«ماسك جديد» يطل برأسه.. رياح «بيريكليس» تهز السياسة الفرنسية

يأمل الملياردير، بيير إدوار ستيرين، في استخدام قوته المالية لإعادة تشكيل السياسة الفرنسية بما يتماشى مع أفكاره المحافظة.
وكان لافتًا ظهور فرانسوا دورفيه، مدير "أوتيوم كابيتال"، وهو صندوق استثماري لأحد أغنى رجال فرنسا، بيير إدوارد ستيرين، في فعاليات شخصية تخص ماري لوبان، زعيمة أقصى اليمين في فرنسا، خاصة جنازة والدها في يناير/كانون الثاني الماضي.
وحتى وقت قريب، كان ستيرين غير معروف نسبيًا، ولكن هناك الآن وعي متزايد بأهميته كقوة في تحول البلاد إلى اليمين، وهو تحول قد يقدم الرئاسة على طبق من ذهب إلى التجمع الوطني (أقصى اليمين) في عام 2027.
ودخل ستيرين، وهو رجل أعمال في مجال التكنولوجيا ومقيم في بلجيكا، إلى دائرة الضوء، بعد التقارير التي لفتت الأنظار في يوليو/تموز الماضي حول آخر استثماراته: مشروع سري واسع النطاق يهدف إلى تعزيز القوى اليمينية لمحاربة "جنون اليقظة المستورد من الجامعات الأمريكية"، وتشكيل نخبة سياسية لاستعادة "عظمة فرنسا".
"ليبرالية محافظة"
ويصف الرجل العصامي والكاثوليكي المتدين أيديولوجيته بأنها "ليبرالية محافظة"؛ أي مزيج من التحررية الاقتصادية والمحافظة الاجتماعية، وتعهد بما يصل إلى 150 مليون يورو لدعم عدد لا يحصى من المشاريع للترويج لها.
ويتضمن برنامجه دعم المحامين التقليديين لصياغة "رد قضائي" ضد الثقافة المستوردة، وتعزيز حظوظ مرشحي اليمين في انتخابات البلدية العام المقبل، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ولم يظهر مخطط ستيرين السياسي، الذي أُطلق عليه اسم "بيريكليس" والذي أُبقي في البداية طي الكتمان، إلا بعد أن نشرت صحيفة "لومانيتيه" تقريرًا عنه، حيث نشرت وثائق داخلية تحدد أهدافه الأساسية: "خدمة وإنقاذ فرنسا" من خلال محاربة "العلل الرئيسية في البلاد (الاشتراكية، والإسلاموية، والهجرة)".
وروجت الوثائق لفكرة القيام برحلة ميدانية إلى المجر بقيادة فيكتور أوربان "للاستلهام"، واقترحت تقديم "استشارات عملية" لمساعدة التجمع الوطني على الفوز في الانتخابات البلدية، حيث كان الحزب يعاني تقليديًا فيها.
دعم لوبان
وينفي ستيرين نفسه دعمه للوبان على وجه التحديد. وفي الواقع، تشدد الوثيقة الخاصة بأجندته السياسية على أن أي دعم لحزب الأخيرة "ليس حصريًا ولا له الأسبقية على [دعم] الأحزاب الأخرى".
وقال ستيرين في مقابلة مع مجلة "لوبوان" الفرنسية: "بغض النظر عن الهجرة، لدي القليل من المعتقدات المشتركة مع التجمع الوطني"، مضيفًا: "من السخف اتهامي بالمناورة لإيصال التجمع الوطني إلى السلطة. ومع ذلك، وبكل صراحة، بين التجمع الوطني واليسار أو أقصى اليسار، فإن صوتي محسوم بسهولة".
فيما كتب الملياردير ردًا على أسئلة "بوليتيكو": "أنا لا أدعم مرشحًا أو آخر"، موضحًا: "ومع ذلك، فإنني أكنّ قدرًا كبيرًا من الإعجاب لكل أولئك الذين يكرسون حياتهم للسياسة.. إنه شيء نبيل يتطلب قدرًا كبيرًا من التضحية الشخصية، ويتطلب مواهب لا أملكها".
اقتراب من السلطة
في خضم الفوضى السياسية في فرنسا، يقترب أقصى اليمين من السلطة أكثر من أي وقت مضى. ويبدو أن ستيرين وشركاءه الموثوق بهم يدركون هذه الحقيقة تمامًا، ويتعهدون في وثائق "بيريكليس" الداخلية بالسعي إلى "الممارسة الناجحة للسلطة في أقرب فرصة".
لكن فريق ستيرين يصر على نفي العلاقة التي تبدو واضحة مع لوبان؛ إذ يصر دورفيه، مدير الصندوق الاستثماري للملياردير، على أن عمله اليومي وأنشطته السياسية منفصلان.
وقال: "لديّ عمل جانبي لا يخفى على أحد، وهو أنني كنت أقدم المشورة لمارين لوبان و[رئيس التجمع الوطني] جوردان بارديلا عن كثب منذ عام 2021، أي قبل أن أبدأ في أوتيوم"، مضيفًا: "أنا لست بيدق بيير إدوارد مع مارين لوبان لأنني لم أبدأ العمل معه إلا بعد ذلك".
لكن العلاقة بين الرجلين سبقت علاقة دورفيه مع لوبان، وفق "بوليتيكو".
وبصفة عامة، يعيد مشروع ستيرين واستثماراته الضخمة في الطبقة السياسية في بلاده التذكير بدور أباطرة المال الذين دفعوا بالعديد من الرؤساء الأمريكيين إلى السلطة، بمن فيهم دونالد ترامب.
وقال جان إيف دورماغن، وهو عالم سياسي ومؤسس شركة "Cluster17" لاستطلاعات الرأي: "في حين أن النزعة الدينية المحافظة لستيرين عامل هامشي بالنسبة للناخبين، إلا أن هناك رأسمال سياسيًا أوسع بكثير في الدفاع عن القيم التقليدية ومناهضة ما يُنظر إليه على أنه تجاوزات حكومية قد يدفع مشروعه".
aXA6IDMuMTQ5LjI1MC4yNCA= جزيرة ام اند امز