استخباراتية وسياسية.. موجة ضغط على حكومة ألمانيا لمواجهة الإخوان
تتزايد الضغوط الاستخباراتية والبرلمانية، على الحكومة الألمانية الجديدة، من أجل تبني نهج أكثر قوة وحزما ضد جماعة الإخوان الإرهابية.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أطلق عضو البرلمان وخبير الشؤون الداخلية في الاتحاد الديمقراطي المسيحي، كريستوف دي فريس، ورقة موقف تبنتها الكتلة البرلمانية للاتحاد فيما بعد، وتتضمن إجراءات قوية لمكافحة تيارات الإسلام السياسي، خاصة الإخوان الإرهابية.
دي فريس، عاد بعد ٨ أشهر من هذا التاريخ، وبدأ ممارسة ضغوط سياسية قوية على الحكومة الاشتراكية الديمقراطية، من موقع المعارضة، وأطلق تصريحات قوية جدا حول مكافحة الإسلام السياسي.
واتهم دي فريس، في تصريحات صحفية، الحكومة الجديدة التي حلّت محل حكومة الاتحاد المسيحي المحافظ الشهر الماضي، بـ"اللامبالاة الخطيرة" في الحرب ضد الإسلام السياسي.
وفي هذا الصدد، قال "تتجاهل الحكومة ملف مكافحة الإسلاموية، وهذا مقلق.. إن تهديد الإرهاب والإسلام السياسي ليسا ظواهر هامشية"، مضيفا "بالطبع علينا محاربة التطرف اليميني بكل الوسائل المتاحة، لكن هذا ينطبق على كل أنواع التطرف أيضا، وهنا تفتقر الحكومة الفيدرالية الجديدة إلى اليقظة".
وتابع "فيما يتعلق بالإسلام السياسي، الحكومة الفيدرالية الجديدة لا تتمتع باليقظة الكافية، فنشاط هذا التيار آخذ في الارتفاع. وفي الآونة الأخيرة، تم شراء عقار في برلين مقابل أربعة ملايين يورو لصالح منظمات الإخوان المسلمين، ويمكن أن يصبح العقار مركز الإسلاميين في ألمانيا".
ويصف رئيس مكتب حماية الدستور في ولاية شمال الراين - وستفاليا، بوركهارد فرير، أنشطة جماعة الإخوان المسلمين بأنها أكبر تهديد للمجتمع الحر، وفق ما نقله دي فريس.
وحول الخطوات التي اتخذتها حكومة الاتحاد المسيحي السابقة ضد الإخوان، قال البرلماني الألماني البارز دي فريس، "اعتمدنا بصفتنا الكتلة البرلمانية للاتحاد ورقة موقف تدعو إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد الإسلام السياسي والسيطرة عليه من الخارج".
وتابع "كخطوة أولى، قمنا بتشكيل مجموعة من الخبراء في وزارة الداخلية الاتحادية لتقديم تقارير إلى الحكومة والبرلمان حول التأثيرات والأنشطة الإسلاموية، وسننتظر ونرى دور هذه المجموعة في عهد الحكومة الحالية".
مستطردا "سوف نطالب بإصرار في البرلمان باتخاذ جميع التدابير الممكنة ضد الإسلام السياسي.. ومن المهم بالنسبة لي أن أشير إلى أن الغالبية العظمى من المسلمين في ألمانيا لا يريدون أية جماعات إسلاموية متطرفة في ألمانيا".
تحذيرات استخباراتية مستمرة
ولا يتوقف الأمر عند ضغط المعارضة القوية في ألمانيا، إذ اطلقت الاستخبارات الداخلية الألمانية بفروعها المختلفة تحذيرات قوية في الفترة الأخيرة من خطر الإخوان الإرهابية؛ كأكبر تنظيمات الإسلام السياسي.
وفي وقت سابق هذا الشهر، ذكر تقرير حديث لفرع هيئة حماية الدستور في ولاية ساكسونيا، شرقي ألمانيا، اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن تنظيم الإخوان حقق طفرة في عدد قياداته الأساسية في الأراضي الألمانية في الفترة بين 2019 و٢٠٢٠.
وتفصيلا، ارتفع عدد العناصر الرئيسية للتنظيم الإرهابي في الأراضي الألمانية من 1350 في عام 2019 إلى 1450 في 2020، وفق التقرير ذاته، لكن عدد القيادات في ولاية ساكسونيا فقط، ظل ثابتا عند 25 شخصا.
