نعيم قاسم أمينا عاما لحزب الله.. خطوة معنوية أم تمهيد لقرارات مصيرية؟
فور إعلان حزب الله اللبناني، انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما، خلفا لحسن نصر الله، تبادر للأذهان تأثير القرار على الحرب الدائرة في لبنان.
وأعلن حزب الله، قراره، اليوم الثلاثاء، فيما يخيم دوي القذائف على جنوب لبنان، ووسط ترقب لانطلاق حراك سياسي برعاية دولية وإقليمية لوقف تلك الحرب.
- «بدأ العد التنازلي».. غالانت يتوعد نعيم قاسم بمصير نصر الله
- من هو نعيم قاسم؟.. الأمين العام الجديد لحزب الله اللبناني
واعتبر خبراء ومحللون سياسيون لبنانيون، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن القرار كان "ملحا وضروريا"، في ظل حاجة الحزب اللبناني في هذه المرحلة، إلى اتخاذ قرارات عاجلة على الصعيدين الميداني والسياسي، فضلا عن محاولة رفع معنويات عناصر الحزب وبيئته الحاضنة، بالإيعاز بقدرته على إعادة الهيكلة من جديد، وتنظيم صفوفه بعد الضربات المتتالية والقوية التي تعرض لها.
وفيما رأى الخبراء، أن خطوة انتخاب قاسم تحمل مؤشرا على استعداد حزب الله لخوض حرب طويلة مع إسرائيل، دعا آخرون الأمين العام الجديد إلى ضرورة الاصطفاف مع القوى اللبنانية في الداخل والعمل على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، ونزع فتيل استمرار الحرب الحالية.
دوافع القرار
وفي حيثيات وأسباب انتخاب قاسم، قال العميد ناجي ملاعب، الخبير الاستراتيجي اللبناني لـ"العين الإخبارية"، إن "الانتخاب جاء لملء الفراغ الشاغر في أعلى قيادة الحزب، من أجل وحدة قراره في مرحلة حرجة يمر بها الحزب تستلزم السرعة في اتخاذ القرارات".
وأوضح ملاعب، أن "انتخاب قاسم جاء لاتخاذ قرارات تبدو عاجلة على الصعيد الميداني والسياسي، في ظل فشل مبدأ القيادة الجماعية للحزب في تحقيق السرعة المطلوبة في اتخاذ القرارات"، مضيفا: "صحيح أن جميع الملفات سترحل إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية المقررة بعد أيام، لكن هناك حراكا دبلوماسيا وتفاعلات ميدانية يجب أن يواكبها سرعة في أخذ القرارات من قبل حزب الله".
وأشار إلى أن قرار انتخاب قاسم أتى بعد انتظار تحديد مصير القياديين فيه هاشم صفي الدين، ووفيق صفا، لافتا إلى أن هناك 3 من أصل 7 من مجلس شورى حزب الله فقدوا حتى الآن، بعد مقتل نصر الله، وهاشم صفي الدين، فيما لا يزال مصير وفيق صفا مجهولا، لذا فمن تبقى من مجلس القيادة كان قادرا على انتخاب أمين عام جديد.
وعقب مقتل نصر الله، استهدفت إسرائيل خليفته المحتمل وابن خالته، هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي للحزب، بغارة مماثلة في أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وأقر حزب الله، الأحد الماضي، بمقتل صفي الدين بعد نحو 3 أسابيع من تلك الغارة.
تأثير انتخاب قاسم على مسار الحرب
وحول تأثير انتخاب نعيم قاسم على مسار الحرب في لبنان، قدر الدكتور طارق أبو زينب الباحث والمحلل السياسي اللبناني، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "الحزب ذهب بانتخاب قاسم إلى التحضير لخوض حرب طويلة مع إسرائيل، ما يعني استمرار الحرب، إذ أنه دائما ما يشجع على قتال إسرائيل وعدم الاستسلام تحت أي ظرف".
وقال أبو زينب: "قاسم يعمل ميدانيا على محاولة استعادة عافية الحزب، وترميم قدراته التنظيمية".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، توعد اليوم الأمين العام الجديد لحزب الله، مؤكدا أن تعيينه مؤقت وأن العد التنازلي له قد بدأ.
وكتب غالانت، عبر حسابه على منصة "إكس": "بدأ العد التنازلي"، وأرفق التغريدة بصورة نعيم قاسم.
حيثيات الدفع بقاسم
وقال أبو زينب، إن مجلس شورى الحزب توافق على تسمية نعيم قاسم أمينًا عامًا جديدًا، في مرحلة حساسة في مسيرة الحزب، من أجل العمل على إعادة تشكيل الهيكلية الجديدة للحزب، ومحاولة ضبط أي فوضى قد أصابته، بعد الضربات المتتالية القوية التي تعرض لها.
ولفت إلى أن قاسم عُرف في أوساط حزب الله، بـوضع خطط عسكرية ميدانية، وانتهج معادلة جديدة بقصف مستوطنات جديدة، وباستخدام صواريخ لم تستعمل في بداية المعارك بين حزب الله والقوات الإسرائيلية.
كما انتهج مسارا جديدا للمعارك والتصدي لإسرائيل، وهذا يتضح حين بدأت الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية في قرى أمامية عدة، وقال: "من المعروف عن نعيم قاسم أنه عصبي المزاج، وسريع الغضب، ويؤمن بإقصاء الرأي الآخر".
وفي تقدير، الدكتور ميشال الشماعي، الباحث والكاتب السياسي اللبناني، فإنه لا تأثير لتعيين أمين عام جديد للحزب على قرار الحرب ومساره في لبنان، وقال في حديث لـ"العين الإخبارية": "الحرب ستستمر، واختيار الشيخ نعيم قاسم مسألة شكلية ليس أكثر، لأن القرارات الاستراتيجية المرتبطة بالحزب تبقى في طهران".
ويخالف الدكتور خالد العزي، المحلل السياسي، وأستاذ العلاقات الدولية، الشماعي الرأي، وقال في حديث لـ "العين الإخبارية": "نعيم قاسم سيبدي نوعا من المرونة، تفرضها المعطيات الميدانية والدولية الحالية، بإعطاء التفويض الذي مارسه سابقا في خطاباته لنبيه بري حتى يقوم الأخير بخوض العملية التفاوضية مع المجتمع الدولي".
وأضاف: "مطلوب العمل على نزع فتيل الحرب وتوجيه الضغط الدولي عبر موقف لبناني جامع من جميع القوى ومن بينها حزب الله، نحو إيجاد صيغة سلمية لإنهاء الحرب من خلال الضغط على إسرائيل".
وأردف: "إسرائيل تريد التفاوض تحت النار، وترى أنه ميزان القوى لصالحها في الميدان، لذلك تستمر في محاولة تدمير الحزب وبنيته التحتية، وانتخاب قاسم جاء في ظل ما يعانيه الحزب من فقدان الصلة والترابط بالقيادة، وهذا أمر يحبط معنويات البيئة الحاضنة وكوادره".