على ذكر سيد قطب، رمز النزعات التكفيرية المسلحة داخل الجماعة، وهو عرّاب تنظيم 1965 الذي خطط لمجموعة اغتيالات وتفجيرات رهيبة بتلك السنة
قبل أيام توفي المرشد الحديدي لـ«الإخوان» محمد مهدي عاكف عن نحو 90 عاماً، وهو يتلقى العلاج في المستشفى، سجيناً تحت المحاكمة.
غالباً هذا السن، سن التسعين، هو مظنّة أفول العمر، إلا ما شاء الله ممن يمتد به العمر، والرجل كان عليلاً أصلاً.
بادرت جماعة الإخوان لتوظيف الحدث في حربها الدعائية ضد الدولة المصرية، وقالت عبر بيان لها تعليقاً على وفاة عاكف إنها: «ستقتص لعاكف وكل من توفوا داخل السجون»، وأضافت الجماعة أن مرشدها السابق «استشهد مصارعاً للمرض في سجون الدولة، وهو يناهز الـ90 عاماً» على حدّ تعبيرها، محملة الحكومة المصرية مسؤولية وفاته.
أما الرواية المصرية الرسمية، فهي أن الشيخ الإخواني يتلقى العلاج منذ 6 أشهر، وبعد ذاك حلّت ساعة الرحيل بمستشفى القصر العيني الشهير.
الراحل عاكف وإخوانه قرروا أنهم في حالة حرب و«جهاد» فلمَ الشكوى؟ والأمر الآخر لإعلام الجماعة، لا يحتاج التحفيز للخيال والإبداع، فالمؤمن لا يكذب.
عاكف، رحمنا الله وإياه، هو من صقور الجماعة ومن التيار القطبي تحديداً، ومن رفاق محمد بديع والمرشد مصطفى مشهور، ما يعرف برجالات «النظام الخاص» داخل الجماعة.
على ذكر سيد قطب، رمز النزعات التكفيرية المسلحة داخل الجماعة، وهو عرّاب تنظيم 1965 الذي خطط لمجموعة اغتيالات وتفجيرات رهيبة بتلك السنة، باعتراف قادة التنظيم، ومنهم علي عشماوي، في مذكراته الشهيرة. أقول على ذكر قطب، فقد قضى خطيب الجماعة سنوات سجنه كلها داخل مستشفى طرة، ولقي العناية الطبية الخاصة، باعتراف مذكرات الإخوان كلها عن تلك المرحلة، بل وكان يدير تنظيم 65 من داخل مشفاه بالسجن، قبل أن يخرج لمواصلة قيادة عصاباته خارج السجن لبعض الوقت حتى تكشف التنظيم، ليعود للسجن ثم المحاكمة فالإعدام.
عاكف رجل الشدّة، متهم بقضية سُميت بأحداث مكتب الإرشاد، بكل حال ليست هذه أول قضية يتهم بها على مسيرة حياته الإخوانية.
انضم عاكف لـ«الإخوان» 1940. تدرّج حتى رأسَ قسم الطلاب عام 1954 قبل حلّ الجماعة والقبض عليه في نفس العام.
ظل عاكف سجيناً حتى 1974 وعندما أطلق سراحه بعهد الرئيس السادات اختير لعضوية مكتب الإرشاد التابع للجماعة منذ 1987، قبل أن يُقدَّم للمحاكمة العسكرية 1996 لمسؤوليته عن التنظيم العالمي لـ«الإخوان» وحكم عليه بالحبس ثلاث سنوات حتى 1999.
تدليس الإخوان في الروايات وتوظيف الآلام في خزينة الجماعة ليس حديثاً، ومن يتذكّر كيف كذبت «سيدة» الجماعة زينب الغزالي في مذكراتها عن السجون، بقصص الرعب الخيالية، لما استغرب ديمومة هذا النهج لليوم.
الراحل عاكف وإخوانه قرروا أنهم في حالة حرب و«جهاد» فلمَ الشكوى؟ والأمر الآخر لإعلام الجماعة، لا يحتاج التحفيز للخيال والإبداع، فالمؤمن لا يكذب.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة