خطاب نعيم قاسم الأول.. «دغدغة» على أوتار تحد يناقض واقع الميدان
على وقع وضع ميداني ملتهب، ومساع دولية لوقف النزاع، جاء الخطاب الأول لنعيم قاسم كأمين عام لحزب الله، حاملا رسائل تحد للداخل والخارج، في محاولة لتكريس نفسه خليفةً لِحسن نصر الله.
خطاب اعتبره خبراء محاولة على مستوى الشكل والمضمون؛ لتكريس وجوده كأمين عام جديد للحزب؛ لاستعادة «وهج مفقود» منذ مقتل نصر الله.
- «مصير نصر الله».. تهديدات إسرائيلية متتالية لنعيم قاسم
- رهان نعيم قاسم على إيران.. حرب الوكلاء تجذب الأصول
ويأتي الخطاب فيما لا يتوقف نزيف قيادات وعناصر الحزب عبر ضربات إسرائيلية مستمرة، أنهت غالبية القادة الكبار ومن يليهم.
وفي ظل غارات إسرائيلية مكثفة جنوبا، وتهديد لأهالي "بلعبك" شرق لبنان وقرى مجاورة، بإخلائها فورا.
فضلا عن موجة نزوح للآلاف في اتجاه بيروت والشمال، وعشية وصول المبعوثين الأمريكيين إلى إسرائيل لمناقشة مقترحات لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة.
على نهج نصر الله
وعبر خطاب جاء على مستوى الشكل مشابها في مدته ومفرداته مع خطابات حسن نصر الله ، حاول قاسم "دغدغة مشاعر البيئة الحاضنة للحزب"، التي تتعلق بشخصية نصر الله.
"مستمرون بالتصدي، ولن نستجدي وقفا لإطلاق النار، وإذا قرر الجانب الإسرائيلي وقف عدوانه نقبل، لكن بالشروط التي نراها مناسبة ومواتية"، هكذا حسم الأمين العام الجديد في خطابه، قرار استمرار الحرب.
واعترف "قاسم" بأن الضربة الإسرائيلية كانت مؤلمة، إلا أن الحزب "تعافى وشبابه يحققون إنجازات وانتصارات في الميدان"، بحسب زعمه.
وفي رسالته لإسرائيل، قال قاسم :"نخوض معركة أولي البأس في مواجهة أعدائنا وسننتصر فيها.. ونحن قادرون على الاستمرار لأيام وأسابيع وأشهر ولن أقول أكثر من ذلك"، مردفا، أن : "المقاومة استطاعت أن ترسل مسيرة إلى غرفة نوم نتنياهو".
ولقادة إسرائيل، "ستُهزمون حتما لأنّ الأرض لنا وشعبنا متماسك حولنا.. فاخرجوا من أرضنا لتخففوا خسائركم وإلاّ ستدفعون ثمنا غير مسبوق".
وفي رسالته للمجتمع الدولي، رفض قاسم الاتهامات الموجهة لحزبه بأنه يقاتل نيابة عن إيران، قائلا: "لا نقاتل نيابة عن أحد ولا لمشروع أحد، فنحن نقاتل من أجل مشروعنا الذي هو حماية لبنان وتحرير أرضنا ومؤازرة إخواننا في فلسطين. ومشروعنا أن يكون بلدنا مستقلا"، بحسب زعمه.
لكنه عاد وأشاد في كلمته بإيران وسياستها، وقال إن "دعمها لحزب الله يتم بلا مقابل"، لافتا إلى أن "حزبه لم يتلق عروضا بالدعم من أطراف أخرى ورفضها".
ولم يحدد "قاسم" موقفا نهائيا وواضحا بالنسبة للتسوية، حيث قال إنه "يقبل بالشروط التي يراها الحزب مناسبة وملائمة"، وأن محور الحوار لوقف العدوان هو نبيه بري (رئيس مجلس النواب)، وقوله أيضا إن "كل الطروحات السياسية إلى الآن فلا تزال كركعة بلا طحين".
