هل تعلق الأمم المتحدة المشاورات اليمنية بجنيف بعد تعنت الحوثي؟
مسلسل الغدر الحوثي بمستقبل اليمنيين يتكرر، حيث تخلف وفد الانقلابيين عن الوصول لحضور مشاورات جنيف التي دعت لها الأمم المتحدة.
ما بين مفاوضات الكويت عام 2016 حول الأزمة اليمنية ومشاورات جنيف التي لم يكتب لها أن تنطلق رغم مرور 3 أيام على موعدها المقرر، جرت أحداث كثيرة وطرأت متغيرات حثيثة، كان عنوانها الرئيسي هو وأد جماعة الحوثي الانقلابية لأحلام اليمنيين في سلام يخلصهم من أتون حرب أشعلتها مليشيات إيران.
ففي مفاوضات الكويت التي شهدت لأول مرة مشاورات مباشرة بين وفدي الحكومة والحوثي، قدم المبعوث الأممي -آنذاك- إسماعيل ولد الشيخ أحمد خطة عمل من أجل الوصول إلى حل سياسي.
- جريفث يحدد مصير مشاورات جنيف في مؤتمر صحفي السبت
- وفد الشرعية: باقون في جنيف بغض النظر عن وصول الحوثيين من عدمه
خطة أممية وافق عليها، في حينه، وفد الحكومة الشرعية، فيما أدار الحوثيون ظهرهم لها برفضهم التوقيع واتخاذهم خطوات أحادية نحو اختطاف السلطة، عبر تشكيل ما سُمي بـ"مجلس سياسي لإدارة البلاد"، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة.
واليوم في 2018، يتكرر مسلسل الغدر الحوثي بمستقبل اليمنيين، والشاهد هذه المرة، مدينة جنيف السويسرية التي تخلف وفد الانقلابيين عن الوصول إليها لحضور المشاورات التي دعت لها الأمم المتحدة، واستجابت لها الحكومة الشرعية بوفد سجل حضوره مبكرا، بحسب ما رصدته "العين الإخبارية".
هل تعلق الأمم المتحدة المشاورات؟
حضر الوفد الحكومي اليمني المفاوض، وعقد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مؤتمره الصحفي عشية الموعد المقرر للمشاورات، بيد أن الأنظار سرعان ما عادت إلى صنعاء، حيث أعلنت مصادر أن وفد المليشيات لم يغادر المدينة.
وبتخلف الانقلابيين عن الوصول إلى جنيف حتى صباح الخميس، ثم استمراره حتى الجمعة، بدا من المؤكد أن المليشيات تنوي إعادة السيناريو نفسه لإجهاض المشاورات.
- خلافات داخلية وشروط ملغومة.. قنابل موقوتة تُغيب "الحوثي" عن جنيف
- إرجاء مشاورات جنيف لليوم الثاني بسبب تعنت مليشيا الحوثي
تغيًب رأى فيه رئيس الوفد الحكومي اليمني المفاوض خالد اليماني "قلة احترام" للجهود الأممية، ما دفع بمراقبين للجزم بأن الأمم المتحدة ستعلق المشاورات، قرار يرجح محللون أنه سيكون منطقيا بالنظر لإحداثيات الوضع الراهن، والشروط المريبة التي وضعها الحوثيون لقبول الذهاب إلى جنيف.
وتطالب الجماعة الانقلابية بتأمين طائرة خاصة تقل وفدها وعددا من الجرحى إلى مسقط بسلطنة عمان، ونقل جرحاها من عمان إلى صنعاء، ومنح الوفد ضمانات بالعودة إلى صنعاء.
ضمانات يبدو بالكاشف أن المليشيات لا تريد الحصول عليها في حد ذاتها، لأبعادها الملغومة، وما تستبطنه من نوايا غير سليمة، وإنما هي مجرد عصي تضعها في عجلة مسار لا تريده أن ينتهي إلى تحقيق السلام.
ففي حال الأخذ بعين الاعتبار الخلافات الداخلية التي تضرب المليشيات على خلفية عدم توافق قياداتها حول الشخصية التي ستقود وفدها المفاوض، فإن الصورة تصبح أكثر وضوحا في الأذهان: فالانقلابيون يريدون ضرب عصفورين بحجر واحد، أي رأب صدعهم الداخلي من خلال عدم الذهاب إلى جنيف.
وفي الوقت نفسه، يجهضون المشاورات على أمل تحقيق هدف آخر، وهو احتمال تغيير موازين القوى على الأرض في الأيام القليلة المقبلة. وهو ما لن يحصل أبدا بالنظر إلى المعطيات العسكرية الفعلية في جبهات القتال حيث الانتصارات التي تحققها القوات اليمنية بإسناد من التحالف العربي.
وهناك سبب آخر يرجحه محللون أيضا، وهو أن الجماعة الانقلابية كانت تنوي تهريب عدد من عناصرها المصابة إلى الخارج، عبر وفدها الذي كان من المفترض أن يطير إلى جنيف الأربعاء لحضور المشاورات.
أهداف خبيثة كشفتها تصريحات اليماني الذي قال، في وقت سابق، لـ"العين الإخبارية" إن "طائرة الأمم المتحدة الخاصة بإحضار وفد الانقلابيين لمشاورات جنيف موجودة منذ الأربعاء في جيبوتي".
كما أشار إلى وجود "خلافات بين الحوثيين على من سيمثل وفدهم في مشاورات جنيف".
المتحدث باسم التحالف العربي العقيد ركن تركي المالكي فند بدوره أكاذيب المليشيات؛ وقال في تصريحات إعلامية، إن "قيادة القوات المشتركة للتحالف أعطت تصريحا لطائرة مليشيا الحوثي" لمغادرة اليمن للمشاركة في محادثات جنيف.
ورأى المالكي فيما أعلنه الحوثيون من أن قيادة التحالف لم تمنح الوفد التصريح أمر "غير صحيح، ومحاولة من مليشيات الحوثي لخلق فرصة لعدم المشاركة".
أكاذيب وحجج واهية تخفي ضروبا من المخططات المريبة، يبدو أن الأمم المتحدة باتت على دراية بها، وهذا ما يرجح بقوة احتمال تعليق المشاورات، بل إن مصادر مطلعة تقول إن إعلان هذا القرار سيكون يوم غد السبت، لوضع حد لحالة الترقب السائدة.
اجتماعات ومشاورات
بينما تقبع المليشيات الانقلابية في صنعاء ترتب أوراقا خاسرة، وتخطط لمزيد من إراقة دماء اليمنيين، عقد الوفد الحكومي المفاوض سلسلة اجتماعات مع المبعوث الأممي، وسفراء مجموعة الدول الراعية (19) لعملية السلام في اليمن بحضور جريفيث.
ووفق ما أعلنه اليماني، في مقابلة سابقة مع "العين الإخبارية"، عقد الوفد أيضا جلسة كاملة لأعضاء الفريق المشاورات اليمني وفريق مكتب المبعوث الخاص لليمن.
جهود حثيثة تمضي بالتوازي مع جهود مماثلة للمبعوث الأممي، لكنها تصطدم بجدار عدائي يشكله الحوثيون سعيا وراء عرقلة أي بوادر انفراجة في الوضع الكارثي الذي يشهده اليمن جراء انقلابهم على الشرعية.