من زنزانة لخندق.. كيف حول الإخوان سجون بريطانيا لساحة فوضى؟

في زنازين الغرب، لا تمنع القضبان «وهج الكراهية» الذي يحمله أتباع الإخوان وأذرعهم؛ فالتنظيم الذي تربى على «التمكين عبر الفوضى»،
في زنازين الغرب، لا تمنع القضبان «وهج الكراهية» الذي يحمله أتباع الإخوان وأذرعهم؛ فالتنظيم الذي تربى على «التمكين عبر الفوضى»، لا يتورع عن تحويل حتى أكثر البيئات انضباطًا إلى مسرح للفوضى الدامية.
سجون بريطانيا كانت شاهدًا على تلك الحقائق؛ فوحدات الاحتجاز لم تعد جدارا يعزل الخطر، بل صارت رئة يتنفس من خلالها تنظيم الإخوان وأذرعه المتطرفة، ويُعيد تموضعه داخل جسد الدولة ذاته.
فماذا فعل تنظيم الإخوان؟
حذرت عدد من التقارير الحكومية من سيطرة تنظيم الإخوان و«العصابات الإسلامية» على أجنحة السجون وتشجيعها لتطرف نزلاء آخرين.
تحذيرات جاءت في أعقاب إصابة ضابط سجن في سجن لونغ لارتين في ورشيسترشاير بجروح خطيرة يوم الجمعة عندما طعنه سجين عنيف بسكين يُعتقد أنه تم نقله إلى السجن شديد الحراسة بواسطة طائرة بدون طيار.
وبحسب صحيفة «التلغراف»، فإن السكين التي استخدمها السجين - أُرسلت إلى زنزانته بواسطة طائرة مُسيّرة في أحد السجون شديدة الحراسة، التي تضم «إرهابيين وقتلة».
وأشارت إلى أن «جماعات الجريمة المنظمة نجحت الآن في إنشاء خدمة أمازون برايم للسجناء، حيث تقوم الطائرات بدون طيار بتوصيل أي أسلحة يريدونها إلى نافذة زنزاناتهم».
وفي الشهر الماضي، هاجم هاشم عبيدي، منفذ تفجير مانشستر أرينا، والذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة ارتكاب 22 جريمة قتل، ثلاثة ضباط في وحدة منفصلة في سجن فرانكلاند شديد الحراسة في مقاطعة دورهام.
وألقى عبيدي الذي وصفته صحيفة «التلغراف»، عبيدي بـ«المتطرف الإسلامي»، مشيرة إلى أنه ألقى عليهم زيتًا ساخنًا للطهي وطعنهم بسكينين بدائيين صنعهما من صواني الخبز في المطبخ.
أحداث دفعت وزير العدل في حكومة الظل البريطانية إلى اقتراح إنشاء مستودعات آمنة لتخزين الأسلحة الفتاكة في السجون شديدة الحراسة، قائلا: «العصابات الإسلامية والسجناء العنيفون في سجوننا خارجون عن السيطرة».
تتضمن خطواته المقترحة، التي تحاكي إجراءات مماثلة في السجون الأمريكية، تسليح فرق متخصصة من الضباط في سجون الفئة أ بأجهزة الصعق الكهربائي وقنابل الصوت وطلقات الهراوات.
«هذا ينبغي أن يرافقه توفير سترات واقية من الطعن ذات ياقات عالية لضباط الخطوط الأمامية على الفور»، يقول روبرت جينريك، مشيرًا إلى أنه ينبغي أن يكون لدى ضباط السجون المتخصصين إمكانية الوصول إلى الأسلحة النارية في السجون لـ«مكافحة التهديد المتزايد من العصابات الإسلامية والمجرمين العنيفين».
جينريك أضاف أن المقترحات التي طرحها جاءت بناءً على مراجعة سريعة كلفه بها البروفيسور إيان أتشيسون، وهو حاكم سجن سابق نصح الحكومة المحافظة السابقة بشأن التطرف في السجون.
وأمرت وزيرة العدل شبانة محمود بإجراء مراجعة بشأن ما إذا كان ينبغي توزيع سترات الطعن على الضباط العاملين في الخطوط الأمامية، فضلاً عن أجهزة الصعق الكهربائي، وتعليق استخدام السجناء للمطابخ في وحدات الفصل المستخدمة لـ«عزل الإرهابيين الإسلاميين».
ومع ذلك، اتهم جينريك الوزراء بالتردد في مواجهة حالة طوارئ أمنية وطنية. وقالت جمعية ضباط السجون (POA) إن مقتل ضابط مسألة وقت فقط، بينما حذرت هيئة مراقبة السجون من أن عمليات إسقاط الطائرات المسيرة شائعة جدًا، وستُستخدم لنقل الأسلحة والمتفجرات.
