خط «لارنكا-غزة».. «يد الإغاثة» تطوي البحر بـ3 سيناريوهات
بين كارثة نزوح وانعدام لأساسيات الحياة، يقترب شهر رمضان وسكان قطاع غزة في حالة يرثى لها، والمساعدات الإنسانية "غير كافية".
وفي محاولة لانتشال سكان القطاع من أزمة إنسانية متفاقمة، ظهر مقترح الممر المائي لنقل المساعدات من قبرص إلى غزة، وسط تنسيق رباعي يشمل دولة الإمارات والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وبقدر ما يثيره المقترح من آمال كبيرة في تضميد جراح أكثر من مليون نازح، يثير أيضا وفي نفس الوقت أسئلة حول آلية التنفيذ.
جذور المقترح
وبالعودة إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ظهر الاقتراح الأول لإنشاء ممر بحري بعدما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خطط فتح ممر بحري إلى غزة في أعقاب قمة المجلس الأوروبي أواخر نفس الشهر.
وأيد الاقتراح الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، لكن تعرقلت هذه الخطط بسبب عدم وجود ميناء فعال على ساحل غزة الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا، وفقا لتقارير صحفية.
لكن دبلوماسيا قبرصيا رفيع المستوى قال في تصريحات لـ"يورونيوز"، إن الخطة لم تكن قابلة للتحقيق حتى تدخلت الولايات المتحدة، مستخدمة ثقلها الدبلوماسي لإقناع إسرائيل بالسماح باستخدام ساحل غزة لأغراض إنسانية.
وفي خطابه مساء أمس الخميس، هاجم الرئيس الأمريكي جو بايدن، القيادة الإسرائيلية، لتقييدها تدفق المساعدات وفشلها في حماية العاملين في المجال الإنساني.
وقال بايدن "إلى القيادة الإسرائيلية أقول هذا: المساعدة الإنسانية لا يمكن أن تكون اعتبارا ثانويا أو ورقة مساومة".
وكرر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، هذا التوجه وقال في منشور على منصة إكس (تويتر سابقا): "إننا نواصل حث إسرائيل على السماح لمزيد من الشاحنات بالدخول إلى غزة باعتبارها أسرع وسيلة لتوصيل المساعدات إلى من يحتاجون إليها".
ونظرا لأن نقطة انطلاق الممر البحري ستكون قبرص، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الدور الحاسم الذي تلعبه الدولة الجزرية في التوسط في الصفقة أظهر "دورها التاريخي" باعتبارها "جسرًا بين أوروبا والشرق الأوسط".
وتحظى مبادرة الممر البحري التي تشارك بها قبرص، وتحمل اسم "أملثيا"، بدعم شركاء غربيين وإقليميين، أبرزهم الإمارات والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
القرار الحاسم
ووسط تضاؤل الآمال للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس قبل رمضان، أمر بايدن الجيش الأمريكي ببناء ميناء ورصيف مؤقتين على ساحل البحر الأبيض المتوسط في غزة لفتح طريق جديد لتقديم المساعدات الإنسانية، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، من بين ثلاثة أطلعوا الصحفيين على الخطة، إن المنشأة البحرية الجديدة ستسمح بتسليم "مئات" شاحنات المساعدات يوميًا إلى غزة.
وأضاف أنه سيتم توجيه المساعدات عبر قبرص، حيث ستخضع البضائع للتفتيش قبل تحميلها على "سفن كبيرة تحمل الغذاء والماء والدواء والملاجئ المؤقتة"، بحسب ما نقلته "واشنطن بوست".
وقال أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض، للصحيفة: "نحن لا ننتظر من الإسرائيليين" تسهيل المزيد من المساعدات، "هذه لحظة خاصة بالقيادة الأمريكية ونحن نعمل على بناء تحالف من الدول لتلبية هذه الحاجة الملحة".