وفي جانب آخر مهم من رساله، بين "السبع" أن "قاسم حرص على توضيح مسألة حرب الإسناد، كونها حربا دفاعية، وأنها "واجبة لمواجهة خطر إسرائيل" بعد الانتقادات التي طالت حزب الله بسبب ربط جبهة لبنان بغزة".
رسائل الشكل والمضمون
وعلى مستوى شكل الخطاب ومضمونه، يرى نضال السبع، المحلل السياسي اللبناني في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أنه "على مستوى الشكل، وللمرة الأولى تحدث قاسم، لنحو 60 دقيقة، وهي المدة التي كانت تستغرقها تقريبا خطابات نصر الله".
وأضاف: "بدا بجوار إطلالته مباشرة صورة كبيرة لنصر الله، وبدل العلمين الصغيرين على الطاولة ثبت علمين كبيرين هما العلم اللبناني وعلم حزب الله، وكأنه بهذه الصورة والخطاب الطويل، يريد أن يثبت أنه أضحى فعلا الأمين العام الجديد لحزب الله، في محاولة استعادة وهج مفقود منذ مقتل نصر الله".
وفي هذا الصدد، يقول "السبع" إن نعيم قاسم، حاول أن يكرس وجوده كأمين عام جديد، ومحاولة أخذ الشرعية اللازمة من خلال صورة نصر الله الكبيرة في الخلفية، وذلك بهدف دغدغة مشاعر البيئة الحاضنة للحزب التي تتعلق بشخصية نصر الله، وكأنه يقول أنا أسير على نفس مسار الأمين العام الراحل.
ودلل بـ"تأكيد الأمين العام الجديد في خطابه (إننا مستمرون في خطة الحرب التي وضعها نصر الله)".
وعلى مستوى المضمون، لم يقدم الخطاب أطروحات جديدة، بل شعارات حماسية، لجمهور حزب الله، حين أطلق تحديات عديدة في وجه إسرائيل، داعيا إياها الى الالتحام البري، قائلا إن: "الإمكانات لدى حزب الله متوافرة، وتتلاءم مع حرب الميدان الطويلة. ونحن ننتظر الالتحام".
في هذا الصدد، علق المحلل السياسي اللبناني قائلا: "عمليا حزب الله أقرب إلى حد ما في وضع المتلقي ليس صاحب المبادرة، فهو يبحث عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بأي طريقة".
وبدوره، قال المحلل السياسي والباحث طارق أبو زينب، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن "الرسالة الرئيسية التي بعث بها نعيم قاسم في إطلالته، هو تمسك القيادة الجديدة بنهج حسن نصر الله، السياسي والاستمرار في تطبيق خطة المقاومة التي وضعها".
«خيبة أمل»
ويرى "أبو زينب" أن خطاب أمين عام حزب الله الذي حمل إصرارا على استمرار الحرب، "خيب آمال النازحين اللبنانيين المتواجدين في المدارس والشوارع الذين يريدون وقف إطلاق النار، والرجوع الى منازلهم وبلداتهم، ولا يريدون التصعيد العسكري".
وتزامن خطاب الأمين العام الجديد، مع حركة نزوح كثيفة من مدينة بعلبك ومحيطها بعد تلقي السكان إنذارًا عاجلًا من إسرائيل بالإخلاء، وفقا لوكالة الأنباء اللبنانية.
وأضافت أن 10 غارات إسرائيلية استهدفت بلدة الخيام وسط محاولة قوات الاحتلال التوغل إلى داخلها.
في غضون ذلك، أعلنت "الخارجية الأمريكية أن "مسؤولين أمريكيين كبارا سيتوجهون إلى إسرائيل للبحث في مقترحات بشأن لبنان وغزة"، بحسب "وكالة الصحافة الفرنسية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر للصحفيين: "إن المسؤولين في البيت الأبيض آموس هوكشتين وبريت ماكغورك في طريقهما إلى إسرائيل للبحث في قضايا تشمل حلا دبلوماسيا في لبنان.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE2MiA= جزيرة ام اند امز