خبراء لـ"العين": نتائج حوار حكماء الشرق والغرب بجنيف "تاريخية"
"الحوار بين حكماء الشرق والغرب، هذا ما كنا ننتظره لتقريب وجهات النظر ونشر مفاهيم السلام والتعايش والتقارب بيننا وبين الآخرين"
"الحوار بين حكماء الشرق والغرب، هذا ما كنا ننتظره لتقريب وجهات النظر ونشر مفاهيم السلام والتعايش والتقارب في وجهات النظر بيننا وبين الآخرين، والآن أصبحنا نسير معاً في مسيرة يمكن أن نحقق بها كل ذلك".
كلمات قالها مارتن جانج السكرتير العام لمجلس قادة الكنائس لبوابة "العين" الإخبارية دعمًا للرئاسة فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين لجولة الحوار الثالثة التي اختتمت أعمالها في جنيف أول أمس.
ولم يكن مارتن وحده، الذي يرى أن مشاركة مجلس حكماء المسلمين والأزهر في الحوار بين الشرق والغرب ضامن لنجاحه مستقبلاً، لكن أيده في ذلك نحو ٢٠٠ شخص حضروا المحاضرة التي ألقاها الإمام الأكبر حول "دور رجال الدين في تحقيق السلام العالمي"، بالمعهد المسكوني بمدينة بوسيه في سويسرا الأحد الماضي.
ملامح الرضا التي اعتلت وجوه العشرات من القيادات الدينية والسياسية والتنفيذية ممن حضروا محاضرة الإمام، وأحاديثهم الجانبية التي حملت عبارات تقدير لما قاله الشيخ عن أهمية مركزية قضية السلام في الرسالات الإلهية ومحورتيها في توازن الكون، وهو الأمر الذي دفع الحضور للتصفيق الحار لدقائق بعد انتهاء الكلمة، وتدافعهم لمصافحة الإمام وشكره وجوهًا لوجه.
راسماً أهمية الحوار بين حكماء الشرق والغرب، قال مستشار شيخ الأزهر الدكتور محمد مهنا، لبوابة "العين" الإخبارية، إن الحوار بين المؤسسات الدينية كالأزهر ومجلس حكماء المسلمين والفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي، يعد أمراً ضروريِاً، وستتعلق ثماره بتخليص البشرية من براثن الإرهاب والعنف والصراع والحروب، وهذا ما يعمل عليه الأزهر طول الوقت من خلال جولاته، واضعاً أمام نصيب عينه السلام والتعايش.
ومتطرقاً لما سيحدثه الحوار بين الشرق والغرب، أوضح مستشار شيخ الأزهر: نعلم ما يحيق بالعالم من صراعات وحروب وتمزق وإرهاب وعدم وضوح رؤى، وبالتالي يقوم الأزهر بدوره من جهة، والمؤسسات الأخرى ترسل إشارات بأنها لديها إرادة لهذا الحوار، وبالتالي سيكون أهم تبعات هذا الحوار استعادة واستدعاء المبادئ المشتركة التي تسهم في إقرار السلم والتنمية والتقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لمختلف الشعوب.
الدكتور محمد عبد الفضيل منسق عام مرصد الأزهر الشريف الذي يبث باللغات الأجنبية قال لبوابة "العين" الإخبارية، إن "نتائج الزيارة متنوعة، فعلى المستوى الأول سيعرف الغرب بوجود مؤسسات إسلامية شرقية عربية تجتهد في الحوار المسيحي المسلم بشكل مختلف، وهي مؤسسة الأزهر، كأكبر مؤسسة سنية في العالم العربي والإسلامي، ومجلس حكماء المسلمين باعتباره الوحيد المستقل، وثانيًا أن هذا الحوار مختلف لأنه غير متحيز ومفتوح لا يتحدث عن شؤون المسلمين والمسيحيين ولكنه عن مظلة أوسع وهي الشرق والغرب.
وكشف عبد الفضيل الذي كان يترأس وفد الأزهر الشريف خلال استضافة القاهرة للملتقي الدولي الأول للشباب المسيحي والسلم أغسطس/آب الماضي، عن نية الأزهر ومجلس حكماء المسلمين أن تضم المؤتمرات المقبلة طوائف غير مسلمة وغير مسيحية.
أما المستوى الثالث من النتائج، فقال منسق عام الرصد: هذا الحوار يدلل على أن الآفاق مفتوحة على الأرض، فكما نوه فضيلة الإمام الأكبر في أكثر من مناسبة هناك نية كبيرة لإحداث تغيير على الأرض من خلال عمل لجان مشتركة تقوم بنشر السلام وتراقب التوصيات التي تخرج من الجولات.
ووصف عبد الفضيل جولة الحوار في جينيف داخل مقر مجلس الكنائس العالمي بأنها "تاريخية" لأنه في السابق كان مجلس الكنائس يتحدث عن أن الحوار مفتوح بين الأزهر والفاتيكان لكن هذه المرة الحوار معه بشكل مباشر.
ورأي عبد الفضيل أن تنويه دكتور علي راشد النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين بإعداد مؤتمر آخر مشترك بين المجلسين قريبًا كان بمثابة دافع كبير لمجلس قادة الكنائس للمشاركة بقوة وفاعلية في هذا المؤتمر.
وأوضح منسق عام المرصد أن جولات الحوار تشير إلى أنه هناك بداية جديدة في حوار الشرق والغرب حيث لم تعد مقصورة على القيادات والأساتذة لكن تضم شباب وكوادر لتأهيل وجود صف ثاني وثالث، وهو ما حدث في الملتقي الدولي بين الشباب المسلم والمسيحي والذي انعقد في ١٨ أغسطس/آب الماضي، بالتعاون مع مجلس الكنائس العالمي، لمناقشة دور الأديان في بناء السلام ومواجهة التطرف والإرهاب.
وكان الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي القس أولاف فايكس تفايت، أشاد خلال كلمته في جلسة الحوار بين الشرق والغرب في جينيف، بجهود الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين في دعم وتعزيز الجماعات المسيحية في منطقة الشرق الأوسط وتشجيع للشباب المسلم والمسيحي لفتح حوار مشترك بين الأديان، ودعاه لإرسال من يراه مناسبا من النساء والرجال للمشاركة في حضور محاضرات السنة المقبلة.
متفقًا مع كل من مستشار شيخ الأزهر ومنسق مرصد الأزهر، قال الدكتور عبدالفتاح عبد الغني العواري عميد كلية أصول الدين بالقاهرة لبوابة "العين" إن "الحوار بين الشرق والغرب أمر يقتبس أهميته من النصوص الشرعية في الإسلام والتي يؤمن بها الأزهر إيمانا تاما، وتتلخص في أن الأصل بين البشر التآلف والتعاون وليس الاختلاف والتناحر والتقاتل، وأن الحوار يثمر عن معان تؤدي إلى التقارب بين وجهات النظر في كثير من القواسم المشتركة بين الشعوب".
وحدد العواري ٣ دلالات حملها الحوار بين الشرق والغرب، قائلًا: التقارب بين دعاة الإسلام ورجال الدين المسيحي يبرز ويعطي دلالات.
أولًا: يمكن لأهل الشرائع من أصحاب الرسالات السماوية المختلفة أن يعيشوا على أرض واحدة ويتعاونوا على الخير والبر ويقضوا على الحروب وأن يوقفوا في وجه السلام الذي يدمر البشرية.
وثانيا: حين ترى الشعوب رجالات الدين وعلماءها يجتمعون على كلمة سواء في إطار أصول الأخلاق والقيم والقواسم المشتركة دون تدخل في عقائد الآخرين يمكن حينها للدول ان تتعايش لأنه محال أن يجتمع هؤلاء ثم بعدها يضحكوا على شعوبهم فيحثوهم على ما يبث روح العداوة تجاه شعوب أخرى.
أما الدلالة الثالثة، فتتعلق بتقوية أواصر التقارب بين الشعوب والتلاحم بين الدول ما يؤدي إلى إقامة العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يصب في مصلحة الأوطان، بحسب العواري الذي توقع أن تحقق جولات الحوار بين حكماء الشرق والغرب "الأمن والسلام والنجاة من الفتن التي تطل برأسها على العالم"، موضحًا أن "هذا سيستغرق الوقت لكن سيؤتي ثماره المرجوة في النهاية".
وتابع عميد كلية أصول الدين: مع الوقت سيكون هناك نوع من التفاهم والتقارب في وجهات النظر، بالإضافة إلى مساحة كبيرة من الثقة المتبادلة خاصة إذا كان التعامل من منطلق الاحترام المتبادل، مستدلًا بقوله تعالى "ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا"، وكذلك قوله "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير".
وانطلقت في ٣٠ سبتمبر/أيلول، وعلى مدار يومين فعاليات الجولة الثالثة من الحوار بين حكماء الشرق والغرب، في مقر مجلس الكنائس العالمي بجنيف، ضمن جولة خارجية لشيخ الأزهر وفود من مستشاريه وأعضاء مجلس حكماء المسلمين شملت البحرين كمحطة أولى.
وتعد هذه الزيارة هي السابعة ضمن أبرز الجولات الخارجية لشيخ الأزهر، منذ توليه مهام منصبه؛ والتي كانت في مجملها تاريخية حيث حملت رسائل وإشارات دلت على أهميتها، وأسباب اختيارها دون غيرها.
آخر هذه الزيارات كانت مايو/آيار الماضي، إلى الفاتيكان والتي أعادت الحوار المتوقف بين المؤسستين منذ 2011، ثم إلی فرنسا لحضور فعاليات الحوار الحضاري بين الشرق والغرب في فرنسا.
aXA6IDMuMTM5LjY3LjIyOCA= جزيرة ام اند امز