تجسس في بولندا.. غضب الزوجة يكشف «جميس بوند» الروسي
لحظة غضب بين زوجين، تحولت إلى قضية تجسس كبرى، بعد أن فتحت الزوجة، نافذة على قصة اختراق كبرى في صفوف المعارضة الروسية بالمنفى.
واتهمت بولندا شخصية معارضة روسية غير معروفة بالتجسس والمشاركة في مؤامرة لتفجير قنبلة، بناءً على اتهام من زوجته إبان مشاجرة زوجية سابقة، مما أصاب أصدقاءه بالحيرة.
وفي 21 أبريل/نيسان 2021، كان الرجل الروسي المقيم في المنفى وزوجته يتشاجران بشكل واضح وجلي لزميلهما في السكن الذي كان يسمعهما من خلال الجدران الرقيقة للغرفة في مدينة سوسنوفيتس بجنوب بولندا.
وفجأة، أرسلت الزوجة رسالة نصية إلى زميلهما في السكن، وهو معارض روسي منفي أيضًا، حسبما قال الأخير، ويدعى دانيلا بوزانوف.
وجاء في الرسالة المفخخة: "هل تعلم أن إيغور (المتهم) كان يبلغ عنك وعن رجل آخر إلى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (F.S.B.)؟"، وفقًا لما ذكره بوزانوف.
وبذلك، اتهمت إيرينا روجوفا زوجة إيغور روجوف، وهو ناشط معارض غير معروف غادر روسيا بعد أيام من بداية حرب أوكرانيا في عام 2022، زوجها بالتجسس على منفيين آخرين لصالح الحكومة الروسية.
وفي وقت لاحق، أكدت الاتهام نفسه في رسالة جماعية إلى أصدقائها مع انتشار الشائعات.
ومع مرور الوقت على المشاجرة التي أعقبها إجراءات طلاق، حاول روجوف وروجوفا التغاضي عن الأمر، قائلين إنها كانت "تمزح بشكل غير موفق".
سجن ولائحة اتهام
وفي الوقت الحالي، يقبع روجوف في سجن بولندي بعد اتهامه بالتجسس والمشاركة في مؤامرة لتفجير قنبلة. كما اتهمت زوجته بالتجسس والتواطؤ.
وجرى القبض على روجوف، 29 عامًا، في يوليو/تموز 2024 بعد أن عثرت النيابة العامة على طرد مليء بالمتفجرات موجَّه إليه في مستودع بوسط بولندا.
وفي لائحة الاتهام، قالت النيابة العامة إنها توصلت خلال التحقيق في الطرد إلى أن روجوف تعاون مع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي.
وكشفت الدول الأوروبية عن عدة جواسيس روس منذ بدء الحرب في أوكرانيا. لكن إذا كانت الاتهامات البولندية ضد روجوف صحيحة، فسيكون أول شخص يُزرَع في صفوف معارضي الكرملين ويُمنح ملاذًا في أوروبا.
وبالإضافة إلى التجسس، اتهم روجوف بالمشاركة في مؤامرة روسية لإرسال طرود حارقة على متن رحلات جوية في أنحاء أوروبا.
وارتبطت الحرائق التي اندلعت العام الماضي في مراكز الشحن في بريطانيا وألمانيا بالمؤامرة المزعومة، التي تقول السلطات البولندية إنها "كانت جزءًا من حملة روسية أوسع نطاقًا من الهجمات المختلطة ضد أوروبا".
هذا السيناريو يصيب أصدقاء روجوف بالصدمة، إذ قال أرتيوم فازينكوف، وهو ناشط روسي: "بما أنني أعرف إيغور، يمكنني أن أتخيله يتورط في بعض المشاكل. لكن التخطيط لهجوم إرهابي في بولندا.. هذا كابوس"، مضيفًا: "إذا كان بالفعل شخصية جيمس بوند طوال الوقت، فأنا لا أعرف من أثق به بعد الآن".
بداية القصة
خلال سنوات نشاطه في المعارضة، لم يظهر روجوف في الأضواء سوى مرة واحدة، عندما ظهر على شاشة التلفزيون وهو يتلوى من الألم على الأرض خارج مركز للشرطة في بيلاروسيا في أغسطس 2020.
وفي ذلك الوقت، سافر إيغور وفازينكوف إلى بيلاروسيا لمراقبة الانتخابات الرئاسية، لكنهما وقعا ضحية حملة قمع ضد المحتجين على فوز الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، حليف روسيا.
وفي وقت لاحق، أطلق سراح الرجلين، وكلاهما عضو في جماعة المعارضة "روسيا المفتوحة"، دون توجيه تهم إليهما.
عندما عاد إلى روسيا، كان روجوف "مغطى بالكدمات من جراء الضرب"، حسبما قال أندريه بيفوفاروف، المدير التنفيذي لمنظمة روسيا المفتوحة في ذلك الوقت.
بعد بضعة أسابيع، دعا روجوف، الذي كان بالكاد يعرف زميله فازينكوف في ذلك الوقت، إلى مسقط رأسه في مدينة سارانسك لحضور حفل زفافه من حبيبته في المدرسة الثانوية، إيرينا.
في الصيف التالي، أجرت روسيا انتخابات وطنية، ترشح فيها روجوف بتشجيع من منظمة روسيا المفتوحة لمقعد في المجلس التشريعي لمدينة سارانسك، على بعد حوالي 400 ميل جنوب شرق موسكو.
وفي ذلك الوقت، اقتنعت ميليا كاشابوفا، التي أدارت حملته الانتخابية، بأن روجوف كان تحت مراقبة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي.
إذ قالت إن سيارات كانت تتبعهم في محطات الحملة الانتخابية، قبل أن يشتكي روجوف علنًا من المضايقات.
وقالت: "في مرحلة ما، خرج إيغور إلى هؤلاء الرجال وقال: لنشرب الشاي، ولم نرهم مرة أخرى".
بعد 5 أشهر من فشل روجوف في الانتخابات، هاجمت روسيا أوكرانيا، وبدأ هو وزوجته تنفيذ خطة كانا قد وضعاها قبل الحرب للسفر إلى أوروبا.
بعد وصوله إلى بولندا، بدا أنه وزوجته ابتعدا عن السياسة، وركزا على تعلم لغة جديدة وبناء حياة جديدة في الخارج من الصفر.
ويقول أصدقاء روجوف إنهم لم يشكوا فيه في ذلك الوقت. لكن بالنظر إلى الوراء، تبرز بعض الأمور: تلقيه مساعدات مالية غريبة، وعدم اهتمامه بالحصول على وظيفة، وتعطشه الذي لا يروى للتواصل الاجتماعي، خاصة مع جماعة المعارضة.