حديث محمد بن سلمان ورد الإخوان.. الحقيقة والكذبة التاريخية
يزعم تنظيم الإخوان أن تاريخ الجماعة "شاهد على مواجهة التكفير والتطرف"، ويلوح بـ"الحوار المباشر" "لبيان حقيقة مواقفه قولا وعملا".
هذا الادعاء الإخواني الذي يتنافى مع الوقائع وحقائق الأمور والتاريخ، طرحه التنظيم الإرهابي في معرض رد في "بيان رسمي" على تصريحات الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أمس، لصحيفة "ذي أتلانتك"، والتي قال التنظيم إنها كانت "مفاجئة" له!
وأكد الأمير محمد بن سلمان، في تصريحات للصحيفة الأمريكية أمس، أن "تنظيم الإخوان يلعب دورا كبيرا وضخما في خلق كل هذا التطرف وبعضهم يعد كجسر يودي بك إلى التطرف وعندما تتحدث إليهم لا يبدون وكأنهم متطرفون ولكنهم يأخذونك إلى التطرف".
وفي بيان التنظيم، زعم أسامة سليمان المتحدث الرسمي باسم الإخوان (جبهة إبراهيم منير)، أن "الثابت تاريخيا أن جماعة الإخوان وسطية معتدلة وقفت دوما ضد الإرهاب والتكفير والتطرف".
وتابع "أدت (الجماعة) دورا بارزا في الحفاظ على مقدرات الشعوب، وحماية المجتمعات، والشباب من التطرف والغلو حتى في أحلك اللحظات التي مرت بها، وتشهد على ذلك مواجهتها لفتنة التكفير منذ الستينيات".
ولم يكتف بيان جبهة منير بهذا، بل شدد على استعداد الجماعة، للحوار المباشر، وقال "مع رفضها التام لكل انحراف عن صحيح الدين، فإن جماعة الإخوان ستظل على عهدها مستعدة للحوار المباشر وإزالة المخاوف حتى يتبين الجميع حقيقة مواقفها قولًا وعملا".
لكن التنظيم الإرهابي لم يوضح في بيانه، كيف سيعمل على إزالة ما أقره بـ"المخاوف" تجاه الإخوان.
كما أن التاريخ الذي يستند إليه التنظيم الإرهابي للدلالة على سلميته وتبرأته من ارتكاب العنف، هو نفسه يشهد بوقائع عديدة على ممارسة الإخوان للعنف والإرهاب والتحريض عليه.
وجهان للإخوان
ويقول هشام النجار، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "للإخوان على مدار تاريخها وجهان، فقولها غير فعلها، وما يزعمه قادتها هو من قبيل المناورات والخداع السياسي الذي لا يعكس حقيقة منهجها التكفيري الإقصائي الذي أفرز كل جماعات التكفير والإرهاب على الساحة".
وأكد النجار أن "جماعة الإخوان تعد الأخطر على الإطلاق بالمقارنة بتنظيمات إرهابية مثل داعش والقاعدة، لأنها تتعمد اخفاء منهجها التكفيري العنيف تحت خطاب سياسي ناعم وممارسات التغلغل المرحلي والمتدرج في المجتمعات والهيئات حتى تتمكن من الهيمنة على مفاصل الدولة، والوصول لهدفها الأخير وهو الانفراد بالسلطة".
ومضى قائلا "عكس تنظيم داعش كمثال، والذي لا يبدأ بهذه المناورات والخدع، وإنما يطبق مناهج العنف والتكفير علانية من أول لحظة دون مواربة".
كما أبرز أن "الإخوان توظف كل جماعات العنف والتكفير الأخرى لمصلحتها، وتعد بمثابة الجناح العسكري لها تسلطه على خصومها ومنافسيها".
وأوضح "الجماعة لها ذراع سياسية معلنة تخدع به المجتمع أسماه البنا (حسن البنا مؤسس التنظيم) المعرض، بالإضافة إلى جناح سري عسكري أسماه الورشة".
واستنادا إلى ذلك، يرى الخبير السياسي المصري أن بيان إبراهيم منير يسعى لتفعيل آليات الخداع التي تتبعها الإخوان، ويناور بذراع الجماعة السياسية في محاولة لإعادتها للمشهد السياسي بالمنطقة العربية مخفيا الأجنحة السرية وكل كوارث العنف والإرهاب التي ارتكبتها وترتكبها الجماعة حول العالم.
مناورة مكشوفة
يشار إلى أن تنظيم الإخوان الذي تأسس عام 1928، يعتبر أبرز التنظيمات الإرهابية التي تتستر وراء الدين، في العصر الحديث، ويملك شبكة من المنظمات والجمعيات حول العالم.
وأرجع النجار حديث جبهة منير عن "الاستعداد للحوار المباشر"، إلى أنها "محاولات لغسل السمعة من جهة، وتكريس جبهة منير نفسها كجبهة تقود الجماعة مع السعي لتهميش جبهة محمود حسين المناوئة من جهة أخرى".
