نتنياهو يتحدث عن سيطرة كاملة على قطاع غزة.. ماذا يقصد؟

لم يُخفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، السبب الحقيقي وراء عملية «عربات جدعون»، ألا وهو السيطرة الكاملة على قطاع غزة.
وقد استكمل هذا التصريح وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي أشار إلى أنه سيتم، في إطار العملية، تدمير ما تبقى من غزة، ونقل سكانها إلى الجنوب تمهيدًا لتهجيرهم إلى دول ثالثة.
- خيار إنهاء حرب غزة يدخل قاموس نتنياهو.. اتفاق شامل أو نهاية المواجهة
- «فرصة أخيرة» لسلام الشرق الأوسط.. خيارات نتنياهو تضيق
وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون الأمنية (الكابينت) قد صادق، الأسبوع الماضي، على إطلاق العملية العسكرية «عربات جدعون» لتوسيع رقعة الحرب في غزة.
ومنذ ذلك الحين، تكرر استخدام تعبيرات مثل «السيطرة على الأرض» و«نقل السكان» و«التهجير إلى دول ثالثة».
بين السيطرة والاحتلال
بالنسبة لكثيرين، تعكس هذه التصريحات تخبطًا في السياسة الإسرائيلية الرسمية تجاه مستقبل قطاع غزة.
فبينما تؤيد غالبية الإسرائيليين القضاء على حكم حركة حماس ونزع سلاح غزة، فإنهم لا يؤيدون إعادة احتلال القطاع أو الاستيطان فيه.
غير أن نتنياهو، الواقع تحت تهديدات متكررة من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية سموتريتش، يجد نفسه محاصرًا بين دعوات إعادة الاحتلال ومطالب إنهاء الحرب، فيكتفي بالحديث عن «السيطرة».
ويطالب بن غفير وسموتريتش باستمرار الحرب حتى تحقيق الاحتلال الكامل وتهجير سكان القطاع «طوعًا» إلى الخارج، ويهددان بإسقاط الحكومة في حال عدم الاستجابة لمطالبهما.
في المقابل، تطالب عائلات الرهائن في غزة، وأحزاب المعارضة، بإنهاء الحرب من أجل استعادة الرهائن.
وفي خضم هذه الضغوط، يتحدث نتنياهو عن «السيطرة الكاملة» على القطاع دون استخدام صريح لكلمة «الاحتلال»، خشية إثارة انتقادات دولية، لا سيما من الولايات المتحدة.
ويقول نتنياهو إنه سيعمل على القضاء على أي إمكانية لعودة حماس إلى حكم غزة، لكنه في الوقت ذاته يرفض عودة السلطة الفلسطينية إلى الحكم، كما كان عليه الوضع قبل عام 2007.
ويتحدث أحيانًا عن «سيطرة غربية وعربية مشتركة»، دون تقديم تفاصيل واضحة.
الغزو والتطهير والبقاء
وفي مقطع فيديو، الإثنين، قال نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي «سيسيطر على كامل قطاع غزة».
لكن ما لم يقله نتنياهو، قاله وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، في مؤتمر صحفي: «يعمل الجيش الإسرائيلي، منذ أمس، بخمس فرق في غزة، بقوة لم نشهدها منذ بداية الحرب. وهذه المرة بطريقة مختلفة تمامًا عن الماضي؛ لا مزيد من الغارات والدخول والخروج، بل الغزو والتطهير والبقاء، حتى يتم تدمير حماس».
وأضاف: «وعلى طول الطريق، يتم تدمير ما تبقى من القطاع، ببساطة لأن كل ما فيه هو مدينة كبيرة مليئة بالرعب».
واعتبر أن: «هذا تغيّر هائل عمّا كان عليه الوضع حتى الآن، وسيؤدي إلى النصر، وتدمير حماس، وعودة المختطفين».
وقال أيضًا: «وكجزء من الحرب، يقوم الجيش الإسرائيلي بنقل السكان من مناطق القتال، ولا يترك حجرًا على حجر. السكان سيصلون إلى جنوب قطاع غزة، ومن هناك إلى دول ثالثة، ضمن خطة الرئيس ترامب. هذا سيغيّر مجرى التاريخ، لا أقل، هذا هو الشيء الرئيسي».
وأضاف: «هذا هو الهدف، هذا هو الاتجاه الذي نسير فيه، ولا ينبغي لنا بأي حال من الأحوال أن نُخفض أعيننا أو نسمح للأمور الثانوية بأن تضعفنا».
لابيد: «أين الخطة؟»
فهمت المعارضة الإسرائيلية الرسالة التي وجّهها نتنياهو وسموتريتش على أنها دعوة صريحة لإعادة الاحتلال.
وقال زعيم المعارضة، يائير لابيد، في كلمة لقادة حزبه «هناك مستقبل»: «ينفّذ الجيش الإسرائيلي عمليات في غزة منذ يومين، خاصة في خان يونس. مقاتلونا أسود، وهم يدافعون عن الوطن، لكن الحكومة الإسرائيلية لا تُجيب على سؤال واحد: ما هي الاستراتيجية؟».
وأضاف: «نحن جميعًا ندعم القضاء على حماس، لكن حماس لن تختفي إذا لم يتم تقديم بديل لحكمها. ما هي خطة الحكومة؟ من سيحلّ محل حماس ويحكم غزة؟».
وتابع: «إذا كان مقاتلونا سيُقتلون أو يُصابون يوميًا في غزة على مدى ثلاث أو أربع أو خمس سنوات، فعلى الحكومة أن تتوقف عن الاختباء، وأن تقول ذلك بصوت عالٍ».
كما قال: «إذا كانت أموال الضرائب التي ندفعها ستُموّل تعليم أطفال غزة ونظامها الصحي لسنوات، فعلى الحكومة أن تُصارح الناس بذلك».
واعتبر لابيد أن: «إغراق الجيش في وحل غزة لسنوات سيكون خطأً استراتيجيًا وكارثة اقتصادية ومأساة سياسية، ستمنع إسرائيل من أن تكون جزءًا من التغيير التاريخي في الشرق الأوسط، الذي رأيناه خلال زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية».
وأشار إلى أنه قدّم خطة بديلة، قائلاً: «من يجب أن يدير غزة في السنوات القادمة هي مصر. على إسرائيل أن تُنسق مع الولايات المتحدة لنقل السيطرة على غزة إلى مصر خلال الخمس عشرة سنة المقبلة».
وختم لابيد بالقول: «تحتاج إسرائيل إلى استراتيجية انسحاب من غزة في أسرع وقت، والتمركز عند حدودها، مع مواصلة ما يُعرف بـ«جز العشب»، أي الحرب المستمرة ضد الإرهاب، وصولًا إلى نقل غزة إلى السيطرة المصرية».
aXA6IDMuMTMzLjgzLjEyMyA=
جزيرة ام اند امز