بحرية "الوفاق" الليبية.. مليشيات الاتجار في البشر
مفوضية حقوق الإنسان الأوروبية دعت دول الاتحاد إلى تعليق تعاونها مع مليشيات "خفر السواحل" التابعة لحكومة الوفاق الليبية.
فتحت دعوة مفوضية حقوق الإنسان الأوروبية دول الاتحاد إلى تعليق تعاونها مع مليشيات "خفر السواحل" التابعة لحكومة الوفاق الليبية، ملف انتهاكات هذه المليشيات لحقوق الإنسان وارتكابها لجرائم ضد الإنسانية بحق المهاجرين غير الشرعيين.
وكشفت المفوضية، في تقرير لها الثلاثاء، أن "المهاجرين الذين تنتشلهم مليشيات خفر السواحل التابعة لفايز السراج يُعادون إلى ليبيا، وترتكب ضدهم انتهاكات ضد الإنسانية.
وأوضح التقرير: "يُحتجزون على الفور ويتعرضون للتعذيب وأعمال العنف الجنسية والابتزاز".
*مليشيات غير نظامية
كان يعتقد لفترة طويلة أن خفر السواحل التابع للوفاق يتكون من عساكر نظاميين من خريجي الكلية البحرية، خاصة مع امتلاكها للعديد من الزوارق والآليات الحديثة، ما دفع بعدد من دول العالم للتعاون معها باعتبارها أجهزة أمنية شرعية تتبع حكومة الوفاق التي تشكلت استجابة لاتفاق الصخيرات، واعترفت بها الأمم المتحدة لاحقا.
ولكن حقيقة هذه المليشيات بدأت تتجلى وتنفضح أمام دول العالم، خاصة إيطاليا التي تتعامل معها في مواجهة الهجرة غير الشرعية.
وأظهرت صحيفة "إفينيري" الإيطالية، في تقرير أعاد موقع المرصد الليبي نشره، حقيقة هذه المليشيات.
وتضمن التقرير صوراً جوية لقارب الدورية المسمى "تليل 267" التابع لخفر السواحل ضمن ما أسمته "أسطول الزاوية" يقودها مدنيون لا يرتدون الزي الرسمي، وقد استوقفوا القارب الذي تم إنقاذه الأسبوع الماضي بواسطة منظمة "سي ووتش" وعلى متنه 53 مهاجراً غير شرعي من جنسيات مختلفة.
ويتبع هذا القارب لمهرب البشر المعاقب دولياً وفرنسياً عبدالرحمن الميلادي الملقب بـ"البيدجا" الذي استغل عمله سابقا في خفر السواحل للاتجار في البشر وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وفق ما اتهمته به محكمة الجزاءات الدولية في لاهاي.
وضمنت حكومة الوفاق للبيدجا وجماعته الشرعية والرسمية في التعامل مع حركة المهاجرين، خاصة أن البيدجا يقاتل الآن في صفوف مليشيات الوفاق بمعارك طرابلس، في محاولتها عركلة تقدم الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة من المليشيات.
*إنقاذ أم سرقة
ليس الإتجار في البشر جريمة بحرية الوفاق فقط، ولكن الأكثر إجراما ما كشفته الصور الجوية المنشورة في تقرير الصحيفة فمليشيات البيدجا حاولت الاستيلاء وسرقة محرك زورق المهاجرين غير الشرعيين بدلاً من إنقاذهم.
فقد ظهرت قوات مليشيات البيدجا "المدنيين" على ظهر القارب الذي شارف كل من كانوا على متنه على الغرق، وهم يحاولون سرقة محركه القوي من نوع "ياماها" لإعادة استخدامه في قوارب تهريب أخرى.
*ملاحقات دولية
تلك الانتهاكات المنهجة التي ترتكبها مليشيات الوفاق البحرية خاصة مليشيا البيدجا تم توثيقها من عدد من المنظمات الحققية خاصة الدولية، وقد أودع المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي لدى مجلس الأمن الدولي ملف اتهام لإدارة المهاجرين في الزاوية لاتهامه بمعاملة قاسية، ولا إنسانية أو مهينة بحق المهاجرين.
وقد استخدم البيدجا قارب الدورية” تليل 267 ” المزود بمدفع رشاش سوفيتي قديم عدة مرات لإطلاق النار على سفن منظمات الإنقاذ غير الحكومية وقوارب الهجرة غير الشرعية ما قد يعرضها للغرق.
