الغابات سر النجاح.. لماذا يجب أن تكون في قلب الزراعة الحراجية؟

هناك حاجة ماسة لأخذ الغابات في عين الاعتبار عند دعم الزراعة الحراجية، لضمان استدامة الموارد ومواجهة التغير المناخي.
تبرز زراعة الأشجار كأحد الحلول الرئيسية للتكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية؛ فهي قادرة على امتصاص كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ثم توظفه في عملية البناء الضوئي؛ فتكوّن الغذاء والأكسجين، ما يساهم في تخزين الكربون ومكافحة التغيرات المناخية، وفي نفس الوقت إنعاش الحياة على سطح الأرض. لكن أغلب المبادرات التي تدعو إلى الزراعة الحراجية، تركز فقط على زراعة الأشجار، وهذا أمر يدعو إلى القلق.
الزراعة الحراجية
يُشير مصطلح الزراعة الحراجية إلى شكل من أشكال الزراعة المستدامة التي تجمع بين زراعة الأشجار والمحاصيل الزراعية وتربية الحيوانات على نفس المساحة من الأرض، ولها العديد من الفوائد؛ إذ تساهم في مكافحة ظاهرة التعري، وتزيد من خصوبة التربة، وتساهم في دعم التنوع البيولوجي. وبالفعل تدعمها العديد من المبادرات حول العالم. وهناك أيضًا ما يُسمى بـ"الزراعة الحراجية القائمة على الغابات" (FAF)، وهي أيضًا تجمع بين زراعة الأشجار والمحاصيل وتربية الحيوانات، لكنها في العادة تقوم على أراضي الغابات أو في أطرافها.
في هذا الصدد، عملت مجموعة بحثية من جامعة ييل بالولايات المتحدة الأمريكية على دراسة جدوى التركيز على زراعة الأشجار فقط ودور الزراعة الحرجية القائمة على الغابات في دعم إدارة الغابات ومكافحة التغيرات المناخية. ووجدوا أنّ الاعتماد على زراعة الأشجار فقط قد يؤدي إلى ضياع فرص إيجابية كثيرة لإدارة الغابات. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "نيتشر كلايمت تشانج" (Nature Climate Change) في 29 مايو/أيار 2025.
دعم أكبر
وجد مؤلفو الدراسة أنّ الزراعة الحراجية القائمة على الغابات من شأنها أن تدعم صحة الغابات وكذلك التنوع البيولوجي فيها. من جانب آخر، فإنها تساهم بصورة كبيرة في عزل الكربون وتخزينه، وتوفر العديد من المنتجات، مثل: الفواكه، المكسرات، والنباتات الطبية، ما يحقق فوائد ودعم أكبر للمجتمعات المحلية التي تمارس الزراعة الحراجية القائمة على الغابات.
تمويل أقل
أشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من الفوائد المتعددة للزراعة الحراجية القائمة على الغابات والعدد الكبير من الأشخاص الذين يمارسونها، إلا أنها تتلقى تمويل ودعم أقل من مبادرات الزراعة الحراجية لزراعة الأشجار التي تديرها جهات غير حكومية ومنظمات غير ربحية ومنظمات الحفاظ على البيئة.
مفاهيم خاطئة
أرجع الباحثون استبعاد الزراعة الحراجية القائمة على الغابات من فرص التمويل إلى مفهومين خاطئين، وهما:
المفهوم الخاطئ الأول، هو هناك بعض من يظنون أنّ الزراعة الحراجية التي تُقام حول المحاصيل السلعية العالمية، مثل: القهوة، الكاكاو، وزيت النخيل، غالبًا تُخلط مع النهج التقليدية للسكان الأصليين.
أما المفهوم الخاطئ الثاني؛ فهو أنّ نتائج الزراعة الحراجية في الغابات الاستوائية، يمكن تعميمها إلى أنظمة الغابات الشمالية.
كما أشار مؤلفو الدراسة إلى أنّ الرواية التي مفادها أنّ النشاط البشري في الغابات يتسبب في تدهور كبير، خطأ؛ إذ إنّ هناك مجتمعات أصلية تعيش في الغابات وحولها منذ آلاف السنين، وصارت تلك المجتمعات جزءًا من النظام البيئي هناك، بل وتدعم صحة الغابات.
وشددوا على ضرورة وضع سياسات تعزز من ممارسات الزراعة الحراجية القائمة على الغابات؛ لتعظيم الفوائد المكتسبة، وأهمية إدارة الغابات بفاعلية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز