مسبار "نيو هورايزونز" يستكشف جرما يبعد عن الأرض 6 مليارات كيلومتر
الجرم "أولتيما تول" يقع على بعد 6 مليارات و400 مليون كيلومتر من الأرض، ويمر مسبار "نيو هورايزونز" بمحاذاته على بعد 3500 كيلومتر عن سطحه
يستعد المسبار الأمريكي "نيو هورايزونز" خلال الأيام المقبلة، للتحليق في أجواء جرم يُطلَق عليه اسم "أولتيما تول"، يقع في أقاصي المجموعة الشمسية، على مسافة هائلة عن الأرض لم يسبق أن استكشف فيها البشر جرما عن قرب.
ويقع هذا الجرم على بعد 6 مليارات و400 مليون كيلومتر من الأرض، ويمرّ المسبار بمحاذاته على بُعد 3500 كيلومتر عن سطحه، أي أقرب بـ3 مرات، ما اقترب من الكوكب القزم بلوتو في العام 2015.
ويبعد "أولتيما تول" 600 مليون كيلومتر عن بلوتو، ويقع في ما يسمى "حزام كويبر" في أقاصي المجموعة الشمسية.
ويُعدّ هذا الجرم "الأكثر بدائية" من بين كل الأجرام التي سبق أن التقت بها مسبارات البشر، حسب هال ويفر الباحث في جامعة جون هوبكينز.
ولا يعرف العلماء حجمه بالضبط، لكنهم يرجِّحون أن يكون أصغر من الكوكب القزم بلوتو بمئة مرة، علما أن قُطْر بلوتو 2400 كيلومتر، ويسبح في الفضاء في منطقة تنخفض فيها الحرارة إلى ما دون الصفر، لذا يُرجّح أن تكون المواد فيه محفوظة فيه كما كانت عند تشكُّله.
ويقول هال ويفر إنه "من آثار تشكُّل المجموعة الشمسية".
شاهد على البدء
و"أولتيما تول" من أجرام حزام كويبر، وهو قرص شاسع من الأجرام الصغيرة يدور حول الشمس متبقيا من زمن تشكُّل المجموعة الشمسية.
واكتُشِف هذا الحزام في التسعينيات من القرن العشرين، وهو يقع على 4 مليارات و800 مليون كيلومتر من الشمس، فوق مدار نبتون، أبعد الكواكب عن الشمس.
ويحتوي الحزام على مليارات المذنبات وملايين الأجرام مثل أولتيما تول، وهي أجرام تسمى الأقراص الكوكبية تتشكّل منها الكواكب في ما بعد، بحسب ألين شتيرن المسؤول في مهمة المسبار "نيو هورايزونز".
ويقول: "هذه المنطقة البعيدة عن الشمس تحتفظ بالظروف التي كانت عليها قبل 4 مليارات و500 مليون سنة، لذا فإن اقترابنا من أولتيما سيجعلنا نرى كيف كانت الأمور في البدء".
أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) المسبار "نيو هورايزونز" في العام 2006، وهو يسبح في الفضاء بسرعة 51 ألف كيلومتر في الساعة.
وفي هذا السرعة الهائلة يمكن أن يؤدي ارتطامه بأي جرم صغير كحبّة أرزّ إلى تشظّيه فورا.
وفي حال تمّت المهمة في جوار أولتيما بسلام، يرسل المسبار إلى الأرض مئات الصور، وسبق أن أرسل صورا تحبس الأنفاس لبلوتو في العام 2015.
تحليق دقيق
هذه المرة، ستكون الصور أوضح بـ3 مرات من تلك التي التقطها لبلوتو، بحسب شتيرن، لكن ذلك يتطلب التحليق حول الجرم بشكل دقيق أكثر مما كان الحال عليه في زمن الاقتراب من بلوتو.
واكتُشِف الكويكب أولتيما في العام 2014 بعدسات التلسكوب الفضائي "هابل"، لكن العلماء لاحظوا أنه لا يعكس الضوء، كما هو حال الأجرام الأخرى التي تدور حول الشمس.
وطرحت فرضيات عدة لتفسير ذلك، منها أن يكون محاطا بسحب من الغبار أو أن تكون أقماره حاجبة لضوئه عن المسبار، وتأمل وكالة الفضاء الأمريكية أن تحصل على إجابات عن هذه الأسئلة.
ومن المتوقع أن تصل أولى الصور إلى الأرض في الأول من يناير/ كانون الثاني.
ومن المستحيل النقل المباشر لوقائع الرحلة بسبب البعد الشاسع عن الأرض، لكن الوكالة الأمريكية تنقل الوقائع على موقعها الإلكتروني مُرفَقة بأغنية لحّنها عازف الجيتار الشهير براين ماي، وهو أيضا متخصص في الفيزياء الفلكية.
وأعد براين ماي البالغ 71 عاما، والذي شارك مع المغني الراحل فريدي ميركوري في تأسيس فرقة كوين، أغنية بعنوان "نيو هورايزنز" هي الأغنية الأولى التي يغنيها منفردا منذ العام 1998. وقال في بيان: "كان الجمع بين الفلك والموسيقى تحديا مثيرا للاهتمام".