قناة السويس.. خرائط ملاحية جديدة وتحديثات مهمة
![قناة السويس](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/04/140-004822--1-_167a12b9624578_700x400.jpg)
شهدت قناة السويس خلال الفترة الأخيرة سلسلة من التطورات الاستراتيجية على المستويين الملاحي والاقتصادي، في ظل سعيها لتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا، ومواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في البحر الأحمر.
وتأتي هذه التطورات في إطار خطة شاملة تهدف إلى تحديث البنية التحتية للقناة وتعظيم العائدات الاقتصادية، رغم تداعيات الأوضاع الإقليمية التي أثرت على حركة الملاحة الدولية.
تحديث الخرائط الملاحية
وأعلن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إصدار الخرائط الملاحية الجديدة للقناة بعد إدخال تحديثات مهمة تتعلق بمشروع تطوير القطاع الجنوبي، وقد حظيت هذه الخرائط باعتماد رسمي من شعبة المساحة البحرية بالقوات البحرية المصرية والأدميرالية البريطانية، وهي الجهة المسؤولة عن إصدار الخرائط الإلكترونية والبيانات الملاحية الخاصة بالموانئ المصرية وقناة السويس.
وفي هذا السياق، أوضح ربيع أن الهيئة أكملت جميع الإجراءات اللازمة لضمان استخدام السفن العابرة للخرائط الجديدة، حيث تم إخطار الغرف الملاحية العالمية، وتحديث نظام الخرائط الإلكترونية (ECDIS)، بالإضافة إلى إصدار تحديثات ملاحية للخرائط الورقية إلى حين طباعة النسخ الجديدة.
وشملت التحديثات توسعة القناة بمقدار 40 مترًا باتجاه الشرق، في المسافة الممتدة من الكيلو 132 حتى الكيلو 162، إضافة إلى إنشاء مسار مزدوج جديد بطول 10 كيلومترات في منطقة البحيرات المرة الصغرى، لضمان تحسين حركة الملاحة وزيادة معدلات الأمان.
وأكد رئيس الهيئة أن مشروع تطوير القطاع الجنوبي يمثل نقلة نوعية ستعزز مكانة قناة السويس كممر ملاحي عالمي، مشيرًا إلى أن المشروع سيسهم في جذب فئات جديدة من السفن والوحدات البحرية، بالإضافة إلى تعزيز معايير الأمان الملاحي، خاصة للسفن ذات الغاطس الكبير.
كما سيسهم المشروع في زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بمعدل يتراوح بين 6 و8 سفن يوميًا، فضلًا عن زيادة عمق القناة من 66 قدمًا إلى 72 قدمًا، ما يتيح مرور سفن ذات حمولات أكبر بكفاءة وأمان.
أداء اقتصادي قوي
وكشفت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، برئاسة وليد جمال، عن نتائج مالية إيجابية خلال النصف الأول من العام المالي 2024-2025، حيث بلغ صافي الإيرادات الفعلية نحو 5.673 مليار جنيه، بزيادة قدرها 32% مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي السابق، التي سجلت إيرادات بلغت 4.3 مليار جنيه. كما تجاوزت هذه الإيرادات توقعات الموازنة المقدرة بـ5.2 مليار جنيه بنسبة نمو بلغت 8%.
ووفقًا للتقرير الصادر عن الهيئة، فقد شكلت إيرادات الموانئ نحو 77% من إجمالي الإيرادات، في حين شهدت الأنشطة الاقتصادية الأخرى ارتفاعًا ملحوظًا في مساهمتها، حيث بلغت 23% مقارنة بـ8% فقط خلال السنوات الخمس الماضية.
هذا التنوع في مصادر الدخل يعكس نجاح الهيئة في تعظيم استثماراتها واستغلال أصولها بفعالية لمواجهة التحديات المرتبطة بتقلبات حركة الملاحة العالمية.
كما وافق مجلس إدارة الهيئة على مشروع الموازنة التقديرية للعام المالي 2025-2026، مع التركيز على دعم الجهود الترويجية وجذب الاستثمارات.
وقد نجحت الهيئة في استقطاب 66 مشروعًا جديدًا بإجمالي استثمارات بلغ 1.755 مليار دولار، وفرت أكثر من 1600 فرصة عمل. وتنوعت هذه المشروعات بين 54 مشروعًا جديدًا نتيجة الحملات الترويجية، و12 مشروع توسعة لمشروعات قائمة بالفعل، ما يعكس ثقة المستثمرين في المناخ الاستثماري بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
تحديات الملاحة في البحر الأحمر
على صعيد آخر، ناقش الفريق أسامة ربيع مع وفد من شركة "إيه.بي مولر ميرسك"، إحدى كبرى شركات الشحن العالمية، التطورات الأمنية في البحر الأحمر، في ظل تصاعد المخاطر التي تواجه حركة الملاحة نتيجة للهجمات المتكررة على السفن التجارية. وأكد ربيع خلال اللقاء وجود مؤشرات إيجابية على عودة الاستقرار في المنطقة، داعيًا الشركة إلى أخذ هذه التطورات بعين الاعتبار عند وضع خططها الملاحية المستقبلية.
وقد جاء هذا اللقاء في وقت تشهد فيه منطقة البحر الأحمر توترًا أمنيًا غير مسبوق، حيث اضطرت عدة شركات شحن كبرى إلى تغيير مساراتها بعيدًا عن المنطقة، متجهة إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب الهجمات البحرية. وقد أدى هذا الوضع إلى خسائر اقتصادية كبيرة لمصر، حيث أشار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى أن الاضطرابات في البحر الأحمر كلفت البلاد نحو 7 مليارات دولار من عائدات قناة السويس خلال عام 2024.
ورغم إعلان مليشيات الحوثي عن تقليص هجماتهم على السفن، لا تزال شركات الشحن الكبرى، مثل "ميرسك"، تتخذ تدابير احترازية وتحافظ على تحويل مسارات سفنها.
وقد نفذت مليشيات الحوثي أكثر من 100 هجوم منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مما أسفر عن إغراق سفينتين واحتجاز أخرى، بالإضافة إلى مقتل أربعة بحارة على الأقل، وهو ما يعزز المخاوف بشأن استمرار التهديدات الأمنية وتأثيرها على حركة التجارة العالمية.
من جانبه علق عبدالنبي عبد المطلب الخبير الاقتصادي قائلا إن قناة السويس تستعد لاستعادة مكانتها كممر ملاحي عالمي، مؤكدا أن إدارة القناة والتوجه العام لتنويع مصادر الإيرادات من خلال المناطق الصناعية وافتتاح المشاريع يساهم بشكل كبير في عودة القناة لمكانتها.
أضاف أن التحديثات الجديدة للخرائط يسهم في زيادة غدد السفن التي تمر بالقناة ما ينعكس أيضا على الإيرادات والأرباح.