ويضرب رأس تنظيم الإخوان منذ أشهر عديدة، انشطارا حادا بين جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام، والمقيم في لندن، وجبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة (إسطنبول)، كلتا الجبهتين المتناحرتين على المال والسلطة والنفوذ.
وبدوره، قال أحمد بان الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن "جبهة منير" تدرك أن القطيعة مع السعودية بعد مصر تعني انتهاء الجماعة، ويعنيها جدا أن تتقرب إلى السعودية ".
ونبه إلى أن "الإخوان تبدو على استعداد للحوار المباشر من أجل محاولات فاشلة لتبديد مخاوف الرياض".
تاريخ طويل من العنف
ومن يتتبع حركة تنظيم الإخوان منذ تأسيسه في أواخر العشرينيات حتى يومنا هذا، يرى أن العنف جزء لا يتجزأ من استراتيجية التنظيم في سبيل الوصول إلى السلطة، وما قد يتغير هو شكل هذا العنف الممارس تجاه المعارضين لنهج الجماعة.
فعلى مدار أكثر من 9 عقود، هي عمر الجماعة الإرهابية، لم يخل تاريخها في مصر من جرائم وإرهاب، بلغت ذروتها في أعقاب ثورة 30 يونيو/حزيران 2013.
ونفذت الجماعة عمليات اغتيالات واسعة روعت المصريين وهزت الأمن والاستقرار في البلاد، وتعود وقائع أكبر جرائمهم في فترة الأربعينيات إلى يوم 22 مارس/آذار عام 1948، حينما أسند الإخواني عبدالرحمن السند، رئيس الجهاز السري، لاثنين من الإخوان وهما حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم، مهمة اغتيال القاضي أحمد الخازندار الذي كان ينظر في قضايا عمليات إرهابية وتفجير دور سينما أدينت بها عناصر إخوانية.
ولم يكن الخازندار الوحيد الذي أصابه رصاص الإخوان، لكن أيضا رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي، حيث تم استهدافه بعد 20 يوما من قراره التاريخي بحل جماعة الإخوان بكل فروعها في البلاد ومصادرة أموالها وممتلكاتها، والقبض على رموز الجماعة في 8 ديسمبر/كانون الأول 1948، في دلالة واضحة على أن العنف وسيلة الجماعة الوحيدة في مواجهة الخصوم.
كما سعى التنظيم الإرهابي على مدار عقود إلى دفع البلاد للفوضى ومارس أشكالا عديدة من العنف بهدف تحقيق غاياته والوصول إلى السلطة.
فمن "حادث المنشية" عام 1954 إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس الراحل محمد أنور السادات في أبريل/نيسان 1974 المعروفة بـ"الفنية العسكرية".
وفي التسعينيات، لم يدن التنظيم الإرهابي عمليات العنف التي كانت مشتعلة بين الأمن والجماعات المتطرفة آنذاك بل تعدّى ذلك إلى مساعدة هذه الجماعات على الاستمرار في مواجهة الدولة وقواها الأمنية.
جولة حديثة
ومع تزايد الاحتجاجات في البلاد مطلع 2011، تنامى عنف الإخوان بداية من اقتحام السجون ومهاجمة الأقسام وهدم الكنائس، فضلاً عن أعمال الشغب التي مارستها عناصر التنظيم تجاه قوات الأمن والمعارضين لفكرهم الشيطاني.
ولا ينسى المصريون الأحداث الدموية أمام قصر الاتحادية، شرق القاهرة، التي ارتكبها التنظيم الإرهابى عصر 4 ديسمبر/كانون الأول 2012 واستمرت حتى فجر اليوم التالي.
ومنها إلى اعتصامي "رابعة" و"النهضة" في صيف 2013 وتخزين الأسلحة ومن ثم مواجهة الأمن ومحاولات بث الفوضى بالبلاد عبر أجنحة عسكرية شكلها التنظيم أبرزها "حسم" و"لواء الثورة"، "العقاب الثوري" والتي أعلنت عن نفسها بعد 2013.
ورغم أن جماعة الإخوان الإرهابية تعمل كتنظيم سياسي لكنها تتشابك في أيديولوجيتها وتحركاتها على الأرض مع تنظيمات إرهابية من داعش إلى القاعدة.
وقال سامح إسماعيل، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية في حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، إن "جماعة الإخوان حاولت تشكيل خطاب أيديولوجي يوظف كل معطيات الوضع الراهن لصالح التنظيم من خلال تكوين كتلة صلبة على مستوى القاعدة، عبر خطاب ديني مختزل، يوظف النص وفق بعد سياسي لصالح الجماعة، بينما تخاطب النخب السياسية في الداخل والخارج بخطاب أكثر مرونة".
aXA6IDE4LjE4OC4xMTAuMTUwIA== جزيرة ام اند امز