الأسرة الألمانية في إطار مشروع عن ترسيخ الديمقراطية، "أي أن دافعي الضرائب الألمان يدفعون ثمن تأثير الجماعات الإسلامية على الخطاب والسياسة الألمانية"، وفق "تشي إينبلك".
وقال الموقع "تستغل الجماعات الإسلامية مصطلح الإسلاموفوبيا في استراتيجية مزدوجة تشمل كسب التأييد من خلال لعب دور الضحية، وممارسة الابتزاز في مواجهة الحكومة".
وبخلاف "مجموعة الخبراء" التي باتت جزءا من وزارة الداخلية، وهي تمثل النجاح الأبرز للإسلاميين في ألمانيا، وفق "تشي إينبلك"، فإن وزارة العدل في ولاية برلين أسست أيضا لجنة مناهضة العنصرية ضد المسلمين، بضغوط من الجماعات نفسها.
ويشغل عضوية اللجنة كل من ليديا نوفل، رئيسة جمعية إنسان المرتبطة بالإخوان، ومحمد حجاج المدير الإداري للجمعية نفسها.
واختتم "تشي إنيبلك" تقريره قائلا "إن النتيجة الفورية لهذه الكيانات الجديدة هو منح الجماعات المتطرفة مزيد من التأثير في السياسة والمجتمع الألمانيين".
وتابع "مجموعة الخبراء واللجنة أدوات مهمة في أيدي الإسلاميين للحصول على سلطة اجتماعية وسياسية مهمة"، ما يفاقم خطرهم ويدق ناقوس الخطر.
aXA6IDMuMTYuNTEuMjM3IA== جزيرة ام اند امز