وأكد تقرير الصحيفة الإيطالية وجود عدة انتهاكات في مراكز الاحتجاز التي تديرها حكومة الوفاق مثل إدارة مكافحة الهجرة غير القانونية.
كما يتم استخدام اللاجئين من المهربين، لتحقيق مصالح خاصة في مدن "مصراتة والزاوية وطرابلس".
وهو ما أكده تقرير الهيومن رايتس ووتش 2018 بتعرض اللاجئين لسلسلة من الانتهاكات على أيدي المهربين، وأعضاء المليشيات والعصابات، بما في ذلك الاغتصاب، والضرب، والقتل، دون تدخل أو حماية من قبل وكالات إنفاذ القانون الضعيفة في ليبيا.
وتعدت انتهاكات مليشيات الوفاق البحرية لتمتد إلى الصحفيين، ففي أغسطس/آب الماضي اعتقلت مجموعة مسلحة في القاعدة البحرية بطرابلس 4 صحفيين ومصورين ليبيين من "رويترز" و"وكالة فرانس برس" كانوا يغطون قضايا متعلقة بالهجرة، واحتجزتهم لمدة 10 ساعات دون أي تفسير.
أموال أوروبا
وأشار التقرير إلى أن مليشيات الوفاق المعنية بحماية اللاجئين والمهاجرين تستخدم الدعم المالي الدولي لتنفيذ هذه الانتهاكات، فوفقاً للاتفاقات المبرمة بين حكومة الوفاق في طرابلس وروما وبروكسل لما يسمى بخفر السواحل الليبي.
وقد بدأ السراج في استلام عدد من المتطلبات التي تقدم بها لروما لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتي تضمنت 10 سفن و10 زوارق دورية و4 مروحيات و24 قاربا مطاطيا، و10 سيارات إسعاف و30 سيارة جيب و15 سيارة و30 هاتفًا يعمل بالقمر الصناعي، وملابس غوص، ومناظير وأقنعة ليلية وإسطوانات للأكسجين وغيرها من المعدات بقيمة لا تقل عن 800 مليون يورو.
اعترافات
واعترف البيدجا الذي يخضع ومليشياته للعقوبات، التي فرضها مجلس الأمن العام 2017، على قناة "أي جي وان"، أنه يعمل بمقابل عقد سري مع إدارة أمن المنشآت النفطية الممنوحة للشركات الإيطالية.
وأوضح التقرير أن البيدجا تعاون في عمليات إغراق قوارب باستخدام الأسلحة النارية مع تجار بشر آخرين، مثل محمد كشلاف الملقب بـ"القصب" مهرب الوقود المسيطر على مصفاة الزاوية تحت شعار حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق.
كما قالت البحرية الليبية 11 يونيو/ حزيران الجاري "إنها لن تسمح بعمل المنظمات الدولية النشطة في مجال إنقاذ المهاجرين غير النظاميين من الغرق قبالة سواحل ليبيا".
واتهم العميد بحار أيوب قاسم المتحدث باسم قوات البحرية الليبية التابعة لحكومة الوفاق في تصريح لفضائية محلية تلك المنظمات بـ"انتهاك شرعية المياه الليبية وعرقلة أي اتفاق مع الأوروبيين يخدم ليبيا بخصوص الحد من الهجرة غير النظامية"، كما اتهم بعضها بـ"التواصل مع عصابات الهجرة".
أوضاع المهاجرين غير الشرعيين
وأشارت العديد من التقارير الصحفية إلى أن المليشيات تستخدم المهاجرين غير الشرعيين في المعارك ضد الجيش الليبي، وهو ما أكده المبعوث الخاص لمفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة لمنطقة البحر المتوسط ”فنسنت كوتشيل ”.
وقال في تغريدة نهاية إبريل/ نيسان الماضي أنه لم يسجل أي حالات لمغادرة مهاجرين من ليبيا منذ اندلاع المعارك في طرابلس.
وقام الاتحاد الأوروبي بتعزيز حدوده الخارجية وتشديد قوانين اللجوء، فضلا عن تقديم المساعدة إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي على الحافة الشرقية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسط لمساعدتها على احتواء الهجرة إلى أوروبا.
وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن عدد الوافدين غير القانونيين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفض من أكثر من مليون شخص في عام 2015 إلى نحو 141500 شخص في العام الماضي.