بعد غموض 66 عاما.. الجليد يكشف رفات باحث بريطاني مفقود في أنتاركتيكا

في 26 يوليو 1959، انطلق المغامر البريطاني الشاب دينيس بيل، البالغ من العمر 25 عامًا، في مهمة مسحية قرب شبه جزيرة أنتاركتيكا.
كان بيل، الذي عمل كمشغل راديو وأخصائي أرصاد جوية، ينفذ أعمال مسح علمي مع زميله في منطقة نائية تُعرف باسم "نهر الجليد إيكولوجي" المتجه إلى خليج الأدمراليتي.
لكن الكارثة حدثت فجأة حينما سقط دينيس نحو 30 مترًا عبر طبقات من الجليد والثلوج، ومحاولات إنقاذه لم تكلل بالنجاح، وظل جسده مفقودا لأكثر من 65 عامًا.
ومؤخرا، أعلنت هيئة المسح البريطاني لأنتاركتيكا ، عن العثور على رفات دينيس وبعض متعلقاته الشخصية بين الصخور التي كشفت عنها ذوبان الجليد في نفس المنطقة.
وقد أكد تحليل الحمض النووي، الذي أُجري في كلية كينغز لندن، أن الرفات يعود بالفعل إلى دينيس بيل، بعد مطابقة عينات مع أفراد أسرته.
وقال شقيقه ديفيد، المقيم في أستراليا، إنه هو وأخته فالييري يشعران بـ"الصدمة والدهشة" إزاء هذا الاكتشاف، مشيرًا إلى أن استعادة رفات دينيس ساعدتهما على تقبل خسارة أخيهما الراحل.
نشأ دينيس في هارو شمال غرب لندن، وعمل كأخصائي أرصاد في مستعمرة فلكلاند للأبحاث في القارة القطبية، التي كانت تُعرف سابقًا باسم " مسح أقاليم جزر فوكلاند "، قبل أن تتحول إلى هيئة المسح البريطاني لأنتاركتيكا.
كان دينيس معروفًا بحبه للمغامرة وروحه المرحة وشخصيته الفريدة، كما اشتهر بحبه للمسرح والطعام، وكان طاهيا بارعا رغم فوضويته. وأشار زميله راسل طومسون إلى طرافته وشخصيته الرائعة.
يوم الحادث، صعد دينيس وزميله جيف ستوكس نهر الجليد وهم يسحبون زلاجات تجرها كلاب هاسكي التي بدت متعبة، فسبقهم دينيس دون زلاجته لتشجيع الكلاب، وفجأة اختفى بعدما سقط في حفرة كبيرة بالجليد.
ويصف السير فيفيان فوش، مدير هيئة المسح البريطاني سابقا، تفاصيل الحادث في كتابه "من الجليد والبشر" الصادر عام 1982، موضحا أن دينيس ربط الحبل بحزامه بدلاً من جسمه مما أدى إلى انزلاقه مرة أخرى وسقوطه للموت.
تحرك الجليد ببطء عبر العقود، مما تسبب في تحطيم وتشقق الطبقات، ما جعل العثور على رفاته أمرا صعبا حتى يناير 2025، حين قامت بعثة من محطة هينريك أركتوسكي البولندية بمسح المنطقة ووجدت عظاما وأدوات شخصية حملتها إلى لندن.
تضمنت المقتنيات أكثر من 200 قطعة منها معدات راديو، ومصباح يدوي، وعصي تزلج، وساعة مع نقوش، وسكين سويدي، وغليون، وكلها تؤكد أنها تخص دينيس.
ويذكر أن جيف ستوكس، الذي كان معه في الحادث، توفي قبل خمسة أسابيع من الإعلان عن الاكتشاف. وسيزور ديفيد شقيق دينيس إنجلترا قريبا لوضع الراحل أخيرا في مثواه الأخير.
وقالت البروفيسورة جين فرانسيس، مديرة هيئة المسح البريطاني، إن دينيس كان من بين العديد من الأفراد الذين أسهموا بشجاعة في استكشاف القارة القطبية، مشيرة إلى أن هذا الاكتشاف يضع حدا لغموض استمر عقودا ويذكرنا بالقصص الإنسانية وراء تاريخ العلم القطبي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز