"قمة المكتبات الوطنية".. إشعاع معرفي ينبع من الشارقة
انطلقت فعاليات النسخة الثانيّة من "قمة المكتبات الوطنيّة" التي تنظمها "هيئة الشارقة للكتاب"، بالشراكة مع جمعية المكتبات الأمريكيّة.
وتعقد القمة على هامش فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، في دورته الـ 41، والتي انطلقت في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني، وتستمر على مدار 12 يوماً، لتحول أرض الشارقة ودولة الإمارات إلى ملتقى حضارات وثقافات العالم.
وتستمرّ القمة على مدار يومين بمشاركة خبراء متخصصين من عدد من المكتبات الوطنيّة في مختلف أنحاء العالم بهدف تبادل الرؤى والأفكار والخبرات والبرامج التطويريّة وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الهيئة للنهوض بدور المكتبات الوطنية ووضع الحلول لمختلف التحديّات الذي يواجهها هذا القطاع.
وقال أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب في كلمته الافتتاحية "لطالما كانت المكتبات عبر التاريخ إلى يومنا هذا مركز إشعاع معرفي فهذا هو الدور الرئيسي لهذه الصروح الثقافيّة ولكن عند الحديث عن المكتبات الوطنية فإن مسؤوليتكم مضاعفة وأدواركم فيها محورية لهذا تأتي الدورة الثانية من قمة المكتبات الوطنيّة لتناقش سلسلة من المحاور الأساسية للنهوض بدور المكتبات الوطنية وإتاحة الفرصة أمامها لتجاوز التحديات التي تواجهها".
وأضاف "ظلت المكتبات الوطنية واحدة من أبرز ركائز مشروع الشارقة الحضاري الذي يمضي عاماً بعد الآخر برؤى توجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وهنا في هذا الحدث وعلى مدار يومين سنناقش الاستراتيجيات والجهود اللازمة لإنجاح مهمة المكتبات الوطنية وسنبحث من واقع تجاربكم وخبراتكم آلية حماية حقوق النشر والنسخ في العصر الرقمي كما سيكون المجال متاحاً لاكتشاف فرص التعاون والعمل المشترك في تطوير نظم وآليات عمل المكتبات الوطنية".
ولفت العامري إلى أن هيئة الشارقة للكتاب تؤمن أنّ الاستثمار في تأثير المكتبات العامة له انعكاس مباشر على سوق الصناعات الإبداعية في المنطقة والعالم كما له أثرٌ كبير على المجتمعات وقدرتها على صناعة مستقبلها.
وقال "نتطلع أن يكون اللقاء مثمراً ويقود إلى نتائج ملموسة لتطوير المكتبات الوطنية ودورها في قيادة جهود التنمية الشاملة والمستدامة موجها دعوته للتجوّل في ردهات معرض الشارقة الدولي للكتاب والاطلاع على الرهان الحضاري والثقافي العالمي هنا في الشارقة".
بدورها أعربت ليزا سافولانيان رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "IFLA" في كلمتها أمام القمة عن سعادتها بهذا باللقاء مع هذا التجمع الثقافي من مختلف أنحاء العالم، مضيفة "بالتأكيد لدينا العديد من البرامج والدوافع التي نتشاركها ونتبادلها من تجارب عديدة لنتقاسم أدوارنا في النهوض بواقع المكتبات الوطنيّة وفقاً لأفضل الممارسات العالميّة".
وأضافت "من الأهميّة بمكان أن نجتمع ونلتقي مع مجالس ومكتبات وهيئات ذات صلة ضمن جهودنا جميعاً لتطوير آليات عملنا وترسيخ المكانة التي يجب أن تتمتع بها المكتبات العامة في مجتمعاتنا وتحديداً في هذه الأوقات التي نشهد خلالها تحديات كبيرة وذلك ينبع من أهميّة تقييم هذه العلاقات والصلات والتعرّف على الآخرين وكلي ثقة بأنّ القمّة ستكون غنيّة بالتجارب الناجحة التي نتشاركها فيما بيننا".
من جانبه قال حسن السريحي رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات في كلمته "بالنسبة لنا في الاتحاد فإنّنا نتشرف بالمشاركة للعام الثاني على التوالي في قمة المكتبات الوطنية هذا المحفل العلمي والثقافي الذي يجمع قادة المكتبات الوطنية من مختلف أنحاء العالم والذي تنظّمه هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع جمعية المكتبات الأمريكية".
وأضاف "تشكّل القمة فرصة للالتقاء والتحاور وخلال العام الماضي أثناء الدورة الأولى شهدنا تحقيق فوائد كبيرة ومع زيادة أعداد المشاركين هذا العام ستكون الفائدة أكبر بكلّ تأكيد، لقد قمنا في الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات مؤخراً بإصدار المعيار العربي للمكتبات الوطنية والذي لم يكن موجوداً من قبل وذلك بالتعاون مع الأرشيف والمكتبة الوطنيّة الإماراتيّة وهذا الأمر يسعدنا جداً كخطوة هامة في رحلة تطوير آليات ونظم المكتبات الوطنيّة".
وتوجّه السريحي بالتهنئة لإمارة الشارقة التي تسير وفقاً لنهج ورؤى الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة مؤكّداً أن حكمته باتت منارة ثقافيّة في مختلف أنحاء الوطن العربي وهي السرّ وراء ما نشاهد من حراك ثقافي ضخم في هذه الإمارة لافتاً إلى أن هذا الأمر غير مستغرب ونتشرف كعرب أن لدينا الشارقة وأنشطتها وفعالياتها الثقافية.
وشهد اليوم الأول من قمّة المكتبات الوطنية عقد جلستين الأولى تحت عنوان "الاستراتيجيّة والتوظيف من أجل النجاح" شملت تقديم عرضين شارك فيهما كلّ من نج شير بونج المدير التنفيذي لمجلس المكتبة الوطنية – سنغافورة وليزا سافولانيان رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات نائب مدير المكتبة الوطنيّة الفنلندية.
وقدّم بونج تعريفاً بمجلس المكتبة الوطنيّة والتغيّر الذي حصل في طبيعة عملها بعد الجائحة ودور التوظيف في إحداث التغير والانتقال وصناعة الثقافة المبتكرة وتطوير الموارد البشرية العاملة في المكتبة فيما قدّمت ليزا بدورها تعريفاً بالمكتبة الوطنية الفنلندية وتناولت دور التكنولوجيا والقيادة والحلول التقنيّة والمرونة وغيرها من المحاور التي من شأنها أن تُسهم في إحداث التغيير والتطوير المطلوب.
وفي أعقاب الجلسة الأولى شهدت القمّة عقد سلسلة من النقاشات بين المشاركين الذين استعرضوا تجاربهم وأفكارهم وتبادلوا خبراتهم في هذا الشأن في حوار مفتوح حول أبرز التحديّات التي تواجه المكتبات الوطنيّة وتحديداً في عصر الرقمنة وما بعد الجائحة.
واستضافت الجلسة الثانيّة التي كانت جاءت بعنوان "الإيداع القانوني وحقوق التأليف والنشر في العصر الرقمي" كلٌ من سارة لامينس مدير عام المكتبة الملكيّة البلجيكية ولارس اشامار نائب رئيس المكتبة الوطنيّة السويدية والدكتور مينا رمزي رئيس مكتبة مصر الوطنيّة حيث تناولوا محاور الجلسة وآليات حفظ حقوق الملكية الفكرية والنشر والتأليف في ظل التطوّر الهائل الذي تشهده التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.