ومن المقرر أن يتم افتتاح الممر البحري رسميًا في نهاية هذا الأسبوع، مع أول عملية تجريبية للمغادرة، إما يوم السبت أو الأحد، عندما تتوفر الظروف المناسبة، بحسب موقع "يورونيوز".
فون دير لاين قالت إن هذا البرنامج التجريبي سيكون جزءًا من شراكة مع مؤسسة World Central Kitchen الخيرية ومقرها الولايات المتحدة، والتي أسسها الشيف الشهير خوسيه أندريس، وتوفر الطعام للسكان الذين يعانون من الأزمات.
الاعتبارات اللوجستية والجغرافية
تقع قبرص في البحر الأبيض المتوسط على بعد نحو 400 كيلومتر شمال قطاع غزة، وينتظر أن يربط الممر المائي بين ميناء لارنكا على سواحل الدولة الأوروبية، وسواحل قطاع غزة.
وبحساب المسافة بينهما، بتقدير يعتمد على المسافة الجوية بين المواقع -قد يكون هناك تفاوت طفيف بناءً على الطرق المحددة للنقل البحري- فتبلغ المسافة التقريبية بين ميناء لارنكا وساحل قطاع غزة نحو 387 كيلومترًا.
وفي محاولة للتغلب على المشاكل اللوجستية، قال دبلوماسي قبرصي لموقع "يورونيوز"، إنه يمكن استخدام سفينة تديرها المملكة المتحدة قادرة على تفريغ البضائع دون الحاجة إلى ميناء فعلي كجزء من الممر.
ومن الممكن أيضا أن يسمح الرصيف البحري العائم المقرر تأسيسه على سواحل غزة، بإيصال المزيد من المساعدات بوتيرة سريعة.
ميناء لارنكا
يعتبر ميناء لارنكا أحد أقدم الموانئ في العالم، ويقع في مدينة لارنكا الساحلية في البحر الأبيض المتوسط، ويشتهر بتاريخه الغني، إذ يُعتقد أنه بُني في العصور القديمة لحماية المدينة وتسهيل التجارة والتواصل مع العالم الخارجي.
ويعد هذا الميناء من النقاط البحرية المهمة في البحر الأبيض المتوسط، وقد شهد على مر العصور العديد من الحضارات التي استخدمته كنقطة تجارة وتواصل بين الشرق والغرب.
وفي العصور الوسطى، كان لارنكا مركزًا تجاريًا رئيسيًا بفضل موقعه الاستراتيجي. عبر التاريخ، خضع الميناء لتوسعات وتحديثات ليستوعب النمو التجاري والسياحي في المنطقة.
ويمثل مركزًا رئيسيًا للنقل البحري والتجارة في المنطقة، مما يجعله حيويًا للاقتصاد القبرصي، ويخدم الميناء كلا من السفن التجارية والسياحية، ويتميز بتسهيلات حديثة للشحن والركاب، ويشتهر بموقعه الاستراتيجي في البحر المتوسط، مما يوفر سهولة الوصول إلى العديد من المسارات البحرية الرئيسية.
بديل و3 سيناريوهات
تقوم فكرة إيصال المساعدات بحرا إلى غزة على بديل و3 سيناريوهات أولها على المدى القصير، نقل المساعدات من لارنكا إلى غزة بواسطة سفن شحن كبيرة وثم تفريغها إلى شواطئها عبر سفن الإنزال.
والسيناريو الثاني سيكون على المدى المتوسط سيتخلله إنشاء منصة عائمة على سواحل غزة لتفريغ ناقلات البضائع، والسيناريو طويل المدى يتمثل في تدشين ميناء مغلق في المنطقة.
والبديل الأخير يتلخص -وفقا للعديد من التقارير- بشحن المساعدات من الموانئ في قبرص إلى الموانئ الإسرائيلية، ومن ثم نقلها إلى نقطة الدخول الشمالية إلى غزة، وهو خيار تعارضه إسرائيل حتى الآن.