مسبار «كيوريوسيتي» يوثق بتقنية ثلاثية الأبعاد تضاريس جديدة على سطح المريخ

بعد محاولات متكررة، تمكّن مسبار "كيوريوسيتي" من اجتياز تكوين صخري صعب يُعرف باسم "بوابة الشيطان"، كاشفًا مشاهد غير مسبوقة.
على مسافة ملايين الكيلومترات من كوكب الأرض، يواصل المسبار "كيوريوسيتي" رحلته العلمية التي امتدت لأكثر من 12 عامًا على سطح المريخ، حيث يخوض حاليًا أحد أكثر التحديات الجيولوجية صعوبة خلال محاولته تسلّق جبل "شارب" الكائن في فوهة "غيل". وأمام هذا التقدّم، واجه المسبار عائقًا صخريًا بارزًا يُعرف باسم "بوابة الشيطان"، وهو تكوين جيولوجي غامض دفع العلماء لمتابعة تطورات المهمة عن كثب ترقبًا لما قد يكشفه من تفاصيل جديدة حول بنية المريخ.
نجاح بعد محاولات سابقة فاشلة
في اليومين المريخيين رقم 4505 و4506، تمكّن "كيوريوسيتي" من اجتياز "بوابة الشيطان" بعد إخفاقات سابقة تعود إلى وعورة التضاريس المحيطة بها. وقد أدى هذا الاختراق إلى فتح مجال الرؤية أمام المسبار نحو وادٍ مجهول لم يسبق توثيقه بصريًا من قبل، حيث التُقطت صور جديدة بعد بلوغ المسبار قمة التلة الصخرية.
تراكيب صخرية معقّدة ودراسة ميدانية دقيقة
ذكرت عالمة الجيولوجيا الكوكبية، ميشيل مينيت، في تحديث رسمي للبعثة، أن الصخور المنتشرة عند قاعدة "بوابة الشيطان" تحتوي على تراكيب لافتة دفعت الفريق العلمي إلى استخدام كاميرا المجهر البعيد (RMI) لالتقاط صور فسيفسائية عالية الدقة. وأشارت إلى أن هذه الصخور تمثل تحديًا حقيقيًا في تثبيت المسبار على الأرض، لاسيما أن تثبيت جميع عجلاته الست يتطلّب استقرارًا هندسيًا دقيقًا ضمن تضاريس وعرة.
تحليل كيميائي وتصوير ثلاثي الأبعاد
رغم صعوبات الحركة، واصل الفريق استخدام أدوات "كيوريوسيتي" العلمية لتحليل المحتوى الكيميائي لتلك الصخور. وقد تم أيضًا التقاط صورة فسيفسائية ثلاثية الأبعاد تكشف البنية الداخلية والطبقات الجيولوجية المكوّنة للتكوينات الصخرية، ما يوفّر للعلماء فرصة لفهم التاريخ الجيولوجي لهذه المنطقة المريخية.
تل "تيكسولي" وشلال "ميدنهير" يدخلان دائرة الاهتمام
تشكّل "بوابة الشيطان" جزءًا من سلسلة مواقع جذب اهتمام الفريق العلمي، إذ أضاف جهاز "كيم كام" (ChemCam) صورًا فسيفسائية جديدة التُقطت على طول قاعدة تل "تيكسولي"، بينما خُطّطت كاميرا "ماست كام" (Mastcam) لتصوير تكوين صخري يشبه في شكله موجات متجمدة، تشبه ما يظهر عند موقع شلال "ميدنهير" في ولاية كاليفورنيا.
مراقبة الغلاف الجوي وحركة السحب والغبار
وأشارت مينيتي إلى أن الخطة الحالية للمسبار تشمل تحريك المركبة حول قاعدة الحافة الصخرية لاكتشاف المسارات التي سلكها سابقًا، مع توسيع نطاق الرؤية عبر استخدام كاميرات متعددة الزوايا.
كما تضمنت خطة العمل تركيزًا على دراسة الغلاف الجوي للمريخ، حيث تم تنفيذ مراقبات في فترتين زمنيتين مختلفتين: إحداهما قريبة من منتصف النهار، والأخرى في ساعات الصباح الباكر، وذلك لتقييم التغيرات اليومية في الأجواء. واشتملت كل فترة على تسجيل أفلام قصيرة ترصد العواصف الغبارية وحركة السحب باستخدام كاميرا "ناف كام" (Navcam)، إلى جانب قياسات كمية الغبار المنتشر في الأجواء. وضمن ملاحظات الصباح الباكر، تم التقاط أفلام إضافية تُظهر انتشار السحب في السماء المريخية بشكل شامل.