حالة طوارئ وطنية
وقال جينريك: «العصابات الإسلامية والسجناء العنيفون في سجوننا خارجون عن السيطرة. إنها حالة طوارئ أمنية وطنية، لكن الحكومة مترددة. إذا لم تتحرك سريعًا، فهناك خطر حقيقي للغاية يتمثل في اختطاف أو قتل أحد ضباط السجن أثناء تأدية واجبه، أو توجيه هجوم إرهابي من داخل السجن».
وتابع: لقد كلفتُ إيان أتشيسون، وهو حاكم سابق يحظى باحترام كبير، بإجراء مراجعة سريعة للتوصل إلى حلول ينبغي على الحكومة اعتمادها فورًا. علينا أن نتوقف عن التهاون مع المتطرفين الإسلاميين ومرتكبي الجرائم العنيفة في السجون.
«وهذا يعني تسليح فرق متخصصة من ضباط السجون بأجهزة الصعق الكهربائي والقنابل الصوتية، فضلاً عن منحهم إمكانية الوصول إلى الأسلحة القاتلة في ظروف استثنائية»، يضيف جينريك، مشيرًا إلى أنه «إذا لم يتمكن مديرو السجون من فصل المؤثرين الإرهابيين والسجناء المتطرفين بسهولة عن السجناء العاديين الذين يستهدفونهم، فإننا لا نسيطر على سجوننا - بل هم من يسيطرون عليها. يجب أن نستعيد السيطرة ونعيد النظام بمنح الضباط الصلاحيات والحماية التي يحتاجونها».
مراكز الفصل صغيرة
وبحسب جينريك فإنه ينبغي على الحكومة أيضًا توسيع مراكز الفصل الثلاثة الحالية، والتي لا يعمل منها سوى اثنين فقط. تتسع هذه «السجون داخل السجون» لما يصل إلى «28 إسلاميًا وإرهابيًا آخرين لمنعهم من تطرف نزلاء آخرين، ولإتاحة مراقبة أدق».
ومع ذلك، فإن هناك الآن 257 سجيناً قيد الاحتجاز بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية، ويشكل «الإسلاميون ثلثيهم والفاشيون الجدد 27%».
وبحسب جينريك، فإن الحكومة «يجب أن تعيد فرض الحبس الانفرادي على زعماء العصابات وتزيل إمكانية الوصول إلى المطابخ والأجهزة مثل الغلايات، حتى تتم استعادة السيطرة على أجنحة السجن».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، زُعم أن أكسل روداكوبانا، قاتل ساوثبورت، ألقى الماء المغلي من غلايته على ضابط في سجن بلمارش.
واقترح جينريك «عزل جميع الأئمة الإسلاميين المتطرفين العاملين في السجون، وتطبيق التصاريح الأمنية لمكافحة الإرهاب بأثر رجعي على جميع مسؤولي الرعاية الدينية». كما طالب بإصدار بيانات ربع سنوية إلزامية حول حالات التحول الديني في السجون، والحوادث المتعلقة بالدين.
وأشار إلى أن المحافظين سيُشرّعون لإلغاء حكم قضائي يُلزم السجون بمراعاة أي احتجاجات من قِبل سجين مُودع في مركز عزل. واقترح تعديلًا قانونيًا «يمنع الإرهابيين من المطالبة بتعويضات بموجب قانون حقوق الإنسان، ويؤخر عزلهم».
وقال البروفيسور أتشيسون: «أصبح التهديد لسلامة الضباط الآن لا يُطاق، ويجب على الحكومة مواجهته بحزم. لقد تحول التوازن داخل العديد من سجوننا من سيطرة الدولة إلى مجرد احتواء، والثمن هو ارتفاع حاد في معدلات اعتداءات الموظفين وتدمير برامج إعادة التأهيل».
فيما طالب مارك فيرهرست، رئيس جمعية الشرطة بـ«استخدام أجهزة الصعق الكهربائي واستخدام خيارات غير مميتة. وإذا احتجنا إلى أي دعم بالأسلحة النارية، فلدينا اتفاقية مع رؤساء الشرطة لتوفير الدعم المتبادل».
وصرح مصدر بوزارة العدل: «أضافت الحكومة السابقة 500 زنزانة فقط إلى سجوننا، وتركت سجوننا في أزمة شاملة. خلال 14 عامًا، أغلقت 1600 زنزانة في السجن شديد الحراسة، وتصاعدت اعتداءات الموظفين، وغادر الضباط ذوو الخبرة بأعداد كبيرة».
كما حذّرت مصادر وزارة العدل من أن إدخال الأسلحة النارية إلى السجون من المرجح أن يزيد من خطر تعرض ضباط السجن للخطر بدلًا من الحد منه. وأضافت المصادر أن الوزيرة محمود قد أمرت بالفعل بإجراء مراجعة لمراكز الفصل، مما قد يؤدي إلى توسيع نطاقها وتشديد إجراءات فصل السجناء الخطرين.