لغز وفاة إنجي مراد.. لماذا عجز الأطباء عن إنقاذها من المرض الغامض؟
![وفاة ملكة الجمال إنجي مراد](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/09/214-201319-mystery-of-engy-mourad-death_700x400.jpg)
تُعدّ الفيروسات التي تصيب الحامل خطيرة وتهدد حياتها. ورغم شائعات عن إصابة الفنانة إنجي مراد بفيروس في الرئة، إلا أن مصادر صحفية سورية أكدت أنها عانت من تسمم الحمل، مما أثّر على وظائفها الحيوية وأدى لوفاتها .
يحدث تسمم الحمل عندما يرتفع ضغط الدم بشكل كبير ويصاحبه تلف في أعضاء حيوية مثل الكبد والكلى، وقد تتفاقم الحالة إذا لم يتم التعامل معها في الوقت المناسب. في بعض الحالات النادرة، قد يؤدي تسمم الحمل إلى مضاعفات تهدد الحياة، خاصة إذا ترافق مع التهابات فيروسية تؤثر على صحة الأم.
وفي هذا السياق، أعلنت نقابة المهن التمثيلية السورية عن وفاة الممثلة إنجي مراد، بعد أسابيع من نقلها للعناية المركزة في أحد المستشفيات، إثر إصابتها بفيروس أثناء حملها. حيث أكدت نقابة الفنانين في سوريا أن إنجي، التي رحلت عن عمر 33 عامًا، كانت تعاني من مضاعفات صحية خطيرة في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى وفاتها.
وتتسبب هذه الحالة الخطيرة بوفاة أكثر من 70 ألف امرأة سنوياً، فيما لا تزال أسبابها غير مفهومة تماماً من قبل العلماء، ما يثير تساؤلات حول إمكانية التنبؤ بها والوقاية منها.
إنجي مراد لم تكن الأولى
بعد مسيرة رياضية حافلة بحصد سبع ميداليات ذهبية أولمبية و14 ذهبية في بطولة العالم، كانت العداءة الأمريكية أليسون فيليكس تتوقع أن يكون الحمل تجربة سهلة مثلما اعتادت على الجري باحترافية. لكنها فوجئت في الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل بإصابتها بحالة شديدة من تسمم الحمل، وهو اضطراب يتسبب في ارتفاع خطير بضغط الدم وتلف بالأعضاء، مما استدعى نقلها إلى المستشفى على الفور. وفي اليوم التالي، خضعت لعملية قيصرية طارئة، ووضعت طفلتها كاميرون قبل شهرين من موعدها، لتقضي الشهر الأول من حياتها في وحدة الرعاية الفائقة لحديثي الولادة.
لم تكن هناك أي إشارات مقلقة قبل التشخيص، باستثناء بعض التورم في القدمين، وهو ما لم يثر قلق فيليكس، حتى اكتشفت فقدانها للبروتين وارتفاع ضغط الدم، ما جعلها تشعر بالرعب. لكنها تمكنت في النهاية من العودة إلى المنزل مع أسرتها.
بعد مرور خمس سنوات على ولادة كاميرون، لا تزال فيليكس مدركة أن قصتها انتهت بشكل أفضل من كثيرات غيرها. ففي أبريل/ نيسان 2023، فقدت زميلتها في الفريق، توري بوي، بطلة العالم السابقة في سباق 100 متر، حياتها أثناء الولادة نتيجة مضاعفات تسمم الحمل، وهي لم تتجاوز الثانية والثلاثين من عمرها.
تقول فيليكس، التي شاركت مع بوي في العديد من سباقات التتابع: "كان الأمر صادماً للغاية، لقد تنافسنا معاً لسنوات طويلة، وكانت خسارتها فاجعة حقيقية".
أرقام مقلقة حول تسمم الحمل
تشير الإحصاءات إلى أن تسمم الحمل يؤدي إلى وفاة أكثر من 70 ألف أم و500 ألف جنين سنوياً، كما يتسبب في ارتفاع معدل السكتات الدماغية وتأخر الولادة نتيجة اضطرابات ضغط الدم. ويمكن أن يظهر المرض فجأة خلال أي مرحلة من الحمل، حتى بعد الولادة بستة أسابيع.
