"العين الإخبارية" تفكك شيفرة تحالف "كليم" والإخوان بألمانيا (تحقيق)
يتطلب تتبع أذرع وتحركات الإخوان في أوروبا كثيرا من اليقظة، وتوصيل نقاط تبدو أحيانا متنافرة ببعضها؛ لرسم الصورة كاملة ورصد الخطر.
هذا على وجه التحديد ما فعلته "العين الإخبارية" لتتبع ورصد العلاقة بين تحالف "كليم"؛ الذي يضم منظمات عدة تحت عنوان "مكافحة العداء للإسلام"، وتنظيم الإخوان الإرهابي في الأراضي الألمانية.
البداية كانت في 24 أكتوبر/تشرين أول الماضي، عندما وصلت "العين الإخبارية"، نسخة من طلب إحاطة مقتضب جدا تحت عنوان "تمويل ما يسمى بالتحالف ضد الإسلاموفوبيا وكراهية المسلمين (CLAIM) بأموال اتحادية".
طلب الإحاطة حث الحكومة على تقديم توضيح للفعاليات التي نظمها تحالف "كليم" وحصلت على تمويلات من الحكومة الاتحادية في ألمانيا، منذ 1 يناير/كانون ثاني 2017، وحجم الأموال الإجمالي الذي حصل عليه التحالف.
ولم يذكر طلب الإحاطة صراحة أي ارتباط بين تحالف "كليم"، والإخوان الإرهابية، لكنه سأل عن موقف هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" من المنظمات والجمعيات المشكلة لهذا التحالف، وهل تراقب الهيئة أيا منها؟.
هذا الطلب المقتضب الذي قدمه حزب "البديل لأجل ألمانيا" (شعبوي)، كان المربع الأول في رقعة بازل "علاقة الإخوان بتحالف كليم"، وكيفية إدارة الجماعة للأخير من خلف ستار "ناعم" لتحقيق أهدافها ونشر أفكارها المتطرفة.
أما المربع الثاني فكان رد الحكومة الألمانية على طلب الإحاطة سالف الذكر، والمؤرخ بـ7 نوفمبر/تشرين ثاني الجاري، واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه أيضا.
فالحكومة كشفت في الرد الذي أرسلته للبرلمان، أن تحالف كليم حصل على تمويلات حكومية اتحادية بين 1 يناير/كانون ثاني 2017، و30 سبتمبر/أيلول 2022، في إطار عدد من المشاريع، مثل مشروع "مو تك" الهادف لتعزيز ثقافة تلاميذ المدارس في ألمانيا، ومشروع "الديمقراطية الحية".
ووفق المذكرة الحكومية، فإن تحالف كليم حصل على تمويل من وزارة الداخلية الألمانية، في إطار مشروع مكافحة "العداء للإسلام"، يقدر بنحو 70 ألف يورو في عام ٢٠٢١.
كما يدعم مفوض الحكومة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين والاندماج مشروع تحالف كليم المعنون بـ “هذه عنصرية معادية للمسلمين.. التمييز العنصري ضد المسلمين"، بميزانية تقدر بـ55 ألف يورو في عام 2022.
وفيما يتعلق ببرنامج الديمقراطية الحية والتمويلات التي يحصل عليها "كليم" من خلاله، ذكرت المذكرة "في البرنامج الفيدرالي للديمقراطية الحية، يتم تمويل الأحداث في إطار مشاريع تعمل على تحقيق الهدف الأساسي (تعزيز الديمقراطية)، لذلك ليس من الممكن تحديد نفقات معينة".
وتعليقا على موقف هيئة حماية الدستور من المنظمات المنضوية تحت تحالف كليم ومدى خضوع بعضها للمراقبة من الهيئة، جاء في المذكرة الحكومية: "تقوم هيئة حماية الدستور بجمع وتقييم المعلومات كجزء من ولايته القانونية".
وتابعت "يسمح بيان حول حالة المراقبة للمنظمة (محل الرقابة) باستخلاص استنتاجات حول مستوى المعرفة وأساليب العمل العامة لهيئة حماية الدستور، ما سيكون له تأثير سلبي دائم على الهيئة".
ومضت قائلة "بعد دراسة متأنية للحق البرلماني في طرح أسئلة، والقدرة المستقبلية لهيئة حماية الدستور على العمل، اتضح أن هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه من حيث المبدأ".
ورغم التحفظ الواضع في مذكرة الحكومة الألمانية أيضا، فإن تقريرا سابقا لصحيفة "دي فيلت" الألمانية، كشف أن تحالف كليم حصل على تمويل أيضا من وزارة شؤون الأسرة وصل إلى 728 ألف يورو بين عامي 2017 و2019.
بالإضافة إلى ذلك، حصل تحالف كليم على ما مجموعه 960 ألف يورو، في عامي 2020 و 2021 كجزء من شبكة مشروع مكافحة الإسلاموفوبيا والعداء للمسلمين التابع لوزارة شؤون الأسرة.
ووفق بحث أجرته "العين الإخبارية"، فإن تحالف كليم من المقرر أن يحصل بنهاية العام الجاري على تمويل يقدر بـ555 ألف يورو من وزارة شؤون الأسرة أيضا، في إطار برنامج "الديمقراطية الحية".
المربع الأهم في لعبة بازل "كليم"، هو كيفية تأسيسها، فالتحالف رأى النور بعد أن لعبت منظمة تنشط أيضا في المجتمع المدني، ومعروفة باسم "إنسان"، غير أنها مرتبطة بشكل قوي بالإخوان الإرهابية.
