بهجة تصنعها كلمات لا تُفهم.. أغنية يابانية جديدة على خطى Macarena

في عالم يتسارع فيه الإيقاع، تأتي بعض الألحان كأنها نسمة عابرة من الهواء النقي، تسرقنا من صخب الحياة لتضعنا في لحظة عفوية من البهجة.
لا تحتاج هذه الألحان إلى شرح أو تفسير، فهي تخاطب الجسد قبل العقل، وتدفع القلب إلى الخفة حتى لو لم نفهم حرفاً واحداً منها.
مؤخراً، اجتذبت الانتباه أغنية يابانية غريبة الاسم والوقع، راحت تتنقّل بخفة على منصات التواصل الاجتماعي، من "تيك توك" إلى "إنستغرام"، حيث غمرها المتابعون بتعليقات تنضح بالفرح والتعاطف مع ما تبثه من طاقة، على الرغم من الغموض التام في كلماتها.
الأغنية تحمل عنوانًا قد يبدو للبعض أقرب إلى لغز لفظي: "Kamukamo-Shikamo-Nidomokamo"، أو بصيغتها اليابانية "かむかもしかもにどもかも"، وهي نسخة أعادت تقديمها فرقة Haku النسائية عام 2024، مستندةً إلى عمل أصلي صدر سنة 2019 للفرقة اليابانية الطريفة "MONO NO AWARE".
بخلاف المتوقع، لا تنجح الأغنية فقط بسبب لحنها السريع أو مظهر عضوات الفرقة الجاذب، بل لما تحمله من سحر لفظي عشوائي يتحدى اللغة والمنطق. تعتمد الأغنية على سلسلة من العبارات المتشابكة أشبه بتمارين لغوية يصعب حتى على اليابانيين التقاطها من الوهلة الأولى. هي أقرب إلى نسخة شرقية من "She sells seashells by the seashore"، لكن مع ضعف السرعة وكثير من الجنون المسرحي.
لا تطرح الأغنية فكرة واضحة أو مضمونًا ثقيلًا، لكنها تفتح الباب على مصراعيه لبهجة خام، خالية من أي تعقيد. كلماتها مثل الطفولة: بسيطة، مرحة، وربما لا تُفهم، لكنها تشعل الضحكة تلقائيًا، وتدفع من يستمع لها إلى التحرّر من قيود الجدية.
البعد الموسيقي فيها لا يستدعي التأمل أو التفكير، بل يحفّز الدماغ على الإفراج عن جرعات من الدوبامين، بحسب ما تشير إليه دراسات حديثة في علم الأعصاب. ذلك الهرمون المرتبط بمشاعر السعادة، يتدفّق مع كل نغمة إيقاعية سريعة، ما يمنح المستمع راحة مؤقتة من ضجيج اليوم وتعبه.
ومن هنا، لم يكن مستغربًا أن تتحوّل الأغنية إلى ما يشبه التحدي الإلكتروني؛ مستخدمون يقلّدون الأداء بلغاتهم، آخرون يضيفون حركات راقصة أو تعبيرات وجه طريفة. البعض اكتفى بإيموجي تعبّر عن نشوة لحظية، وكأنهم وجدوا ضالتهم في هذا المزيج اللامعقول من العبث الموسيقي والمرح غير المشروط.
ولعل من أبرز المقارنات التي حضرت إلى الأذهان بمجرد سماع هذا النوع من الأغاني، هي تلك التي تعود بنا إلى تسعينيات القرن العشرين، حين اكتسحت الأغنية الإسبانية "Macarena" العالم.
لم نفهم كلماتها يومًا، لكن إيقاعها ظل محفورًا في الذاكرة، ورقصتها باتت لغة عالمية للفرح في الحفلات والمناسبات.
كانت الأغنية الإسبانية تمثّل قالبًا موسيقيًا بسيطًا: كلمات عبثية، تكرار مريح، وحركة جسدية مرحة. والآن، يبدو أن اليابانيين قد أعادوا إنتاج ذلك النموذج بطريقتهم الخاصة، المليئة بالحيوية والغرابة المحببة.
aXA6IDE2MC43OS4xMTEuNzEg
جزيرة ام اند امز