"الناتو".. هل يصمد أمام انتقادات ترامب؟
بدأ بمعاهدة دفاع مشتركة ثم تحول لأكبر تحالف عسكري.. تعرف على قصة نشأة حلف شمال الأطلسي المعروف باسم "الناتو".
طالبت الولايات المتحدة منذ سنوات الحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، المعروف باسم "الناتو"، بإنفاق 2% من مواردهم الاقتصادية على الدفاع، وأغضب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب سياسيين أوروبيين وألمان، حين وصف حلف شمال الأطلسي بأنه عفا عليه الزمن.
وشعرت أوروبا بالقلق عندما اتهم ترامب خلال حملته الانتخابية بقية أعضاء "الناتو" بالتقاعس عن دفع الأموال، ووصف الحلف في وقت سابق بأنه "عفا عليه الزمن"، في إشارة إلى تهديد مبطن لأوروبا التي تعاني قلقاً من تزايد النشاط الروسي في شرق أوروبا وبعض دول الشرق الأوسط، والتي تعيد إلى الأذهان السبب الرئيسي الذي قام عليه حلف شمال الأطلسي منذ 70 عاما.
ويعتبر ذلك الحلف أحد أكبر التحالفات العسكرية التي عرفها العالم، حيث تشارك به أكثر من 28 دولة، يكونون حلفا دبلوماسيا وعسكريا ضد التهديدات التي تواجه مصالح دول ذلك الحلف.
وتنقسم مهمة الناتو الرئيسية إلى شقين: الأول سياسي يهدف إلى نشر القيم الديموقراطية عن طريق التشاور والتعاون في مجالات الدفاع والأمن وبناء الثقة على المدى الطويل لمنع نشوب الخلافات والصراعات بين الدول الأعضاء، والشق الثاني عسكري يهدف إلى دعم الدول الأعضاء عسكريا في حالة الهجوم أو الاعتداء عليهم عسكريا، بدعم من اتفاقية الناتو والأمم المتحدة.
إلا أن قصة الناتو بدأت منذ عام 1948 حيث وقعت كل من بلجيكا وهولندا ولوكسمبرج وفرنسا والمملكة المتحدة اتفاقية عرفت باسم "اتفاقية بروكسل" والتي وضعت النواة لمنظمة تحالف الأطلسي، حيث كان الهدف منها هو تشكيل تحالف أوروبي لصد أي هجوم توسعي من قبل الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.
وبعد عدد من المداولات بين تلك الدول توصلت المجموعة إلى أن دخول الولايات المتحدة إلى ذلك الحلف أمر أساسي لخلق توازن عسكري مع السوفييت في ذلك الوقت، بالإضافة إلى دفن أي محاولات لقيام الشعوبية العسكرية، مثل النظام النازي في ألمانيا، والذي أدى إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وقامت الدول الأعضاء بعمل اجتماع مطول مع وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت جورج سي مارشال، والذي نتج عنه توقيع اتفاقية شمال الأطلسي في واشنطن عام 1949 بين كل من أعضاء دول اتفاقية بروكسيل (بلجيكا وهولندا ولوكسمبرج وفرنسا والمملكة المتحدة) والولايات المتحدة وكندا والبرتغال وإيطاليا والنرويج والدنمارك وأيسلندا، وتم تعيين اللورد إسماي كأمين عام للناتو في نفس العام.
واتفق الأطراف على أن أي هجوم سواء على الولايات المتحدة أو أحد الدول المشاركة في التحالف هو هجوم على الحلف بأكمله، وهو ما وضع حجر الأساس لاستعادة ثقة الغرب في مواجهة التهديد السوفيتي بالتوسع الشيوعي في أوروبا، وبناء عليه قامت الدول الأعضاء بعمل توحيد قياسي لبعض المعدات والمصطلحات العسكرية، وتكنولوجيا التسليح.
وكانت الحرب الكورية في عام 1950 أول امتحان حقيقي لتماسك الحلف أمام التهديد الشيوعي العالمي في ذلك الوقت، حيث شاركت قوات من كل الدول تحت راية الناتو لدعم الجهود الأمريكية في دفع القوات الشيوعية بعيدا عن سلطة الحكم في كوريا، حيث قام الحلف بدعم الولايات المتحدة بـ 200 سفينة و50 ألف جندي للمشاركة في عمليات القتال ضد القوات الشيوعية الكورية.
وقامت كل من تركيا واليونان بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في عام 1952 ليصبح عدد الدول الأعضاء 14 عضوا، ثم لتنضم ألمانيا الغربية للتحالف في عام 1955، مما دفع الاتحاد السوفيتي لعمل اتفاقية مماثلة بينه وبين كل من هنجاريا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا وبلغاريا ورومانيا وألبانيا وألمانيا الشرقية كرد فعل رسمي لتوسع قوة الناتو في أوروبا، والتي ساهمت في إشعال الحرب الباردة.
إلا أن وحدة تحالف الناتو واجهت تحديا كبيرا في عام 1958 بسبب سياسات الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت شارل دي جول التي عارضت التواجد الأمريكي المكثف في عدد من القواعد الجوية الفرنسية، وطالب ديجول القوات الأمريكية والأوروبية المتواجدة على الأراضي الفرنسية، مما دفعها إلى الانسحاب من التحالف بشكل كامل عام 1966، إلا أنها عادت إلى عضوية الناتو في عام 2009.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 سارعت العديد من دول الاتحاد السوفيتي السابق الدخول في تحالف الناتو، مما دفع المنظمة إلى وضع تصنيف للدول التي تريد المشاركة في التحالف، ويشمل التصنيف 3 طبقات بعيدا عن الدول الأعضاء في الناتو: الدول المشاركة في خطة العمل الخاصة بالناتو، والدول المشاركة بشكل طوعي في خطط الناتو بالإضافة الى دول تعمل مع الناتو تحت شعار "الشراكة من أجل السلام".
وشارك تحالف الناتو في عدد من العمليات العسكرية منذ عام 1990 وتضمنت عملية أنكور جارد في حرب الخليج الأولى ضد الغزو العراقي للكويت، والتدخل العسكري في العمليات ضد الصرب في حرب البوسنة والهرسك في الفترة من عام 1992 الى 1996، والتدخل في حرب كوسوفو في عام 1998، والحرب على الإرهاب في أفغانستان منذ عام 2001 حتى 2014 والتواجد العسكري في العراق من 2004 وحتى انسحاب القوات الأمريكية في ديسمبر عام 2011.
وتشارك قوات الناتو بشكل مكثف في العمليات ضد القرصنة البحرية في خليج عدن منذ عام 2009 وحتى الآن ضد القراصنة الصوماليين، بالإضافة إلى دعم وتقوية القوات البحرية لدول الجوار في منطقة خليج عدن، بالإضافة إلى تأمين القوافل البحرية الخاصة بالمساعدات الإنسانية المتجهة إلى الصومال.
وشاركت قوات الناتو أيضا في العمليات الخاصة خلال الحرب الأهلية الليبية عام 2011 للإطاحة بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي الذي قتل على يد قوات ثورية ليبية في أكتوبر من نفس العام، وتأمين المجلس الرئاسي الليبي في عام 2013 بالإضافة إلى تأمين السفن الأوروبية في البحر المتوسط ضد أي هجمات إرهابية.
aXA6IDMuMTQ1LjM4LjY3IA== جزيرة ام اند امز