واستمرت هيئة حماية الدستور في تصنيف الإخوان "جماعة معادية للدستور"، وبررت ذلك بأنها "تهدف إلى إقامة نظام سياسي واجتماعي وفقًا لأيديولوجيتها المناهضة للدستور"، وفق التقرير.
وأوضحت "هذه الأيديولوجية، بالإضافة إلى شكل الحكومة الذي تسعى إليه الإخوان، لا يتوافقان مع المبادئ الديمقراطية الأساسية؛ مثل الحق في إجراء انتخابات حرة، والحق في المساواة في المعاملة، وحرية التعبير والحرية الدينية".
وذكر التقرير أن "عددا من المتطرفين ومنظمات إرهابية خرجوا من عباءة الإخوان منذ سبعينيات القرن الماضي".
ذئب في ثياب حملان
التقرير قال أيضا إن استراتيجية "الذئب في ثياب الحملان" التي تتبعها الإخوان، ظهرت بوضوح في مصر خلال ما يسمى بـ"الربيع العربي" بين عامي 2011 و2013، إذ لم يكن تنظيم الإخوان أقوى فصيل في البرلمان فحسب، بل كان رئيس الدولة، محمد مرسي في الفترة بين ٢٠١٢ و٢٠١٣ منحدرا منه".
ولفت التقرير إلى أنه "أصبح من الواضح في ذلك الوقت، أن جماعة الإخوان ليست جزءًا من نظام ديمقراطي، لكنها أرادت استخدام الانتخابات الديمقراطية كنقطة انطلاق لفرض فكرتها عن تأسيس نظام سياسي إسلامي".
عداء للمجتمع الحر
وبعدها بأيام، ذكر تقرير هيئة حماية الدستور في ولاية ساكسونيا أنهالت وسط ألمانيا، أن "جوهر برنامج الإخوان المسلمين هو وحدة الدين والدولة. وهدفها هو تطبيق تفسيرها المنغلق للشريعة الإسلامية، ولا تستبعد استخدام القوة لتحقيق هذا الهدف".
وقال التقرير الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن "الإخوان المسلمين يرفضون النظام الديمقراطي الحر، لكن عناصر الجماعة تتبع أسلوبا براغماتيا يعتمد على المشاركة في المجتمع والاستفادة من مزايا النظام الديمقراطي، لكسب التأثير والنفوذ فقط".
وعن سبب فرض هيئة حماية الدستور رقابة على الإخوان، أوضح التقرير أن "أيديولوجية الإخوان المسلمين تتعارض مع مبادئ السيادة الشعبية والحرية الدينية والمساواة العامة المنصوص عليها في القانون الأساسي الألماني".
ووفق مراقبين، فإن الضغوط المكثفة التي تضعها هيئة حماية الدستور في تقاريرها، والمعارضة المحافظة القوية تحت قبة البرلمان، ستدفع الحكومة الجديدة إلى اتخاذ خطوات قوية ضد الإسلام السياسي.
ويتوقع المراقبون إجراءات قوية من الحكومة التي تتعرض لضغوط في ملف الإخوان، انطلاقا من برنامج الحكومة ونتائج المحادثات الاستكشافية التي سبقت تشكيلها.
وفي القسم المتعلق بالحرية والأمن، ذكرت ورقة المحادثات الاستكشافية لتشكيل الائتلاف الحاكم الجديد، بوضوح أن الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة تتعهد بـ"اتخاذ إجراءات حاسمة على كل المستويات، ضد الإسلام السياسي، والتطرف اليمني واليساري، ومعاداة السامية، حتى يصبح الأمن متوفر لكل شخص بقدر متساو".
كما تضمنت النسخة النهائية لاتفاق الائتلاف الحاكم الجديد في ألمانيا نصا واضحا على مكافحة الإسلاموية في البلاد.
وتملك الإخوان الإرهابية وجودا قويا في ألمانيا، عبر منظمة المجتمع الإسلامي، والعديد من المنظمات الصغيرة والمساجد المنتشرة في عموم البلاد.
وتُخضع هيئة حماية الدستور مؤسسات الإخوان وقياداتها في ألمانيا لرقابتها، وتصنفها بأنها تهديد للنظام الدستوري والديمقراطي.