تمكن الباحثون من رصد بعض العوامل التي قد تسهم في الإصابة، من بينها التهاب مفرط في الرحم يعطل التواصل بين الأم والجنين، ويؤثر على تدفق الدم إلى المشيمة، مما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع ضغط الدم وتطور المرض.
يرى الخبراء أن النساء المصابات باضطرابات المناعة الذاتية، والحوامل فوق سن الأربعين، وأولئك اللواتي يعانين من زيادة الوزن، أكثر عرضة للإصابة. كما أن النساء ذوات الحالة الإقتصادية السيئة يواجهن خطراً أكبر بنسبة 60%، وقد يُعزى ذلك جزئياً إلى نقص الرعاية الصحية والتأمين الطبي.
وتشير غاريما شارما، المتخصصة في أمراض القلب والأوعية الدموية، إلى أن هناك عنصرية بنيوية في تقديم الرعاية الصحية، إذ لا تحصل بعض الفئات على التدخلات الطبية المبكرة التي قد تقلل من مخاطر الإصابة.
أدوات تشخيصية جديدة قيد التطوير
رغم أن الأطباء يعتمدون على عوامل مثل العمر والتاريخ الطبي لتقييم مخاطر الإصابة، فإن هذه المعايير تفتقر إلى الدقة الكافية. لكن الأبحاث الحديثة كشفت عن جزيئات في الدم يمكن استخدامها للكشف عن المرض في مراحله الأولى، وأحد هذه الجزيئات هو بروتين "كيناز التيروزين 1 القابل للذوبان" (sFlt-1)، الذي يظهر بمستويات مرتفعة لدى النساء المصابات بتسمم الحمل.
وفي العام الماضي، حصلت شركة "ثيرمو فيشر ساينتيفيك" على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لاستخدام اختبار جديد يقيس مستويات هذا البروتين لمساعدة الأطباء في توقع خطر تطور الحالة خلال الأسبوعين التاليين.
"المشيمة على شريحة" تقدم أملاً جديداً
في مختبر بسيدني، يعمل فريق من العلماء على تطوير نموذج متقدم لمحاكاة المشيمة البشرية في المختبر، في محاولة لفهم كيفية تطور المرض في مراحله المبكرة. هذا البحث قد يسهم في تطوير اختبارات دم دقيقة للكشف عن المرض مبكراً، وربما يساعد أيضاً في العثور على علاجات جديدة تمنع حدوثه.
حتى الآن، العلاج الوحيد المتاح لتقليل خطر الإصابة هو تناول جرعة منخفضة من الأسبرين ابتداءً من الأسبوع الثاني عشر من الحمل، وقد ثبت أنه يقلل فرص الإصابة لدى 60% من الحالات. لكن ما زال هناك 40% من النساء غير محميات تماماً من المرض.
لذلك، يبحث العلماء في إمكانية إعادة استخدام بعض الأدوية الموجودة بالفعل لعلاج حالات أخرى، مثل الميتفورمين، وهو دواء شائع لمرض السكري، والذي أظهرت دراسات حديثة أنه قد يساعد في تأخير الولادة المبكرة الناتجة عن تسمم الحمل الشديد.
كما يتم اختبار عقار جديد يسمى CBP-4888، يعتمد على تقنية "الحمض النووي الريبوزي المتداخل الصغير" (siRNA)، التي يمكنها تثبيط إنتاج بروتين sFlt-1، المسبب الرئيسي لتسمم الحمل. ويأمل الباحثون أن يكون هذا الدواء خطوة نحو توفير علاج فعال للحالات الشديدة من المرض.
هل يقترب الحل؟
رغم التقدم العلمي الكبير، لا يزال تسمم الحمل مرضاً غامضاً لا يمكن التنبؤ به بدقة تامة. ومع ذلك، فإن الأبحاث المستمرة والاختبارات التشخيصية المتطورة قد تقود في المستقبل القريب إلى وسائل أكثر فاعلية للوقاية والعلاج، ما قد يقلل من عدد الضحايا الذين يفقدون حياتهم سنوياً بسبب هذا المرض.
aXA6IDMuMTUuMzguNSA= جزيرة ام اند امز