«اليوروفوريا» الأوروبية.. خطة سرية للناتو تضع ألمانيا في مواجهة روسيا
كشفت الوثيقة المسربة "OPLAN DEU" عن خطة حلف شمال الأطلسي "الناتو" التي تجعل ألمانيا محور التخطيط العسكري ضد روسيا.
وتسلط الوثيقة الضوء على ما يعرف بـ "اليوروفوريا" الأوروبية، وهي النظرة المفرطة في التفاؤل تجاه الواقع الجيوسياسي الكئيب، التي غالبًا ما تؤدي إلى سياسات عسكرية غير واقعية قد تجبر الولايات المتحدة على التدخل لحماية أوروبا.
ما هي OPLAN DEU (خطة عمل ألمانيا)؟
تتألف الخطة من 1200 صفحة، وتستهدف نقل ما يصل إلى 800 ألف جندي من قوات الناتو عبر أوروبا في حالة هجوم روسي محتمل، وفقا لتقرير مجلة "نيوزويك"، لكنها تبدو بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي والاقتصادي والعسكري الحالي لألمانيا وأوروبا.
وتضع الخطة ألمانيا مرة أخرى في الخطوط الأمامية لأي صراع محتمل مع روسيا النووية، رغم انسحاب الجيش الأحمر السوفياتي من ألمانيا الشرقية قبل 30 عامًا وإعادة توحيد البلاد. ناهيك عن أن العلاقات التجارية بين ألمانيا وروسيا، وخصوصًا في قطاع الطاقة، كانت أحد أعمدة الازدهار الاقتصادي الألماني بعد الحرب الباردة.
خطة طموحة.. لكنها غير واقعية
وتصف المجلة الخطة بأنها الأكثر عدوانية وطموحًا منذ الحرب الباردة، مشيرًا إلى أنها تمثل تحولًا عن النهج الدفاعي التقليدي الذي اتبعته ألمانيا والمجتمع الأوروبي بعد الحرب الباردة.
وتشمل الخطة دمج شركات الدفاع المدنية الأوروبية مع الوكالات الحكومية، ما يثير التساؤل عن جدوى إجبار الشركات على التحول إلى "تجارة الحرب"، بدل الاستمرار في تنمية الاقتصاد من خلال التجارة.
ولا يشمل التخطيط أي استشارة للرأي العام الألماني؛ إذ أظهر استطلاع أن 59 في المئة من الألمان يعارضون الحرب مع روسيا ولن يقاتلوا للدفاع عن بلادهم حتى لو تعرضت للهجوم. وهذا يمثل أساسًا هشًا لأي خطة لتراكم عسكري كبير.
الواقع العسكري الألماني
تبلغ القوات المسلحة الألمانية الحالية حوالي 182000 جندي نشط، مع خطط لزيادة العدد إلى 250000 خلال العقد القادم، وهو عدد لا يقترب من مليون جندي المخطط لنشرهم ضمن قوات الناتو.
أما القوة المدرعة، فتضم حوالي 340 دبابة فقط، مقارنة بأكثر من 4000 دبابة في ألمانيا الغربية عام 1992. كما انخفضت المدفعية من أكثر من 3000 قطعة إلى 120 فقط بحلول عام 2021، فيما تقلصت القوة الجوية بنسبة 50 في المئة مقارنة بعام 1992.
وعلى الرغم من هذه القيود، يواصل الناتو مطالبته بألمانيا بزيادة إنتاج الأسلحة والمنصات العسكرية، بعد تأخير طويل منذ بداية حرب أوكرانيا، فيما يبدو أن ما يُطرح من إعادة تسليح هو مجرد وعود خاوية تتماشى مع ضغوط النخب الأوروبية.
دور الولايات المتحدة
أحد أهم الجوانب المقلقة في الخطة هو اعتماد خطة الناتو بشكل شبه كامل على القوات الأمريكية، التي ستشكل الجزء الأكبر من الجيش المقترح لقتال روسيا. وفي هذا السياق، اقترح كبار الضباط إمكانية توجيه ضربات استباقية ضد روسيا، بينما تحاول الولايات المتحدة التفاوض على اتفاق سلام مع موسكو بشأن أوكرانيا.
اليوروفوريا.. لماذا تصر أوروبا على الحرب؟
الظاهرة الوحيدة التي تفسر هذا التوجه الألماني والأوروبي غير الواقعي هي اليوروفوريا أو التفاؤل المفرط الذي يجعل النخب الأوروبية تتصرف وكأنها تستطيع مواجهة روسيا، رغم التفوق العسكري الروسي الواضح، حيث تنتج آلة الحرب الروسية، رغم العقوبات والضربات المستمرة، كل ثلاثة أشهر ما يستغرقه الناتو عاما كاملًا لصنعه.
وبينما لم يظهر الروس أي رغبة في مهاجمة أوروبا، فإن الخطة تعكس تصورًا خياليًا لضرورة صراع مع روسيا، والاستعانة بالجيش الأمريكي لمواجهة تهديد غير موجود فعليًا.
وخلصت المجلة إلى أن الوثيقة تكشف عن تناقض واضح: فألمانيا وأوروبا تتخذان خطوات عسكرية طموحة وغير واقعية، في وقت لا يمكنها فيه الواقع العسكري والاقتصادي والسياسي من خوض مواجهة مع روسيا، وهو ما يضع الولايات المتحدة في موقف المضطر لدعم الناتو، ويكشف عن مخاطر جمة لليوروفوريا الأوروبية، التي قد تقود القارة نحو صراع لا ترغب فيه روسيا ولا أوروبا نفسها.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز