"حكومة أديب".. تسوية سياسية لا تلبي مطالب الحراك اللبناني
تمخضت المشاورات السياسية عن اختيار اسم سفير لبنان لدى ألمانيا، مصطفى أديب، لرئاسة حكومة تبدو تكنوسياسية
حراك مكثّف يشهده لبنان منذ الخميس الماضي بهدف تذليل العقبات والتوصل إلى توافق على اسم رئيس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة، قبيل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبلاد.
تمخض عن توافق للقوى السياسية النافذة بالبلاد على اسم سفير لبنان لدى ألمانيا، مصطفى أديب، لرئاسة حكومة تبدو تكنوسياسية على عكس رغبة الشارع الذي يريدها مستقلة تماما لإنقاذ البلاد من الأزمات.
ويزور ماكرون لبنان، اليوم الإثنين، لثاني مرة خلال أقل من شهر؛ للمشاركة في احتفالات مئوية "لبنان الكبير".
ويحتفل لبنان، الثلاثاء، بالمئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير في الأول من سبتمبر/ أيلول عام 1920.
وأجرى الرئيس الفرنسي زيارة لبيروت في 6 أغسطس/آب الجاري عقب كارثة انفجار المرفأ الذي أودى بحياة العشرات وإصابة الآلاف ودمر أجزاءً كبيرة بالعاصمة، في محاولة ضغط من الرئيس الفرنسي لتشكيل "حكومة بمهمة محددة" تخرج البلاد من أزمتها العميقة.
وعقب الزيارة، دعت فرنسا أكثر من مرة الأطراف اللبنانية إلى العمل على تشكيل حكومة سريعة وإصلاحات "عاجلة"، محذرة من خطر "اختفاء لبنان".
وأطاح التفجير الذي وقع في الرابع من الشهر الجاري، بحكومة حسان دياب، إلا أن الرئيس ميشال عون طلب منه الاستمرار بتصريف الأعمال ريثما تشكل الحكومة الجديدة.
ودعت الرئاسة اللبنانية إلى مشاورات نيابية، الإثنين، لاختيار رئيس وزراء جديد.
ضغوط حزب الله
وبرز اسم سفير لبنان الأسبق في الأمم المتحدة، نواف سلام، كمرشح توافقي من قبل المتظاهرين والعديد من القوى السياسية إلا أن مليشيا حزب الله وضعت فيتو عليه، وقالت إن اسمه خارج البحث، ودعت للتفكر بأسماء أخرى.
قبل أن يعلن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، فؤاد السنيورة، الأحد، ترشيح السفير مصطفى أديب لرئاسة الحكومة اللبنانية، مؤكداً أنه يجب تشكيل الحكومة سريعاً دون إبطاء.
جاء ذلك عقب اجتماع لرؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام، عشية بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديدة.
وتم التوصل إلى تفاهم حول اسم أديب كمرشح تسوية تتقاطع حوله كتل نيابية تمثل أغلبية في البرلمان، وأبرزها "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" و"حزب الله" و"حركة أمل"، بعد طلب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سحب اسمه من قائمة المرشحين.
وأعرب رؤساء الحكومة السابقون عن أملهم أن "يتم تكليفه بأكبر عدد من أصوات الكتل النيابية والنواب لتشكيل حكومة على قاعدة احترام الكفاءة والجدارة والنزاهة وتلتزم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الملحّة".
أغلبية نيابية
ومن المتوقع أن يحصل أديب على تكليف أكثرية نيابية في الاستشارات، الإثنين، بالنظر إلى أن كتلة "المستقبل" تلتزم موقف الحريري الذي ترأس اجتماعا افتراضيا، مساء الأحد، مع أعضاء كتلته النيابية، أبلغها خلاله بنتيجة المشاورات التي أفضت إلى تسمية أديب لرئاسة الحكومة العتيدة.
وتمثل كتلة "المستقبل" 18 نائباً في البرلمان، يُضاف إليها رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام وكتلة "الوسط المستقل" التي يرأسها رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، وتتمثل بأربعة نواب في البرلمان.
ويلتزم "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب جبران باسيل بتسمية رؤساء الحكومات لأديب، وتتمثل كتلته (لبنان القوي) بـ26 نائباً في البرلمان.
والتزاماً بقرار "حزب الله وحركة أمل" بتسمية المرشح الذي يسميه الحريري، ستسمي كتلة "التنمية والتحرير" التي يرأسها نبيه بري، رئيس البرلمان، أديب للحكومة، وهي تتمثل في البرلمان بـ 17 نائباً، بينما تمثل كتلة "حزب الله" (الوفاء للمقاومة) بـ13 نائباً.
وعليه، فإن تسمية هذه الكتل لأديب، ستؤمن وصوله إلى رئاسة الحكومة، حتى لو لم يسمه آخرون، وأبرزهم "القوات اللبنانية" التي تتمثل بـ16 نائباً، علماً أن كتلة "اللقاء الديمقراطي" التي يرأسها النائب تيمور جنبلاط وتتمثل بـ7 نواب في البرلمان، لم تتخذ قرارها بعد، وفق مصادر للعين الإخبارية.
ويلتزم "التكتل الوطني" الذي يرأسه النائب طوني فرنجية ويضم 5 نواب، موقف "الثنائي الشيعي"، كذلك "الكتلة القومية" التي تتمثل بـ 3 نواب، أما كتلة "اللقاء التشاوري" التي تضم 4 نواب، فتنسجم مع الموقف نفسه.
ويحتاج رئيس الحكومة إلى تسمية أكثرية النصف زائداً واحداً (أي 65 نائباً من إجمالي 128) كي يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، وهي نسبة مؤمنة بالتأكيد، ما يعني أن تكليفه بات مؤكداً.
عكس رغبة المتظاهرين
ويطالب المتظاهرون في لبنان منذ أكتوبر/تشرين أول الماضي بتشكيل حكومة حيادية ومستقلة لإنقاذ البلاد وهو ما رأوه في سفير لبنان الأسبق في الأمم المتحدة، نواف سلام الذي ضغط حزب الله لاستبعاده.
ووفق مصادر لـ"العين الإخبارية" فإن اختيار أديب يمثل قفزا من القوى السياسية النافذة في البلاد (المستقبل والتيار العوني وحزب الله) فوق مطالب الشارع وقوى سياسية، بينها "الكتائب اللبنانية" و"القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي".
وطالبت هذه القوى بتشكيل حكومة حيادية ومستقلة تنقذ البلاد من الأزمات، ولا تتمثل بسياسيين.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة بالتأكيد "ستكون حكومة سياسية أو تكنو سياسية"، لكن مع تمثيل سياسي خفيف منعاً لاستفزاز المجتمع الدولي الذي يصرّ على أن تحاكي الحكومة مطالب الشعب اللبناني.
وينحدر أديب من طرابلس شمالي لبنان، وكان مسؤولاً في مكتب رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي عندما كان في سدة رئاسة الحكومة..
وهو أحد المقربين من رئيس البرلمان نبيه بري و"حركة أمل"، كما يعد مقبولاً من قبل باسيل الذي عمل معه عندما كان وزيرًا للخارجية.