"قضية الكوراني".. رواية جديدة حول رأس المال السياسي والإخوان
تظل حلبة الصراع السياسي مقصداً لجميع الطامعين في التقرب من بلاط السلطان في مصر، سواء من خلال ضخ المال السياسي أو من خلال استخدام اللعب على أوتار الدين كما تلجأ له الجماعات الإرهابية.
وفي رواية ثرية صادرة حديثاً للكاتب الصحفي سيد الحراني، بعنوان: "قضية الكوراني"، خاض الكاتب في تفاصيل هذا التنافس والصراع المزمن بين القوى المختلفة المتوارث على مدار عقود في مصر.
وتنشغل الرواية بتفنيد جوانب عن الحياة الإجتماعية والاقتصادية والسياسية المعاصرة داخل المجتمع المصري والعلاقات المتشابكة مع السلطة والصحافة والإعلام، وتركز على كيفية تحكم واستخدام رأس المال لصناعة أهداف وطموحات لوبي المصالح، وبناء المنصات المختلفة المسيطرة على الأجيال المعاصرة للتأثير والتوجيه الثقافي والسياسي وأيضا حماية مصالح البعض على حساب آخرون..
وتنطلق الرواية، التي تدور كاملة على لسان بطلها "سعيد الكوراني"، داخل حي الزمالك الراقي بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث يعيش بطلها داخل قصره الحصين، وهو رجل أعمال ذو أصول ريفية عريقة وينتمي إلى أسرة معروفة أصر كبيرها وهو (الجد) الكوراني الكبير على تعليم حفيدة كل فنون الحياة وأطلعه على الثقافات والحضارات المختلفة واصطحبه معه في الكثير من لقائاته مع الزعماء والقادة.
تبدأ الرواية من نقطة في منتهى السخونة وهي لحظة القبض على بطلها "سعيد الكوراني" واحتجازه وخضوعه لتحقيقات تكون سبب في التوقف عن الانشغال بالعمل الذي لم يحدث له طوال سنوات عمره، ليسترجع شريط طويل من الذكريات والأحداث في محاولة للبحث عن إجابة للسؤال المحير لماذا تم القبض عليه الآن، وما المصير الذي سينتهي إليه؟.
"الكوراني" بطل الرواية هو رجل يمارس الأعمال التجارية في كل شيء وأي شيء، استثمارات تجارية وعقارية وزراعية وصناعية، لذلك كانت الوسيلة الوحيدة من لحماية كل هذه الاستثمارات صناعة حائط صد ودفاع قوي حسب ما تشير أحداث الرواية، لذلك استثمر "الكوراني" في مجال الصحافة والإعلام وانشأ مؤسسة صحفية ضخمة وشارك آخرين في محطات فضائية كبيرة.
بالفعل تحققت الحماية في مرحلة من المراحل واستطاع أن يمارس أعماله في هدوء ولكن انتهى كل ذلك مع أحداث ثورة 25 يناير 2011 حيث أصبح هناك سياسيين جدد، وحكام آخرين للمرحلة.
وللحديث عن فترة ما بعد ثورة يناير 2021 في مصر، وظهور جماعة الإخوان الإرهابية على المشهد السياسي المصري بقوة، حاول بطل الرواية من خلال تجربته الحياتية وعلاقات أسرته ومصاهرات أبنائه وبناته وشركائه وأقاربه وأصدقائه في الداخل والخارج المهادنة والدخول في شراكات مع تنظيم الإخوان ولكن الأمر لم يطل ليرحل تنظيم الإخوان وتسقط مخططاتهم الإجرامية في ثورة 30 يونيو.
في 2013 يأتي نظام جديد اصطدم به وبالكثير من المعوقات والتحديات الجديدة، فدخل مع هذا النظام في صراع مرير لأسباب مختلفة كان على رأسها أن جزءا من شراكاته الخارجية مع الأمريكان والألمان والإسرائيليين وغيرهم، تتعارض مع الكثير من السياسات الجديدة، وأن مؤسسته الصحفية والمحطات الفضائية التي يمتلك أسهما فيها كانوا من الأسباب الرئيسية في إشعال فتيل الثورة في مصر، وأنه يحرك جزءا من رأس ماله لأغراض خفية ليست في صالح الوطن والمواطن، أو هكذا يروج منافسيه، وهم كثر، ويتهموه وبعض أصدقائه القدامي في الجلسات الخاصة والعامة.
ولكن بطل الرواية "سعيد الكوراني" استطاع كعادته التغلب على كل جزء من تلك المعوقات ودخل سريعا وانخرط مجدداً مع من تعاقبهم في السلطة..
لذلك كان الأمر الغريب والسؤال الحائر طوال أحداث الرواية لماذا تم القبض عليه؟ ولماذا أصبح صاحب واحدة من أهم وأشهر القضايا التي يتابعها الرأي العام المحلي والدولي؟.
وتنتهي الرواية بانتهاء فترة احتجازه وأيضا قضيته، وانشغاله الشديد بالبحث عن إجابات الأسئلة التي ظلت بلا إجابات طوال أحداث الرواية لماذا حدث ما حدث؟ ومن وراء ما حدث؟
وحول مستقبل الرواية السياسية علق الكاتب السيد الحراني في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أنه يرى أن مستقبل الرواية السياسية في تصاعد وإقبال القارئ عليها ملحوظ في ظل تراجع اهتمامه السابق بالرواية "العاطفية" وروايات "الرعب.".
وأوضح أن ذلك الاهتمام يعود لعوامل كثيرة يأتي في مقدمتها الأحداث السياسية التي تفرض نفسها على المشهد العام المحلي والإقليمي والعالمي، وأيضا تفاعل القارئ مع تلك الأحداث مع وسائل نقل أحداثها خاصة بعد أن استطاعات الفضائيات وبرامج التوك شو ووسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة بكل أنواعها أن تدخل كل البيوت ويتفاعل التعامل معها كل أفراد الأسرة، واستطاعت أيضا أن تربط بين متغيرات الحياة اليومية للمواطن بحلوها ومرها وعالم السياسية بصراعاتها وقراراتها.
وأوضح: "هنا يأتي شغف قارئ الروايات في تحريك شهوة اكتشاف الغرائب، ومحاولة معرفة المزيد من كواليس عالم السياسة في الروايات السياسية".
يذكر أن السيد الحراني كاتب صحفي بمؤسسة أخبار اليوم، وباحث سياسي، وروائي مصري تخرّج في كلية الإعلام، جامعة القاهرة عضو نقابة اتحاد كتاب مصر شعبة الرواية صدر له: رواية "مارد"، مجموعة قصصية"خفايا القصور".
aXA6IDMuMTM2LjIyLjE4NCA= جزيرة ام اند امز