نار على ثلوج الشمال.. الناتو يخشى من حرب لا يستطيع الفوز بها
حذر خبراء من أن حلف شمال الأطلسي "الناتو" غير مؤهل لخوض حرب بالمنطقة القطبية ضد روسيا رغم تدريبات مكثفة تجريها قواته في المنطقة.
وبينما يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعزيز وجوده العسكري في القطب الشمالي تتزايد المخاوف من تصاعد التوترات إلى مواجهة مباشرة، خاصة مع تنامي نفوذ موسكو وبكين بالمنطقة الاستراتيجية.
استعداد فنلندا للحرب
ومع امتداد حدودها على طول 830 ميلا مع روسيا تستعد فنلندا لأي صراع محتمل قد يجعلها نقطة مواجهة، إذا قرر بوتين مهاجمة الغرب، ومنذ انضمامها إلى حلف الناتو بعد شن روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا عام 2022، أصبحت فنلندا واحدة من أكثر الدول الأوروبية عرضة لتفجر الوضع العسكري.
وتقوم فنلندا بتدريب أكثر من 21 ألف مجند جديد سنويا، ولديها 285 ألف جندي احتياط مستعد للقتال في أي لحظة، ما يجعلها صاحبة أكبر قوة احتياط في زمن الحرب بين دول الناتو، كما أن لواء "الصاعقة" الفنلندي يُعتبر القوة العالمية الرائدة في القتال بالظروف القطبية، ويتولى عملية تدريب القوات الأمريكية والبريطانية على مواجهة التحديات التي قد تطرأ في أي حرب بالقطب الشمالي.
وخلال الحرب الشتوية عام 1939 نجحت فنلندا في التصدي للقوات السوفياتية الغازية، متسببة في خسائر فادحة بلغت نحو 200 ألف جندي روسي، ومنذ ذلك الحين حافظت فنلندا على جاهزيتها لأي مواجهة مع روسيا، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991.
القطب الشمالي: صراع الهيمنة على الموارد
وتشكل المنطقة القطبية نقطة محورية للتوترات الجيوسياسية بين القوى العظمى، حيث تسعى روسيا للهيمنة على مواردها الضخمة، التي تشمل احتياطات هائلة من النفط والغاز، ويمثل القطب الشمالي 60% من إنتاج النفط الروسي و80% من الغاز الطبيعي، ما يجعل السيطرة على المنطقة ضرورية لاستمرار اقتصادها.
ومع انضمام كل من فنلندا والسويد إلى الناتو أصبحت جميع دول القطب الشمالي -باستثناء روسيا- جزءا من الحلف، هذا التوسع أثار قلق موسكو التي تشعر بأنها "محاصرة" من قبل دول الناتو.
ويعتبر بوتين هذا الأمر تهديدا مباشرا لمصالح بلاده في المنطقة، وفي سبتمبر/ أيلول 2022 أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا "مستعدة بالكامل" للدفاع عن مصالحها في القطب الشمالي عسكريا وسياسيا، مما يعزز المخاوف من تصعيد عسكري محتمل.
التحديات اللوجستية والظروف القاسية
رغم التدريبات العسكرية المكثفة للناتو يفتقر العديد من جنود التحالف إلى التدريب اللازم لمواجهة الظروف القاسية في المنطقة القطبية، ويؤكد خبراء عسكريون أن العمليات العسكرية في القطب الشمالي ليست فقط مسألة تكتيكية، بل تتطلب أيضا استعدادا لمواجهة الطبيعة القاسية، بما في ذلك درجات الحرارة المتجمدة والعواصف الثلجية.
وصفت التقارير هذه الظروف بأنها "كابوس لوجستي"، حيث يصبح الجنود معرضين لخطر الموت بسبب الطبيعة القاسية للمنطقة قبل حتى خوض المعارك.
وقالت الخبيرة الأمنية مينّا أولاندر إن تدريب القوات على النجاة في البيئة القطبية يشكل فجوة كبيرة في قدرات الناتو، مؤكدة أن "الجنود قد يموتون بسبب الظروف الطبيعية قبل أن يخوضوا القتال الفعلي".
التدريبات العسكرية والردع الاستراتيجي
في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أجرى الناتو تدريبات عسكرية مكثفة تحت اسم Dynamic Front 25، شارك فيها 3,600 جندي من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسويد ودول أخرى، وتهدف هذه التدريبات إلى تجهيز القوات لمواجهة الظروف القطبية وتعزيز التعاون بين دول الحلف.
أوضح العقيد يان ماكيتالو، قائد التدريبات، أن الهدف الرئيسي هو إعداد الجنود للعمل في الظروف القاسية وإرسال رسالة واضحة لروسيا حول جاهزية الناتو للدفاع عن أعضائه.
ويرى الخبراء أن التوترات في القطب الشمالي قد لا تؤدي إلى حرب شاملة بالضرورة، لكنها قد تتحول إلى اختبار استراتيجي للغرب عبر أنشطة هجينة مثل الحروب منخفضة الكثافة واستخدام المنطقة كأرضية لتجارب الردع.
وأشار المحلل لانس لانديروم إلى أن روسيا والصين قد تستغلان المنطقة القطبية كـ"منطقة ضغط رمادية" لاختبار استعداد الدول الغربية ورد فعلها دون تجاوز عتبة الصراع التقليدي.
مع استمرار تصاعد التوترات يبدو أن القطب الشمالي سيظل ساحة للصراع على النفوذ والموارد بين القوى العظمى، في ظل ظروف مناخية قاسية وتحديات جيوسياسية معقدة.
aXA6IDEzLjU4LjIwMy4xMDQg جزيرة ام اند امز