فمحمد حجاج العضو المنتدب لمنظمة إنسان، هو أيضا نائب رئيس "مركز طيبة الثقافي"، الذي تصنفه تقارير أصدرتها هيئة حماية الدستور، كجزء من شبكة الإخوان في ألمانيا.
وبخلاف حجاج، هناك جسر آخر يربط "إنسان" بـ"كليم"، ويوطد الراوبط مع شبكة الإخوان، يتمثل في شخصية مثيرة للجدل تعد وجها ناعما للجماعة الإرهابية في ألمانيا، وهي نينا موهي.
موهي التي تتولى دورا قياديا في مجلس إدارة جمعية إنسان، تشغل عضوية مجموعة الخبراء ضد العداء للمسلمين التي أسستها وزارة الداخلية الألمانية قبل عامين، وفق صحيفة "دي فيلت".
وتلعب موهي دوراً أخطر عبر تحالف "كليم"، إذ تشغل منصب منسقة منظمة "كليم" والمتحكمة فيها.
وتستخدم الإخوان تحالف "كليم" في مهاجمة منتقديها وشيطنة مواقفهم، والضغط على الحكومة الألمانية لتحقيق أهدافها، عبر ادّعاء المظلومية والتعرّض لانتهاكات واعتداءات عنصرية.
بحث "العين الإخبارية" خلف الروابط بين تحالف كليم والإخوان الإرهابية، قادها أيضا، إلى 3 طلبات إحاطة قدمت في برلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا حول التحالف، في الفترة بين منتصف يوليو/تموز 2020، ومنتصف فبراير/شباط 2021.
هذه الطلبات حاولت النبش في علاقة تحالف كليم بالإخوان الإرهابية، وكيف يدار التحالف، وحاولت الضغط على حكومة الولاية لتقديم إجابات واضحة في هذا الإطار.
وفي رد على طلبات الإحاطة، قالت حكومة الولاية في 18 فبراير/شباط 2021، إن ثلاث منظمات أعضاء في تحالف كليم، تملك روابط مع جماعة الإخوان، دون أن تحدد هذه المنظمات.
وفي 1 أبريل/نيسان 2021، قدم حزب البديل لأجل ألمانيا طلب إحاطة في برلمان شمال الراين وستفاليا، جاء فيه إن منظمة إنسان، أحد المؤسسين الرئيسيين لتحالف كليم، "تملك روابط شخصية مؤسسية بمنظمة الجالية المسلمة الألمانية"، وهي المنظمة المظلية للإخوان في ألمانيا.
ووفق بحث "العين الإخبارية"، فإن المنظمة الثانية المرتبطة بالإخوان في تحالف كليم، هي منظمة "الشباب المسلم" في ألمانيا.
وكانت دراسة سابقة للمركز الاتحادي للتعليم السياسي (حكومي) في ألمانيا، ذكرت مؤخرا أن منظمة الشباب المسلم جزء من شبكة الإخوان، وجزء من منظمة "فيميسو"، المنظمة المظلية للمنظمات الشبابية الإخوانية في أوروبا.
أما المنظمة الثالثة المرتبطة بالإخوان في تحالف كليم، فهي المركز الإسلامي للبنات والمرأة والأسرة، والمعروف اختصارا باسم "رحمة".
وذكرت دراسة للخبيرة الألمانية في شؤون الإسلام السياسي، سيغريد هيرمان مرشال، أن مؤسسة رحمة جزء من شبكة منظمة الجالية المسلمة الألمانية، مظلة الإخوان، في مدينة فرانكفورت.
"العين الإخبارية" تواصلت مع برنامج "الديمقراطية الحية" لأنه أهم مانح للأموال لتحالف كليم في ألمانيا، لكن البرنامج أحالنا لوزارة الأسرة المسؤولة عنه.
ولم ترد وزارة الأسرة الألمانية على استفسار "العين الإخبارية" حتى الآن.
لكن المؤسسات الحكومية الألمانية تقع أحيانا في فخ استراتيجية الخداع التي تتبعها الإخوان الإرهابية، إذ ترمي الأخيرة لتشكيل شبكة واسعة من المؤسسات والجمعيات الوهمية تحت لافتات حقوقية ومجتمعية، وأحيانا تحت لافتة النشاط ضد التطرف ومعاداة المسلمين، وتقدم نفسها على أنها شريك موثوق للحكومة.
كما أن أحداث كثيرة في ألمانيا، خاصة الهجوم الإرهابي في برلين في ديسمبر/كانون أول 2016، أثبت ضعف التعاون بين المؤسسات الأمنية وباقي مؤسسات الحكومة في ألمانيا، وبطء وتيرة تمرير المعلومات بين هذه الجهات، ما يترك بعض المؤسسات الألمانية بدون معلومات واضحة ومثبتة عن الشركاء المحتملين.
هذا القصور ظهر أيضا في قضية تفجرت مؤخرا، هي قضية مجلس أئمة برلين، حيث مول برنامج حكومي ألماني، جمعية مرتبطة بالإخوان، والتي بدورها استخدمت الأموال في تأسيس مجلس أئمة يضم متطرفين ومجرمين مدانين قضائيا، ولم تتحرك السلطات وتفتح تحقيق إلى أن نشر تحقيق صحفي يكشف هويات أعضاء مجلس الأئمة.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTAuMTUwIA== جزيرة ام اند امز