متحف نجيب محفوظ يعيد أديب نوبل للقاهرة الفاطمية
المتحف يضم ترجمات جديدة لأعمال محفوظ غير المنشورة، ما يبرز التأثير الذي تركه على الأدب العالمي والمصريين أنفسهم بعد 13 عاما من وفاته
افتتح في يوليو/تموز بحي الغورية الشعبي المجاور لجامع الأزهر في القاهرة متحف نجيب محفوظ، تكريما للكاتب المصري الكبير الفائز بنوبل بعد سنوات من العمل فيه.
ويضم المتحف ترجمات جديدة لأعمال محفوظ غير المنشورة، ما يبرز التأثير الذي تركه الأديب المصري على الأدب العالمي والمصريين أنفسهم بعد 13 عاما من وفاته.
وتطل لوحة فسيفسائية للأديب بنظارتيه الشهيرتين على سوق شعبي يعج بأطفال على دراجاتهم، ويظهر فيه نادلو المقاهي يحملون صواني المشروبات الساخنة، فيما يتجادل المتسوقون مع الباعة المتجولين على أسعار اللحوم.
وقد يبدو ذلك مشهدا نموذجيا من رواية لمحفوظ تركز على تفاصيل الحياة في العاصمة المصرية، مع إيحاءاتها السياسية الساخرة وشخصياتها الخالدة.
وقالت أم كلثوم ابنة الأديب المصري العالمي إن والدها كان مولعا بشدة بطاقة القاهرة الفوضوية إلى حد أصبحت فيه المدينة نفسها إحدى شخصيات مؤلفاته.
وتحكي أم كلثوم عن الروتين اليومي في حياة محفوظ الذي يشمل تجوله بطول كورنيش النيل قاصدا الصالونات الثقافية ومقاهيه المفضلة قرب ميدان التحرير.
وتضيف: "لقد كان دائما يكتب عن القاهرة بحب وكان يصفها بدقة شديدة.. حتى لو انتقدها فهي لا تزال مليئة بالحب".
وتسلمت أم كلثوم وشقيقتها جائزة نوبل للآداب 1988 نيابة عن والدهما لعدم قدرته على السفر بسبب تدهور حالة بصره آنذاك.
وتتابع: "أتذكر في بعض الأحيان أننا كنا نذهب إلى حي الحسين في قلب القاهرة الفاطمية وكنا نجلس في مقهى يحمل اسمه".
واستعرضت ذكرياتها معه، قائلة: "لقد أرانا زقاق المدق وكان أشبه بغرفة صغيرة وكان يخبرنا بقصص رائعة عن أيامه عندما كان تلميذا".
ويقول رودجر ألين، وهو أستاذ فخري بجامعات الولايات المتحدة، وترجم الكثير من مؤلفات الكتّاب العرب خصوصا نجيب محفوظ، إن المؤلف كان أساسيا "في تطور الخيال المصري".
ويوضح أن كتاباته تعمقت في "مصر القديمة والصوفية والسياسة"، مضيفا: "يمكنك الحصول على لمحات عن اهتماماته الكثيرة، لقد كان يعمل على مسارات عدة طيلة حياته المهنية".
وترجم ألين أخيرا مجموعة من كتابات محفوظ إلى اللغة الإنجليزية في مجموعة عمل بعنوان "ذا كوارتر (المُربّع)"، وقال: "المجموعة تعكس كيف يبدو شكل مربع سكني يعيش فيه القاهريون"، وهو يشبه إلى حد كبير الحي الذي يوجد فيه المتحف المخصص له، وأشار ألين إلى أن المجموعة تعد أيضا "كيانا رمزيا مرتبطا بالإنسانية".
وتستند المجموعة الجديدة إلى مجموعة من الأوراق التي عثرت عليها ابنة محفوظ بعد سنوات من وفاته، وجرى ترتيبها ونشرها في الأصل باللغة العربية من قبل محمد شعير، المحرر في صحيفة "أخبار الأدب" المصرية.
ويقول شعير إنه "في السنوات التي سبقت فوزه بجائزة نوبل فقد بصره، لذا فإن علاقته بالواقع كانت شبه منقطعة وأصبحت الكتابة هاجسا بالنسبة إليه".
ويساعد شعير حاليا أم كلثوم في أرشفة أوراق محفوظ تحضيرا لنشر سيرته الذاتية في مجلدات متعددة.
وتحدث شعير عن دور محفوظ الرائد في إحداث ثورة في الرواية العربية إلى الحد الذي جعل العديد من المؤلفين العرب يسيرون على خطاه.
وتعتبر رواية "زقاق المدق" من أكثر روايات محفوظ قراءة على مستوى العالم، وقد حوّلت إلى فيلم سينمائي عام 1995 أدت دور البطولة فيه سلمى حايك.
ولأن محفوظ أمضى سنواته الأولى في منطقة القاهرة الفاطمية، اختير موقع المتحف في دار ضيافة هناك يعود إلى عام 1774 خلال العهد العثماني وقد تم تجديده بشكل جميل.
وفي حي الجمالية، نشأ الكاتب محاطا بجدران يعود تاريخها إلى القرن العاشر وعدد كبير من أماكن الاختباء للأطفال الفضوليين.
ويضم المعرض المؤلف من 3 طوابق مقتنيات محفوظ الثمينة ومن بينها مكتبه المصنوع من خشب الماهوغوني وشهادة جائزة نوبل وآخر علبة سجائر له.
aXA6IDE4LjExOC4xNTQuMjM3IA== جزيرة ام اند امز