اندماج عملاق البث تحت المجهر.. صفقة «نتفليكس» و«وارنر براذرز» تثير مخاوف تنظيمية
تم التوصل إلى اتفاق سريع بين شركتي نتفليكس ووارنر براذرز ديسكفري، غير أن مساره نحو نيل الموافقات التنظيمية قد لا يكون بالسرعة نفسها.
وفاجأت نتفليكس قطاع الإعلام، يوم الجمعة، بإعلانها عن صفقة مقترحة بقيمة 72 مليار دولار للاستحواذ على استوديو الأفلام الشهير التابع لشركة وارنر براذرز، إلى جانب خدمة البث HBO Max.
ويجمع هذا الاندماج بين اثنتين من أشهر منصات البث في هذا المجال، إذ أفادت نتفليكس بوصول عدد مشتركيها العالميين إلى 300 مليون مشترك حتى أواخر عام 2024، وهي آخر مرة أعلنت فيها هذا المؤشر.
في المقابل، بلغ عدد مشتركي HBO Max نحو 128 مليون مشترك حتى 30 سبتمبر/أيلول.
وتستحوذ نتفليكس حاليًا على 46% من إجمالي مستخدمي تطبيقات الهاتف المحمول النشطين شهريًا في سوق البث العالمي، وفقًا لبيانات صادرة عن شركة Sensor Tower المتخصصة في تحليلات السوق.
وأظهرت البيانات أنه عند دمج نتفليكس مع HBO Max، سترتفع هذه النسبة إلى 56%.
ووفقًا لمذكرة بحثية صادرة عن محللين في شركة William Blair، يوم الجمعة، فإن «هذه الصفقة تُعزّز مكانة نتفليكس بوصفها خدمة البث الرائدة في تقديم المحتوى الأصلي».
غير أن حجم الصفقة يجعلها موضع تدقيق واسع من قِبل المطلعين على الصناعة والمشرعين الأمريكيين على حد سواء.
وأفادت شبكة CNBC، يوم الجمعة، بأن إدارة ترامب تنظر إلى هذا الاندماج «بشك كبير»، في وقت دعت فيه السيناتورة إليزابيث وارن بالفعل إلى إخضاع الصفقة لمراجعة من قِبل جهات مكافحة الاحتكار.
وقالت وارن، وهي ديمقراطية تمثل ولاية ماساتشوستس، في بيان لها: «تبدو هذه الصفقة بمثابة كابوس من كوابيس قوانين مكافحة الاحتكار، إذ سيُنشئ اندماج نتفليكس ووارنر براذرز عملاقًا إعلاميًا ضخمًا يسيطر على ما يقرب من نصف سوق البث، وهو ما يهدد بفرض أسعار اشتراك أعلى على الأمريكيين، وتقليص الخيارات المتاحة لهم بشأن ما يشاهدونه وكيف يشاهدونه، فضلًا عن تعريض العمال الأمريكيين للخطر».
كما سيمنح هذا الاندماج نتفليكس السيطرة على استوديو أفلام وارنر براذرز الشهير، الأمر الذي قد يُعزّز قطاع السينما، لكنه في الوقت نفسه يثير مخاوف من تقلص عدد الإصدارات السينمائية الشائعة أو فترات عرضها.
ومن المعتاد، في الأيام والأسابيع التي تلي الإعلان عن صفقة بهذا الحجم، أن تطالب جماعات المصالح والسياسيون والشركات المنافسة بتدخل تنظيمي وتعويضات محتملة لأسباب تتعلق بمكافحة الاحتكار.
ومن المرجح أن تُخضع وزارة العدل الأمريكية الصفقة لمراجعة دقيقة، استنادًا إلى سوابق سابقة لعمليات اندماج كبرى في قطاع الإعلام، وهي مراجعة قد تستغرق وقتًا طويلًا.
وتتراوح مدد مراجعات وزارة العدل عادة بين عدة أشهر وأكثر من عام.
وفي هذا السياق، أعلنت نتفليكس، يوم الجمعة، أنها تتوقع إتمام الصفقة خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهرًا، وذلك بعد أن تقوم وارنر براذرز ديسكفري بتحويل محفظة قنواتها الكابلية إلى كيان مستقل تحت اسم «ديسكفري غلوبال».
وفي تصريحات حديثة، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، إنه سيكون له رأي في مسألة المضي قدمًا في الاندماج المقترح بين نتفليكس ووارنر براذرز، مشيرًا إلى أن الحصة السوقية للكيان المدمج قد تثير مخاوف مشروعة.
وقال ترامب للصحفيين لدى وصوله إلى مركز كنيدي لحضور حفل توزيع جوائز سنوي: «سأشارك في هذا القرار».
وكانت نتفليكس قد اتفقت، الجمعة، على شراء قسم البث التلفزيوني واستوديوهات الأفلام والبث المباشر التابع لشركة وارنر براذرز ديسكفري مقابل 72 مليار دولار، في صفقة من شأنها نقل السيطرة على أحد أكثر أصول هوليوود قيمة إلى الشركة الرائدة عالميًا في خدمات البث.
ولم يحدد ترامب ما إذا كان يؤيد الموافقة على الصفقة، إلا أنه أشار إلى احتمال وجود تركّز كبير للقوة السوقية في قطاع الترفيه.
وقال في هذا الصدد: «سيُترك هذا الأمر لبعض الاقتصاديين للإدلاء بآرائهم، لكنها حصة سوقية كبيرة. ولا شك في أن ذلك قد يمثل مشكلة».